أبرز الأخبارعلم وخبر

“محكمة” تنشر مخالفة الدكتور أنطوان مسرة قرار المجلس الدستوري بشأن الانتخابات النيابية في بيروت الأولى

وضع عضو المجلس الدستوري الدكتور انطوان مسرة مخالفة في القرار المتخذ بشأن شرعية مجمل انتخابات 6 أيار 2018 وفي دائرة بيروت الأولى- مقعد الأقليات تنشره “محكمة” لأهميته والمعلومات الشاملة الواردة فيه:
أسجل مخالفة حول مجمل انتخابات 6 أيار 2018 وفي دائرة بيروت الأولى- مقعد الأقليات حيث ترد بالتفصيل شؤون عامة متعلقة بمجمل الانتخابات وحول دائرة بيروت الأولى- مقعد الأقليات.
تندرج المخالفة في إطار المادة 12 من قانون المجلس الدستوري رقم 250 تاريخ 1993/7/14 والمكرّرة في المادة 36 من النظام الداخلي في قانون رقم 243: “يسجل العضو او الأعضاء المخالفون مخالفتهم في ذيل القرار ويوقعون عليها وتعتبر المخالفة جزءًا لا يتجزأ منه وتنشر وتُبلغ معه”.
***
ان الانتخابات النيابية بكاملها في 6 أيار 2018 مشكوك بصحتها، الا في بعض النتائج التي تحتاج الى تحقق حول مدى تعبيرها عن إرادة شعبية.
يعود التشكيك بصحة مجمل انتخابات 2018 الى سببين جوهرين على الأقل ملازمين وغير متوفرين لصحة الانتخابات واردين بوضوح ودقة وتفصيل في: تقرير هيئة الاشراف على الانتخابات –انتخابات 2018 (كانون الثاني 2019، 360 ص، والجريدة الرسمية، ملحق العدد 3، 2019/1/18):
اولاً: انشاء الهيئة قانونًا، وليس عمليًا، أي بدون توفير الإمكانات المالية والإدارية واللوجستية. ان تشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات بالمرسوم 1385 تاريخ 2017/9/14 ، بدون توفير الإمكانات المالية والإدارية واللوجستية لعملها من قبل سلطة صلاحيتها تنفيذية، كما هو ثابت في التقرير الختامي للهيئة واستقالة احد أعضائها، هو مجرد اصدار مرسوم وليس إنشاء هيئة ناظمة، وهو بالتالي تحايل على مفهوم القانون الهادف في جوهره الى التنظيم والانتظام والفعالية.
ثانيًا: انتفاء مراقبة الانفاق الانتخابي ضمانًا للمساواة وتكافئ الفرص بين المرشحين.
غالبية الوقائع حول فقدان المعايير في شؤون انتخابية جوهرية الواردة في تقرير هيئة الاشراف على الانتخابات هي واردة ايضًا في: تقرير الجمعية اللبنانية من اجل ديمقراطية الانتخابات LADE (بيروت، 2018، 174 ص) ومؤتمرها الصحفي في 2018/11/27 وكذلك في عدة طعون مُقدمة الى المجلس الدستوري.
نورد في ما يلي سبعة أسباب، مع التركيز، في بند ثامن، على دائرة بيروت الأولى مقعد الأقليات حيث ترد اكثر المخالفات.

1- شرعية اقتراع اللبنانيين غير المقيمين

اولاً: وضوح الأسباب الموجبة
1. بما ان الأسباب الموجبة الواردة بوضوح في قانون الانتخاب رقم 44 تاريخ 2017/7/6 تلغي كل التباس او تأويل حول تفسير القانون بشأن شرعية اقتراع غير المقيمين المفترض ان يحصل في الانتخابات اللاحقة لدورة 2018 وليس في هذه الدورة، اذ يرد في الأسباب الموجبة بوضوح:
“كما تم اعتماد ستة مقاعد في مجلس النواب مُخصّصة لغير المقيمين تُحدد بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين تتم اضافتها الى عدد مقاعد أعضاء مجلس النواب ليصبح 134 عضوًا وذلك في الدورة الانتخابية التي سوف تلي الدورة الانتخابية الأولى، التي ستجري بعد إقرار مشروع القانون المعجل على ان يخفض في الدورة الانتخابية اللاحقة ستة مقاعد من عدد أعضاء المجلس الى 128 من نفس المذاهب التي خصصت لغير المقيمين، وقد وضعت آلية مفصلة للاقتراع في الخارج”.

2. وبما انه لا ترد اية إشارة، وحتى موجزة، حول انتخاب غير المقيمين في دورة 2018 وعلى أسس أخرى.

ثانيًا: في مضمون القانون وتطبيقه في ما يتعلق باقتراع غير المقيمين

3. وبما ان ما حصل من التباس وتناقض واشكالات وإعتراضات في بعض الطعون لدى المجلس الدستوري، وايًا كانت جدّية تنظيم الاقتراع لغير المقيمين، يُثبت، لبنانيًا وعلى المستوى العالمي والمقارن، الأهمية المعيارية لما ورد في قانون الانتخاب في لبنان على أساس اقتراع غير المقيمين في “المقاعد الستة لغير المقيمين” (المادة 122) وليس توزيعهم مناطقيًا على مختلف الدوائر الانتخابية في لبنان.
4. وبما ان المادة 111، في مستهل الفصل الحادي عشر من القانون المخصص “لاقتراع اللبنانيين غير المقيمين”، تنص على “حق غير المقيم بالاقتراع” بشكل عام، بدون ذكر لا تاريخية المباشرة بممارسة هذا الحق ولا تفاصيل الدوائر الانتخابية وهذا ما يرد في المواد التالية في هذا الفصل.
5. وبما ان حق الاقتراع لغير المقيمين، كما هو وارد بشكل عام في المادة 3، ليس حقًا مواطنيًا جوهريًا ومطلقًا droit fondamental بل حق مرتبط بتنظيم لممارسته:

المادة 3- في حق الاقتراع
لكل لبناني او لبنانية اكمل السن المحددة في الدستور سواء أكان مقيمًا ام غير مقيم على الأراضي اللبنانية، ومتمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية وغير موجود في احدى حالات عدم الاهلية المنصوص عليها في هذا القانون، ان يمارس حقه في الاقتراع.

6. وبما انه ورد صراحة في عنوان المادة 121: “الدائرة الواحدة بالنسبة لغير المقيمين”. وورد حول “الشغور في دائرة اللبنانيين المقيمين في الخارج” الاحتمالية التالية: “إذا شغر أي مقعد من مقاعد مجلس النواب في دائرة اللبنانيين المقيمين في الخارج…”
7. وبما انه على افتراض ان اقتراع غير المقيمين جائز في دورة 2018 فلا يجوز توزيع المقاعد على كل الدوائر حيث وردت عبارة “ستة مقاعد” “ودائرة انتخابية واحدة” تكرارًا في المواد 112، 118، 121، و122.
8. وبما ان المادة 122 تستثني اقتراع غير المقيمين في الدورة الانتخابية لسنة 2018:

المادة 122 – “يضاف ستة مقاعد لغير المقيمين الى عدد أعضاء مجلس النواب ليصبح 134 عضوًا في الدورة الانتخابية التي سوف تلي الدورة الانتخابية الأولى التي ستجري وفق هذا القانون،

ما يعني استثناء اقتراع غير المقيمين في الدورة الانتخابية الأولى.
9. وبما ان المرسوم رقم 2219 تاريخ 2018/1/22 حول دعوة الهيئات الانتخابية النيابية من مُقيمين ومن موظفين ومن غير مقيمين في جميع الدوائر الانتخابية المحدّدة بموجب القانون رقم 44 تاريخ 2017/6/17  يستند في تناوله اقتراع اللبنانيين غير المقيمين الى مواد غير نافذة inopérante في ما يتعلق باقتراع غير المقيمين، فلا جدوى على هذا الأساس من إعتبار المرسوم من الاعمال التمهيدية وغير المنفصلة عن العملية الانتخابية، ولا جدوى من تأكيد صلاحية المجلس الدستوري في هذا السياق بصفته قاضي الانتخاب وصفته المرجع الصالح للبت بالأعمال الإدارية التمهيدية طالما ان المرسوم، في ما يتعلق باقتراع غير المقيمين، يستند الى مواد قانونية غير نافذة.
10. وبما ان كامل الفصل الحادي عشر في القانون مُخصص لاقتراع غير المقيمين ويتضمن 13 مادة (111 الى 123) وهي مواد مُترابطة وغير قابلة للتنفيذ الا في الدورة الانتخابية التي سوف تلي الدورة الانتخابية الأولى:

المادة 122: يضاف ستة مقاعد لغير المقيمين الى عدد مجلس النواب ليصبح 134 عضوًا في الدورة الانتخابية التي سوف تلي الدورة الانتخابية الأولى التي ستجري وفق هذا القانون،

وبالتالي فان احكام هذا النص غير نافذة لدورة 2018 وتأكيدًا على ذلك نعود الى المادة 112:

المادة 112: ان المقاعد المخصّصة في مجلس النواب لغير المقيمين هي ستة، تُحدد بالتساوي ما بين المسيحيين والمسلمين موزعين كالاتي: ماروني- اورثوذكسي – كاثوليكي – سني – شيعي – درزي – وبالتساوي بين القارات الست.

11. وبما ان احكام الفصل الحادي عشر غير نافذة لدورة 2018 اذ تنص الفقرة 1 من المادة 118:

المادة 118 فقرة 1: يجري الاقتراع في الخارج على أساس النظام النسبي ودائرة انتخابية واحدة قبل 15 يومًا على الأكثر من الموعد المعين للانتخابات في لبنان (…)،

ما يعني تحديدًا لشكل الدائرة وليس عبر الدوائر الخمسة عشر المقررة للمقيمين.

12. وبما ان المواد 111 الى 123 مُتناسقة ومُترابطة اذ يرد العنوان التالي للمادة 123 من قانون الانتخاب: “في تطبيق احكام هذا الفصل”، ما يعني ان هذا الفصل قائم بذاته ومترابط بكامل مواده ولا يمكن للسلطة التنفيذية الاستناد الى أي من هذه المواد قبل ان تصبح نافذة بكليتها في الدورة الانتخابية التي تلي دورة 2018.
13. وبما ان دعوة اللبنانيين غير المقيمين الى الاقتراع تُشكل مخالفة جسيمة لشرعية السلطة.
14. وبما ان المرسوم غير القانوني، في ما لو كان صحيحًا، يوجب اقتراع اللبنانيين غير المقيمين في دائرة انتخابية واحدة تختلف عن الدوائر الخمسة عشر وفق ما حدّده المرسوم المستند الى المادة 118 من قانون الانتخاب، وبالتالي فان اجراء الانتخابات لغير المقيمين على أساس خمسة عشر دائرة انتخابية يكفي بحد ذاته لإعلان بطلان العملية الانتخابية برمتها حيث ان عملية اقتراع اللبنانيين غير المقيمين جرت الجمعة 2018/4/27 والأحد 2018/4/2  ضمن خمسة عشر دائرة انتخابية.
15. وبما ان دعوة اللبنانيين غير المقيمين للانتخاب في دورة 2018 وعلى أساس 15 دائرة انتخابية تُشكّل مُخالفة جوهرية تعرّض العملية الانتخابية بمجملها الى الابطال كون السلطة التنفيذية لم تحترم لا القانون ولا المرسوم المخالف للقانون.
16. وبما انه يستحيل التحديد حسابيًا لعدد الأصوات التي اثرت عليها هذه الممارسات.
17. وبما ان التغاضي عن هذه المخالفة لا يُشكل اجماعًا ذات صفة شرعية يمكن القبول به لان الشرعية الام هي المجلس النيابي والقانون الذي يصدره المجلس وليس أي واقع يستند الى ممارسات وسجالات ومصالح.
18. وبما ان المخالفة تجعل انتخابات 2018 مشوبة بالشكوك في شرعيتها وصحتها وصدقيتها.

ثالثًا: في مخالفات اجرائية

19. وبما ان المخالفة ترافقت مع مخالفة أخرى: تحديد رسم جواز السفر في الخارج بألف ليرة بقرار خلافًا لأحكام قانون الموازنة الذي حدّده بـ 60.000 ل.ل.
اما في ما يتعلق بالقرار رقم 668 عن وزير الداخلية حول فرز أصوات المغتربين في لجان القيد الابتدائية خلافًا لأحكام المادة 120 من قانون الانتخابات النيابية:

المادة 120: (…) في نهاية عملية الاقتراع يوم الاحد المحدّد لإجراء الانتخابات النيابية في لبنان، تُرسل المغلفات المذكورة مع باقي المستندات الانتخابية الى لجنة القيد العليا في بيروت لفرزها من قبلها وتوثيق نتائجها، وتراعي في هذه العملية القواعد المنصوص عليها في هذا القانون بخصوص سلامة النقل ومراقبة الفرز.

فتبين من تحقيق المجلس الدستوري في 2018/8/9 مع المسؤولين في وزارة الداخلية انه تم اعتماد الفرز من قبل لجان القيد الابتدائية بسبب استحالة إتمام الفرز، ماديًا وزمنيًا، نظرًا لحجمه في مدة زمنية معقولة واتخذ القرار استنادًا الى استشارة هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل.
20. وبما ان اجراء الانتخابات في الخارج بالنسبة لغير المقيمين على أساس تقسيمات الدوائر المعتمدة في لبنان يجعل الحملة الانتخابية في كل انحاء العالم مستحيلة، ماديًا وماليًا واعلاميًا، بالنسبة لأي مرشح في لبنان ويؤثر ذلك سلبًا على مبدأ المساواة بين المرشحين اذ يفيد غالبًا من يتمتع بموقع نفوذ في بنية السلطة او بقدرات مالية ضخمة. وفي حال شغور مقعد نيابي في دائرة لا يعقل تجنيد كل سفارات لبنان في كل القارات للمشاركة في الاقتراع الذي يتوجب اساسًا تحديده اجرائيًا لغير المقيمين في دائرة خاصة.
21. وبما ان الادعاء بتوفر تفاصيل القوائم الانتخابية للناخبين غير المقيمين على موقع وزارتي الداخلية والخارجية الالكترونية وانه يمكن للجميع الاطلاع عليها لا يدحض بذاته الشكوك حول توفر المعلومات المتعلقة بالناخبين المغتربين وهواتفهم او عبر عناوينهم الالكترونية بوزارة الخارجية، بخاصة اذا كان الوزير وبعض المرشحين المنتمين الى فريقه هم مرشحين في الانتخابات.
22. وبما انه تتوفر بيّنات حول حصرية توفر معلومات شخصية عن غير المقيمين تم الاتصال بهم بواسطة البريد الالكتروني من قبل فريق من المرشحين دون غيرهم.

رابعًا: في وضوح تاريخية اقتراع غير المقيمين
في مناقشة المجلس النيابي في 2018/6/16

23. وبما انه وردت في مداخلات للنواب في محاضر المجلس النيابي خلال مناقشة مشروع القانون في 2017/6/16  (124 ص) مقاربة للقانون على أساس تمثيل الاغتراب بالصيغة الواردة تحديدًا في نص القانون:

مروان فارس: خامسًا: نحن مع تمثيل الاغتراب بستة نواب من أصل العدد 128. ومن ثم إضافة 6 نواب على المقاعد الحالية (المحاضر، ص 46).
أنطوان زهرا: في المادة 112 وما يليها يجب ان نلاحظ انه في الدورة المقبلة منح المغتربين الحق في انتخاب عدد من النواب في الخارج. اخذنا منهم حقهم بالاقتراع للـ 128 في هذه الدورة، بينما كنا اعطيناهم إياه للدورة المقبلة في العام 2022 (المحاضر، ص 50).

24. وبما انه لدى قراءة المادة 122 حرفيًا من قبل النائب احمد فتفت حول اقتراع غير المقيمين، اقتصرت المناقشة على مدى شرعية تخصيص المقاعد في الدورة اللاحقة بمرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء وليس على انتخاب غير المقيمين في الدورة اللاحقة لدورة 2018 (المحاضر، ص 61).
25. وبما انه يتبيّن من هذه المحاضر توقف بعض النواب على الأمور التالية: تمثيل غير المقيمين، عددهم، طوائفهم، مشاركتهم في الحياة السياسية…، وليس على تاريخية اقتراعهم في الدورة اللاحقة لدورة 2018 (وائل أبو فاعور، المحاضر ص 62، وجبران باسيل، وبطرس حرب، ص 63، وسامي الجميل، ص 67، واغوب بقرادونيان، ص 69، والوزير معين المرعبي، ص 70، وأنور الخليل، ص 70-71).
26. وبما انه بعد هذه المناقشات يرد في محاضر مجلس النواب إقرار واضح بحق غير المقيمين في الاقتراع في الدورة التالية لدورة 2018:
أنطوان زهرا: دولة الرئيس، حق المغتربين من الانتخاب للمجلس كله سقط.
غسان مخيبر: النص ما زال واردًا، ينتخبون في الدورة المقبلة.
أنطوان زهرا: في الدورة المقبلة ينتخبون نوابهم في الخارج (المحاضر، ص 74).

خامسًا: مخالفة قواعد الصياغة التشريعية
27. وبما أنه بمجرد طرح الموضوع والتداول والنقاش والخلاف حول التفسير وتخصيص وقت لذلك خارج المجلس الدستوري وفي المجلس الدستوري هو بذاته الدليل القاطع للخلل في الصياغة التشريعية ويوجب الحث على الزامية الوضوح والمفهومية والبلوغية في الصياغة التشريعية.
28. وبما انه، استطرادًا، على افتراض شرعية اقتراع غير المقيمين في دورة 2018 فان القانون واسبابه الموجبة مخالفة لقواعد الوضوح والمفهومية والبلوغية clarté, intelligibilité et accessibilité في الصياغة التشريعية في مسألة أساسية وتأسيسية للشرعية الدستورية وهي قواعد يقتضي التقيد بها دستوريًا حرصًا على حسن تطبيق القانون وتجنب تعدد تأويلاته وعدم انحرافه، لان الدستور هو الذي يضفي على القانون شرعيته، وبخاصة ان المجلس النيابي في لبنان نظّم برنامجًا حول الصياغة التشريعية légistique واصدر دليلاً سنة 2018 حول الموضوع (الجمهورية اللبنانية، مجلس النواب، دليل مبادئ الصياغة القانونية، تقديم ا. نبيه بري، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، 2017، 102 ص).
29. وبما ان بعض النواب، بخاصة في 15/4/2018، دعوا رئيس المجلس النيابي الى:
“عقد جلسة طارئة للبت في موضوع اقتراع المغتربين عبر إضافة مادة تُؤكد حق المغتربين بالانتخاب تفاديًا للطعن (…) وهذا القانون حوّل العالم كله بقاراته الخمس الى دائرة انتخابية واحدة لأي مرشح من خلال عملية اقتراع المغتربين، ما يستوجب على المرشح التواصل مع جميع اللبنانيين المنتشرين في العالم اجمع لإقناعهم ببرنامجه الانتخابي والتصويت له، مما يشكل مخالفة لأي قاعدة انتخابية ديمقراطية، لا بل ان هذا الامر غير موجود في أي دولة في العالم، الا في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية حيث يشارك المنتشرون من دولة معنية بانتخاب رئيس بلادهم. الا ان انتخابات المواطنين المنتشرين حول العالم في الدول التي تمنح المنتشرين حق انتخاب النواب تتم من خلال انتخاب هؤلاء ممثلين عنهم في الاغتراب يُشاركون في المجلس النيابي باسمهم. كيف لي كمرشح (…) ان اطال ناخبين في استراليا وفنزويلا والأرجنتين وكندا وأوروبا والعالم العربي؟ هذا امر مستحيل. ان اقتراع المغتربين على هذا الشكل قد منح المرشحين الذين هم في السلطة (…) فرصة استعمال الأموال العامة لإجراء جولات الانتخابية تحت شعار مؤتمرات الطاقة الاغترابية، وهو ما يضرب مبدأ التنافس والمساواة بين المرشحين (…) وقد يتسّبب اقتراع المغتربين في تطيير الانتخابات نتيجة إمكانية الطعن بها، لان لا مادة في القانون الحالي تتحدث عن اقتراع المغتربين في الدورة الحالية ووفق آلية محددة (…). القانون الحالي يتطرق الى آلية انتخاب المغتربين في العام 2022 أي الدورة المقبلة ويتحدث عن انتخاب المغتربين ممثلين عنهم من الخارج وليس من لبنان” (النائب بطرس حرب).
30. وبما ان ما يُثبت ضرورة التوضيح هو ان القانون ذاته رقم 2017/44 الغى كل احكام القانون السابق للانتخابات النيابية في مادته 125 والتي كانت تنص على منح اللبنانيين غير المقيمين حق الاشتراك في انتخاب أعضاء مجلس النواب من المرشحين في لبنان وضمن الدوائر الانتخابية المحدّدة في لبنان وفق النظام الانتخابي المعتمد في لبنان، واستبدله بمنحهم حق انتخاب ستة نواب تُحدد بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين (المادة 112) وعلى “ان يجري الاقتراع في الخارج على أساس النسبي ودائرة انتخابية واحدة…” (المادة 118) وليس على أساس خمسة عشر دائرة وفي الدورة الانتخابية التي تلي دورة 2018،
ما يعبّر عن إرادة واضحة من المشرّع في العدول عن هذا السياق في انتخاب غير المقيمين في كل الدوائر الانتخابية في لبنان،
وما يعني الضرورة في الصياغة التشريعية ان يشمل الاستثناء الوارد في المادة 125 انتخاب اللبنانيين غير المقيمين في دورة 2018 في حال توخى المشرّع ذلك:
المادة 125- في الغاء النصوص المخالفة: تلغى جميع النصوص المخالفة لأحكام هذا القانون، لا سيما القانون رقم 25 تاريخ 2008/10/8 ، باستثناء احكام المواد المتعلقة بالانتخابات النيابية الفرعية في ما يخص الحالات التي يُطبق فيها نظام الانتخاب الاكثري والانتخابات البلدية والاختيارية.

2 – دستورية القانون الانتخابي الذي لم يُطعن به

31. يتضمن القانون الانتخابي رقم 44 تاريخ 2017/7/6 والذي لم يُطعن به امام المجلس الدستوري خرقًا لمبادئ دستورية عديدة، مع الاعتبار انه يتوجب التمييز بين نفاذ أي قانون لم يتم الطعن به امام المجلس الدستوري وبين صلاحية المجلس الدستوري وموقعه على المستوى الوطني والقضائي في مراقبة دستورية القوانين في حال تقديم الطعن في هذه القوانين او في معرض إتخاذ أي قرار مرتبط بقوانين نافذة. فلا يقرر المجلس وقف العمل بهذه القوانين النافذة loi écran، بل يُنبّه ويُرشد ويُوجه ويستشرف ضرورات انسجام المنظومة التشريعية مع المبادئ الدستورية.
32. بما ان القانون يُشكل خرقًا لمبدأ الهيئة الانتخابية الموحدة collège électoral unique الذي هو من الثوابت اللبنانية تطبيقًا “لميثاق العيش المشترك” في مقدمة الدستور اللبناني، اذ منذ 1920 يرد باستمرار في كل التشريعات الانتخابية وفي المادة 2 ب من القانون الجديد:

المادة 2- ب: يقترع جميع الناخبين في الدائرة الانتخابية على اختلاف طوائفهم للمرشحين عن تلك الدائرة.

33. بما انه بموجب مبدأ الهيئة الانتخابية الموحدة ينتخب اللبنانيون من مختلف الطوائف مرشحين من طوائف متعددة، خلافًا لما حصل على سبيل المثال في تقسيم بيروت الانتخابي مع فرز طائفي لبيروت.
34. وبما انه لم تعتمد معايير موحدة في تقسيم الدوائر الانتخابية ويثير تقسيم القانون للدوائر مشكلتين رئيسيتين: 1) فقدان القانون الى وحدة المعايير في تقسيم الدوائر و2) عدم المساواة في عدد المقاعد وبالتالي في قوة الصوت الانتخابي لكل مواطن. في بعض الحالات تم تقسيم الدوائر الانتخابية الى دوائر صغرى وفي بعض الحالات لم يتم هذا فإذا كان الأمر مفهومًا في دوائر كأقضية المتن-زحله- بعبدا اذ تشكل الوحدة التي فيها “القضاء” فإنه ليس مفهومًا في حالات أخرى كما في دائرة بعلبك – الهرمل المكّونة من قضائين او في دائرة راشيا والبقاع الغربي او دائرة حاصبيا ومرجعيون. وهناك المحافظة التي قسمت الى دائرتين انتخابيين كما في بيروت الأولى وبيروت الثانية، مما يدل على غياب المعايير في تقسيم الدوائر.
هناك معضلة في قيمة صوت كل مواطن بالنسبة لعدد المقاعد: عدد المقاعد في كل دائرة ليس متساويًا او حتى متقاربًا. يكفي اللائحة في الشوف- عاليه ان تحصل على 96، 7% من أصوات المقترعين لتفوز بمعقد، فيما على اللائحة المرشحة في صيدا- جزين الحصول على 20% من أصوات المقترعين.
ويشوب القانون عدد من البنود تساهم في ترسيخ النظام الاكثري عوضًا عن النسبي إضافة الى حصر المنافسة الانتخابية بين الأحزاب السياسية الأقوى وانشاء تحالفات انتخابية واقتراعية ظرفية وليس تحالفات سياسية. تتحوّل بالتالي الانتخابات الى معارك فردية بين المرشحين عوضًا عن معركة على البرنامج الانتخابي للوائح المتنافسة وتعطي الأولوية للمرشح على حساب لائحته.
35. وبما ان سقف الانفاق يعلو على مفهومي التحديد والسقف ويسيء بالتالي الى مبدأ المساواة بين المواطنين، فتحديد سقف مرتفع للانفاق الانتخابي قد يصل الى ملايين الدولارات في بعض الأحيان ويشمل سقفًا ثابتًا لكل مرشح (150 مليون ل.ل) وسقفًا متحركًا لكل مرشح (5.000 ل.ل. عن كل ناخب ضمن الدائرة الكبرى) وسقفًا ثابتًا للائحة (150 مليون ل.ل) عن كل مرشح ضمن اللائحة. ليس هذا السقف بالواقع سقفًا لكونه مرتفع جدًا ويؤثر على تكافئ الفرص بين المرشحين.
36. وبما يتوجب اجراء مناقشات حول شرعية التبريرات المعطاة لحظر اقتراع العسكريين والذي يؤثر في عدد لا يستهان به من الأشخاص.
37. وبما ان القانون المُسمى نسبيًا هو واقعًا نسبيتان: نسبية على أساس الطوائف ونسبية على أساس حجم الأصوات ما ينتج عنه خمس إشكاليات حسابية ومبدئية: اعتماد صوت تفضيلي، خرق لمفهوم اللائحة الانتخابية وتضامنها، نشوء تحالفات اقتراعية ظرفية وليس تحالفات تتمتع بالتضامن والاستمرارية تمهيدًا لتشكيل أكثرية واقلية في المجلس النيابي، افتعال حرب أهلية مصغرّة ضمن اللائحة الانتخابية الواحدة، تعميم أميّة انتخابية analphabétisme électoral ليس بالنسبة الى الاقتراع الذي يبدو سهلاً لأي ناخب، بل بسبب صعوبة حساب النتائج من قبل الناخب وحصر الخبرة باختصاصيين في العملية الانتخابية واستباقهم تحالفاتها ونتائجها gerrymandering.

3 – انتخابات بدون هيئة اشراف فاعلة ومراقبة الانفاق والاعلام والاعلان

38. بما ان القانون رقم 44 تاريخ 2017/7/6  خصّص فصلاً ثالثًا وفي المواد 9 الى 23 بعنوان: “في الاشراف على الانتخابات” كشرط أساسي condition substantielle لصحة الانتخابات ومراقبتها، ومع التشديد بالنسبة لعضوية الهيئة ب “الخبرة الواسعة في اختصاصات مرتبطة بالانتخابات” (بما فيه ادارتها وتمويلها والدعاية المرتبطة بها، المادة 10-ط) “وذوي الخبرة في الانتخابات” (المادة 10 –ي).
39. وبما انه اثباتًا للدور الأساسي للهيئة تفادى القانون أي فراغ (المادة 10-3)، وحدّد مهلة لإنشاء الهيئة قبل اجراء الانتخابات (المادة 11)، ولحظ “استمرارية الهيئة القائمة بمتابعة مهامها لحين تعيين هيئة جديدة” (المادة 11)، ويتفادى القانون “الشغور” في المادة 12:

المادة 12- في الشغور: في حال شغور مركز أحد الأعضاء لأي سبب، تُعلن الهيئة حصول الشغور ويبلغ رئيس الهيئة الامر خلال أسبوع الى الوزير لأخذ العلم واتخاذ الإجراءات اللازمة لتعيين البديل.
يُعين العضو البديل خلال مدة أقصاها خمسة عشر يومًا من تاريخ اخذ العلم، بالطريقة ذاتها التي جرى فيها تعيين العضو الأصيل وللمدة المتبقية من ولايته.

40. وبما ان وجود هيئة اشراف على الانتخابات، ليس قانونًا، بل ايضًا عمليًا، ومراقبة الانفاق الانتخابي هما شرطان اساسيان لصحة الانتخابات ونزاهتها وضمان لتكافئ الفرص والمساواة بين المرشحين وشرطان كافيان، في حال عدم توفرهما، لاعتبار مجمل انتخابات 2018 ملغاة.
41. وبما انه يرد بوضوح، ودقة في التفاصيل. ان هذين الشرطين الجوهريين لم يكونا متوفرين في انتخابات 2018، اذ يُستخلص من تقرير هيئة الاشراف على الانتخابات –انتخابات 2018 (360 ص، والجريدة الرسمية، ملحق العدد 3، 2019/1/18 ، 342 ص) ان الهيئة أنشأت قانونًا لان وجودها شرط جوهري لصحة الانتخابات، ولم تنشأ عمليًا مع توفير الشروط الإدارية والمالية لفعاليتها كما يرد في مقدمة رئيسها نديم عبدالملك:

“واجهت الهيئة عراقيل مالية وإدارية وبشرية ولوجستية وصعوبة في التنسيق مع وزير الداخلية والبلديات…”(المقدمة):
“انشغلت الهيئة لفترة طويلة بأعمال لوجستية والى استنفاد طاقاتها بسبب عدم توفر الجهاز الإداري والفني المؤهل للقيام بمثل هذه الاعمال” (ص 18).
“ان الهيئة ليست مستقلة بالمفهوم المالي وحتى الإداري…” (ص 25)
“اضطرت الهيئة الى “الاستعانة بأشخاص من خارج الإدارة الذين تنقصهم الخبرة والمعرفة والمراس في العمل الإداري والمكتبي المطلوبين (…)”
“رأت الهيئة نفسها محرجة تجاه مطالبهم المستمرة بدفع المستحقات لهم مع تهديد بعضهم بترك العمل” (ص 27)
“انتهت مرحلة من اكثر المراحل تعقيدًا وغرابة في مسار العمل الإداري والمالي في الدولة ولكن بعد مرور سبعة اشهر بالتمام على تعيين الهيئة” (ص 31).
42. عرضت السيدة سيلفانا لقيس، عضو الهيئة، في 20/4/2018 في كتاب استقالتها: “استحالة القيام بمهمتها لتأمين حرية ونزاهة وشفافية الانتخابات وفق ما يقتضيه القسم الذي أدته يوم تعيينها وكي لا تكون شاهد زور على عجز الهيئة عن أداء مهامها وذلك بسبب عدم توفير الموارد المالية والبشرية الضرورة ومماطلة الجهات الرسمية في هذا الشأن لعدم تمكين الهيئة من القيام بمهامها (…) وانها لم ترضَ ان تكون جزءًا من ديكور يُراد منه الإيحاء ان الأمور منتظمة وان السلطات العامة وضعت اطارًا ضامنًا لعدالة الانتخابات ونزاهتها” (ص 39-40)

43. لكن “حرص الهيئة على إجراء الانتخابات في موعدها…” (ص 40) كان سببًا في استمراريتها. يرد في التقرير:

“(انه) بصورة اشمل وأعم جزءً من المشكلة التي تعترض جميع مؤسسات الرقابة في الدولة وان الخلل يكمن في طبيعة التعاطي مع هذه المؤسسات ومنها هيئة الاشراف على الانتخابات” (ص 41)

44. اما في شأن الاعلام والاعلان في الانتخابات تورد الهيئة “الإعلانات الانتخابية المستترة” (ص 77) “وفقدان التوازن في الظهور الإعلامي” (ص 83) وان “اربع عشر لائحة حازت مجتمعة نحو 63% من نسبة التغطية التلفزيونية” (ص 89). يرد في التقرير:

“طغت الأحزاب والتيارات السياسية المعروفة بحصولها على مجمل ساعات التغطية التلفزيونية والاذاعية. ولا يمكن استغراب ذلك مع تواجد هذه الأحزاب في الحكومة الحالية وفي المجلس النيابي. كما يشار الى ان غالبية وسائل الاعلام المرئي والمسموع يتبع الى هذه الأحزاب والتيارات بالملكية والإدارة او يدور في فلكها السياسي” (ص 99)

45. ورصدت الهيئة 900 مخالفة ارتكبتها وسائل الاعلام (ص 137):

“افتتحت غالبية وسائل الاعلام المرئية والمسموعة فترة الصمت صبيحة يوم السبت في 5/5/2018 بمجموعة المخالفات…
(ص 166). وبلغ مجموع المخالفات المرصودة بدءًا من منتصف يوم 2018/5/5  المتزامن مع فترة الصمت 131 مخالفة (…). تشير النتائج المستعرضة بوضوح الى عدم احترام وسائل الاعلام المشاركة في الانتخابات احكام فترة الصمت وموجباتها” (ص 168).
” (…) تصرفت وسائل الاعلام ابان فترة الصمت في غالبيتها وكأنها مازالت في خضم الحملة الانتخابية” (ص 175).
تورد الهيئة العجز في مراقبة الانفاق بخاصة من خلال المصارف (ص 185) “وتشعب حسابات الانفاق والتمويل بين ما هو عائد للمرشح وللحزب واللائحة وما كان متوفرًا للهيئة السابقة من تسهيلات وإمكانات بشرية وفنية فاقت بكثير ما توفر منها للهيئة الحالية…” (ص 187).

46. بالرغم من كل هذه العوائق والجهود في أوضاع شبه مستحيلة، لم تتواصل الهيئة مع الرأي العام في سبيل التوعية والحث على الممارسة المواطنية الواعية والتعبير عن معاناتها. اعتمدت الهيئة عدم مخاطبة الرأي العام اللبناني ولم تُعلم عن الإجراءات التي قامت بها وتكتمت حيال المشاكل المالية والإدارية التي عانت منها، إضافة الى اشتباكها مع وزارة الداخلية والبلديات سواء عبر تأخير الميزانية وعبر عدم تسهيل فرز موظفين عامين للعمل لمصلحة الهيئة بحسب ما يتيحه القانون، او عبر الانقضاض على بعض المهام التي منحها القانون للهيئة ومن أبرزها التثقيف الانتخابي حيث عمدت وزارة الداخلية الى الحصول على التمويل للقيام بحملة إعلامية تثقيفية كان يجب ان توكل الى الهيئة.
47. وبما انه يرد في تقرير الجمعية اللبنانية من اجل ديمقراطية الانتخابات LADE (بيروت، 2018، 174 ص) ومؤتمرها الصحفي في 2018/11/27  فقدان المعايير في شؤون انتخابية جوهرية.
48. وبما انه خُصص الفصل الخامس (المواد 56 الى 67) لتحديد وضبط ومراقبة الانفاق الانتخابي في حين يتبيّن من مجمل العملية الانتخابية غياب التحديد والضبط والمراقبة وهي كلها شروط أساسية substantielles لصحة الانتخابات وتعرّض أي انتخاب، استنادًا الى اجتهادات دستورية مقارنة ومستقرة، الى الابطال لان مراقبة الانفاق تتعلق بمبدأ المساواة بين المرشحين.
49. وبما انه خصصّت في الباب السادس بعنوان: “في الاعلام والاعلان الانتخابيين” مواد عديدة لمراقبة وضبط الاعلام والاعلان الانتخابيين (المواد 68 الى 83) بخاصة احترام فترة الصمت الانتخابي.
50. وبما ان قانون الانتخاب ميّز بين التغطية الإعلامية المجانية للمرشحين وبين الدعاية الانتخابية ولم يتم التقيد بالتمييز بين التغطية والدعاية الانتخابية.
51. وبما ان وزارة الداخلية والبلديات وضعت يدها على حملة التثقيف الانتخابي للمواطنين ولم تقم بهذه الحملة بشكل واسع مما جعل المواطنين والمواطنات رهينة الماكينات الانتخابية التي أصبحت العنصر الأول للمعلومات بالنسبة للناخبين والناخبات.
52. وبما انه مع اصدار قانون انتخابات جديد يتضمن العديد من التغيرات برز غياب لحملة تثقيف انتخابي واسعة تقوم بها المؤسسات العامة وربما عن قصد لترك المواطنين والمواطنات رهينة الماكينات الانتخابية.
53. وبما انه من نتائج النقص في التثقيف الانتخابي وصول عدد الأوراق الملغاة في انتخابات 2018 الى 38،909 و15029 ورقة بيضاء مقابل 11،390 ورقة الغيت العام 2009 و12.592 ورقة بيضاء (تقرير الجمعية اللبنانية من أصل ديمقراطية الانتخابات، ص 8). ان نسبة الأوراق الملغاة مقارنة بعدد المقترعين في انتخابات 2018 تظهر ان ما يقارب 2% من الأصوات الغيت وهي نسبة مرتفعة اذ توازي قيمتها اكثر من مقعدين نيابيين. انها تضيء الى أهمية التثقيف الانتخابي والدور الذي لم يتم اداءه والذي أدى الى هدر عدد كبير من الأصوات والى وضع عدد كبير من المواطنين والمواطنات تحت رحمة الماكينات الانتخابية (تقرير LADE، ص 7-8).
4 – الحكومة المشرفة على الانتخابات

54. وبما انه يرد في القانون بالتفصيل، في المادتين 6 و8، حالات عدم الاشتراك في الاقتراع وحالات عدم الاهلية للترشح واشتراط الاستقالة قبل مدة محدّدة حرصًا، كما يرد في تعليل سائد، على عدم استغلال الوظيفة العامة وعلى حيادية السلطة، في حين تضم الحكومة التي أشرفت على الانتخابات 16 وزيرًا مرشحًا بمن فيهم وزير الداخلية، بما يُشكل في آن تناقضًا في النص التشريعي الواحد واقصاء من الترشح لفئات واسعة من المواطنين الذين يتمتعون بخبرة في إدارة الشأن العام.
55. وبما ان اعلان الوزراء المرشحين عن حيادهم في الانتخابات لا يُعتد به: اولاً لأنه قد ينسحب على موظفين آخرين ورؤساء بلديات تم اقصاؤهم على أساس فرضية مُسبقة بعدم حيادهم، وثانيًا لأنه من واجب الحكم الرشيد تجنب كل ما يثير الشكوك واعتماد كل ما يثير الثقة لدى المواطنين التي هي أساس الشرعية.
56. وبما ان بعض الوزراء خلطوا بين حملتهم الانتخابية ودورهم كوزراء وبين موارد وصفحات الوزارة والحملة الانتخابية. ولم تكن ممارسة الوزراء توحي بأنهم يفصلون بين مهامهم وصلاحياتهم ومواردهم كوزراء مكّلفين بإدارة الشأن العام لصالح كل المواطنين وبين كونهم مرشحين للانتخابات. وربط بعض الوزراء مهامهم الوزارية ودورهم في إدارة الانتخابات وتصوير هذا الدور بالناجح وبين حملتهم الانتخابية. ولم يميّز بعض الوزراء على وسائل التواصل بين تسويقه لنفسه كمرشح وبين دوره كوزير يدير الانتخابات مع تصوير إنجازات الانتخابات وكأنها إنجازات شخصية.
57. وبما ان قمة الفساد ان يضع أي مسؤول في الحكم نفسه فوق المحاسبة.

5 – معزل غير عازل تمامًا

58. وبما ان المعزل المعتمد الضامن المادي لسرية الاقتراع، وخلافًا في شكله للدورات الانتخابية السابقة، هو غير عازل تمامًا اذ يترك مجالاً، بسبب ضخامة ورقة الاقتراع وحركة اليد الى اعلى او أسفل في تسجيل الصوت التفضيلي، في استكشاف اقتراع بعض الناخبين.
59. وبما انه تم حصول خرق واسع للمادة 95 الفقرة الرابعة (سرية الاقتراع) والمادة 96 الفقرة الأولى (اقتراع ذوي الاحتياجات الخاصة) اذ سُجل في كل المناطق اللبنانية مرافقة مندوبي اللوائح لعدد كبير من الناخبين الى خلف العازل بحجة الامية والاعاقة من دون التحقق من الحاجة الى المرافقة ومن دون تسجيل هذه الواقعة في المحاضر، ما يمثل خرقًا بسرية الاقتراع وضغطًا على الناخبين داخل الأقلام وخلف العازل.

6 – الطعن حصرًا بالمرشح المنافس او باللائحة

60. وبما ان صلاحية المجلس الدستوري تشمل “صحة الانتخابات النيابية” (المادة 32 من قانون المجلس الدستوري رقم 50 تاريخ 1993/7/14)، بمعزل عن طبيعة أي قانون انتخابي، اكثريًا ام نسبيًا، اذ ورد في القانون رقم 243 في المادة 45 (النظام الداخلي للمجلس الدستوري):

المادة 45: يتولى المجلس الدستوري الفصل في صحة الانتخابات النيابية، والبت في الطعون والنزاعات الناشئة عنها.
61. وبما ان المادة 36 تحصر الطعن بالمرشح المنافس الخاسر:
المادة 46: يقدم الطعن في صحة نيابة نائب منتخب من أي مرشح منافس خاسر في دائرته الانتخابية (…)
62. وبما انه، مع الإقرار باختلاف قانون الانتخاب النسبي عن القانون الانتخاب الأكثري المعتمد سابقًا، ومع الإقرار بشمولية صلاحية المجلس الدستوري حول صحة الانتخاب، فان حصر الطعن بالمرشح المنافس، وليس باللائحة، يعود الى أبرز ركائز النظام الانتخابي اللبناني والمادة 2 المتكررة منه في كل القوانين الانتخابية والمتعلقة بمبدأ الهيئة الانتخابية الموحدة collège électoral unique أي نقيضًا لاقتراح ما سُمّي “المشروع الاورثوذكسي”. فمن حيث المبدأ ناخبون من عدة طوائف ينتخبون مرشحين من عدة طوائف، حرصًا على “ميثاق العيش المشترك” في مقدمة الدستور اللبناني وعلى التعاون بين الطوائف، وبالتالي التنافس الانتخابي هو داخل الطوائف intraconfessionnel وليس بين الطوائف interconfessionnel فالمرشح الماروني لا ينافسه مرشح سني بل مرشح ماروني آخر في إطار قاعدة التخصيص او التمييز الإيجابي.
63. وبما انه، مع الإقرار في القانون النسبي بشمولية الطعن بالمرشح المنافس واللائحة، فأن تحويل المنافسة الى منافسة بين الطوائف interconfessionnelle يُشكل انحرافًا عن روحية النظام الانتخابي اللبناني ومبادئه التأسيسية وخرقًا لهدف “تخطي الطائفية” الوارد في الدستور اللبناني.
64. وبما انه استنادًا الى مبدأ الهيئة الانتخابية الموحدة قد يناقض الصوت التفضيلي الوحيد هذا مبدأ في حمله الناخب على التصويت التفضيلي لمن هو حصرًا من طائفته ما يتنافى مع هدف تجاوز الطائفية في الدستور اللبناني.
7 – الضغط النفسي
65. وبما ان التقديمات المبررة في قانون الانتخاب انتجت تبعية منظمة لصالح مرشحين يتمتعون بنفوذ سياسي ومالي فيتحول المواطنون من ناخبين الى كتل اقتراعية مُستتبعة في معيشتها اليومية من خلال أقساط مدرسية وجامعية ودفع فحوصات طبية متنوعة، ومساعدة نواد رياضية ووعود بتأمين وظائف.
66. وبما انه يتوجب التمييز بين الضغط المادي (قوة، ترهيب، منع، اكراه…) والضغط النفسي النابع من مصادر عديدة أبرزها استتباع من خلال سياسات توظيف فئوية، واستيلاء على خدمات عامة يجب ان توفرها اساسًا الإدارات العامة لصالح المواطنين كافة.
67. وبما ان المادة 62 فقرة 2 من قانون الانتخاب:

المادة 62 فقرة 2: لا تعتبر محظورة التقديمات والمساعدات المذكورة أعلاه اذا كانت مُقدمة من مرشحين او مؤسسات يملكها مرشحون او أحزاب درجوا على تقديمها بذات الحجم والكمية بصورة اعتيادية ومُنظمة منذ ما لا يقل عن ثلاث سنوات قبل بدء فترة الحملة الانتخابية.

تُشكل هذه المادة، خلافًا للمبادئ الدستورية ولدور الإدارات العامة في تأمين الخدمات العامة، وخلافًا للسلوك المواطني الحر، تنظيمًا لسياسات الاستتباع والزبائنية على حساب عصرنة الإدارة اللبنانية العامة في لبنان وخدماتها وبالتالي مصدرًا للضغط النفسي على كتل اقتراعية وليس انتخابية.
68. وبما ان اشتراط قانون الانتخاب حول ديمومة “الخدمات” واستمراريتها وانتظامها طيلة ثلاث سنوات هو تنظيم مُمنهج للتبعية على حساب حرية الناخبين بفضل عصرنة الإدارة وخدماتها كافة.
69. وبما انه يتوجب التمييز في أي قانون انتخابي بين اعمال الرعاية mécenat التي تستهدف تنمية التراث والاداب والفنون والشأن العام الجامع والمشترك وبين “التقديمات والمساعدات” التي تستهدف افراد وجماعات وهي اساسًا من صلاحية الإدارات العامة والسياسات العامة التربوية والاجتماعية والاقتصادية.

لكل هذه الأسباب:
1. الإرادة الشعبية: يسيء الابطال الشامل الى النواب المنتخبين بفضل الإرادة الشعبية، واستطرادًا وفي مطلق الأحوال يستحيل على المجلس الدستوري اجرائيًا وزمنيًا مراجعة حسابات الأصوات في كل الدوائر الانتخابية.
2. استقرار المؤسسات: لا يجوز، حرصًا على استقرار المؤسسات، إحداث إضطراب شامل في كل النتائج الرسمية والدوائر كافة حتى تلك التي لم يتقدم بشأنها أي طعن.
3. الأمان التشريعي والثقة المشروعة: ان مبدأ الأمان التشريعي والذي يستند الى الثقة المشروعة sécurité juridique et confiance légitime ينطبق بالكامل على الحالة الراهنة لجهة المواطنين المقترعين وغير المقترعين وهو يعلو على القانونية الوضعية. لكنه يقتضي ان ينبع، لجهة الحكام، من تطبيقهم للقانون المصدر الأساسي للثقة بالحكام والمؤسسات والدولة. وعدم التقيد بالقانون في انتخابات 2018، هو مصدر تشكيك ذو تأثير سلبي على صدقية الانتخابات.
4. دورية الانتخابات: ان العودة الى انتظام دورية الانتخابات، بعد تأخير في إقرار قانون انتخابي جديد، وبعد التمديد غير الشرعي للمجلس النيابي المنتخب سنة 2009 ثلاث مرات، تُشكل هذه العودة أولوية دستورية تحول:
اولاً: دون الغاء انتخابات 2018 برمتها بسبب مخالفات جوهرية،
وثانيًا: حرصًا على استمرارية المؤسسات وعلى الدولة في دولة الحق، ولكن شرط عدم إعتبار القرار سابقة يُعتد بها في أي مخالفة او مخالفات انتخابية في المستقبل وعلى العكس اعتباره حثًا على تجنب المخالفة.
5. الابطال في بعض الدوائر: لا يحول هذا القرار حول المخالفات العامة دون ابطال الانتخاب في بعض الدوائر لأسباب خاصة بتلك الدوائر كما هو وارد في مخالفتنا في البند 8.

8 – دائرة بيروت الأولى- مقعد الأقليات

أسجل مخالفة على القرار للأسباب الأربعة التالية في انتخابات بيروت الأولى – مقعد الأقليات.

أولاً: موجب الشفافية
1. بما أنه يظهر من مراجعة الطعن غياب الشفافية تحججًا بتفسيرات مجتزأة للقانون، في حين ان قانون الانتخابات يتصّف، في كل بنوده، بإرادة تحقيق الشفافية، مراقبة وماليًا واعلاميًا وتثقيفًا، والممارسات العديدة الواردة في مراجعة الطعن تتصّف بتجزئة التفسير تهربًا من موجبات القانون.
2. وبما ان موجب الفقرة الأخيرة من المادة 107 حول “ابلاغ وزير الداخلية والبلديات النتائج النهائية الرسمية الى المجلس الدستوري والى رئيس المجلس النيابي” لا يعني حظرًا على الاستجابة لطلبات محقّة من قبل مرشحين يسعون للتأكد من معلومات غير موثوقة.
3. وبما أنه، مع الاقرار بدقة تفاصيل التحقيق حول نتائج فرز بعض الأقلام في دائرة بيروت الأولى وحول ادخال نتائج بعض الأقلام على الحاسوب والتوقيت التفصيلي في الادخال فان هذه الحالات بالذات تبيّن صحّة ما يرد في مراجعة الطعن من شكوك حول وقائع أخرى – ولا نقول بالضرورة تزويرًا متعمّدًا وثابتًا – في دائرة بيروت الأولى وتحتاج الى تحقيقات تفصيلية ولكن شبه مستحيلة بسبب كثافتها.
4. وبما ان مراجعة الطعن حول انتخابات دائرة بيروت الأولى تبيّن علاقة سلطوية استعلائية بين المواطنين والإدارة العامة من خلال المراجعات المتكرّرة للجهة الطاعنة لدى وزارة الداخلية للحصول على معلومات موثوقة حول مجرى الانتخابات، مما يبيّن منبع انعدام الثقة وضعف مشروعية المؤسسات لدى المواطنين ويُبرر تشكيكًا جديًا في صحة مجمل انتخابات 2018 والانتخاب في دائرة بيروت الأولى – مقعد الأقليات.
5. وبما ان حجب المعلومات يطرح التساؤلات التالية: لماذا اصدار قانون حول الوصول الى المعلومات؟ ولماذا هيئة اشراف على الانتخابات؟ ومراقبة الاعلام الانتخابي؟ والتثقيف الانتخابي؟ وحق المراقبة من قبل هيئات المجتمع…؟، وكلها شروط واردة في التشريع اللبناني وقانون الانتخاب بالذات، اذا كانت المطالبة تواجَه عمليًا بالعوائق والاستخفاف والرفض.
6. وبما ان غياب الشفافية في الانتخابات والاستغلال الآداتي للقانون ورفض مراجعات المرشحين… تُؤثر سلبًا على الثقة والمشروعية.
7. وبما أن الجهة الطاعنة تقدّمت بمراجعات عديدة ومتكرّرة لوزارة الداخلية في سبيل الاطلاع والحصول على معلومات موثوقة تعبيرًا عن حسن نيّة وتجنبًا للتعسف لاحقًا في اللجوء الى القضاء ولم تحصل على استقبال لائق ولا على أجوبة ولا على مجرد مساعدة.
8. وبما أن كل المراجعات الواردة في الطعن تجاه وزارة الداخلية تُشكل في آن هدرًا للوقت ومعاناة للمواطنين وإساءة الى المسار القضائي السليم وللقيّمين على الشأن العام وتوفر بيّنة ان الإدارة تسعى الى إخفاء شيء ما وتؤسّس لحالة انعدام ثقة ومشروعية في مسألة لا تتصّف بتاتًا بطابع السريّة في ما يتعلق بالأمن القومي أو بالطابع الشخصي الصرف، فينتج عن تقاعس الإدارة في توفير معلومات ذات طابع عام وغير سريّة هدرًا لوقت العديد من الأشخاص: كاتب العدل، المباشر، صاحب العلاقة، موظفو وزارة الداخلية، هيئة الاشراف على الانتخابات، القضاء العدلي، القضاء الإداري…
9. وبما أن الجهة الطاعنة تورد أكثر من ثماني مراجعات بدون جدوى:
– بتاريخ 2018/5/9 طلبت الجهة الطاعنة من وزارة الداخلية الحصول على مستندات.
– بتاريخ 2018/5/10 وجّهت الجهة الطاعنة بواسطة المباشر المساعد القضائي كتابًا الى وزارة الداخلية ورُفض التبليغ وتم “طرد المباشر ومواكبته خارج الوزارة ومنعه من ترك الأوراق”.
– تقدمت الجهة الطاعنة بطلب الى قاضي العجلة بتاريخ 2018/5/11 وتبلغت الوزارة الكتاب وفيه تحريف للمادة 104 من قانون الانتخاب:

المادة 104: 1. يُعلن الرئيس على اثر فرز أوراق الاقتراع الرسمية النتيجة المؤقتة ويُوقع عليها ويلصق فورًا الإعلان الذي يتضمن النتيجة هذه على قلم الاقتراع، ويعطي كلاً من المرشحين أو مندوبيهم صورة طبق الأصل عن هذا الإعلان بناءً لطلبهم.
2. يتضمن الإعلان عدد الأصوات التي نالتها كل لائحة وعدد الأصوات التفضيلية التي نالها كل مرشح.

ونصت المادة الأولى من القانون رقم 2017/18:

المادة 1 – يحق لكل شخص طبيعي أو معنوي الوصول الى المعلومات والمستندات الموجودة لدى الإدارة والاطلاع عليها….

– بتاريخ 2018/5/24 تقدمت المستدعية بطلب أمام رئيس مجلس شورى الدولة الذي اتخذ قرارًا بإبلاغ الدولة اللبنانية – وزارة الداخلية – الطلب والزامها بأن تقدم ملاحظاتها في فترة أسبوع من تاريخ تبلغها الطلب.
– بتاريخ 2018/6/5 كرّرت الوزارة رد الطلب.
– تقدمت الجهة الطاعنة بطلب لدى هيئة الاشراف على الانتخابات في 2018/5/24  وأجابت الهيئة في 2018/5/28 (كتاب رقم 539 هـ) توضح فيه أن الهيئة ليس لديها أي من المستندات المطلوبة وأحالت الطلب الى وزارة الداخلية كونها هي صاحبة الصلاحية والتي، حسبما ورد في مراجعة الطعن، “لم تر ضرورة للإجابة عليه ولا الى مراجعتنا بهذا الخصوص” (ص 12) وبالتالي يبيّن كتاب رئيس هيئة الاشراف على الانتخابات على أمرين أساسيين:
– عدم قيام لجنة القيد العليا في دائرة بيروت الأولى بإبلاغ نتائج الانتخابات كما تفرضه الفقرة 3 من المادة 39 من القانون.
– اعلان هيئة الاشراف على الانتخابات ان وزارة الداخلية هي الجهة المسؤولة عن تأمين هذه المستندات ولولا ذلك لما أحال رئيس الهيئة الطلب مجددًا على الوزارة.
– في 2018/6/1 راجعت الجهة الطاعنة مجددًا وزارة الداخلية حول هذا الكتاب الأخير ولم تتلق جوابًا.

10. وبما أنه، بدلاً من تطبيق أحكام المادة 104 من قانون الانتخابات الصريحة، لجأت وزارة الداخلية الى أحكام المادة 107 من نفس القانون لتتكلم عن مهام وزير الداخلية بإبلاغ النتائج النهائية والرسمية الى المجلس الدستوري والمجلس النيابي، الأمر المغاير لطلب المستدعية والمغاير لقواعد التفسير القانوني المتكامل بدلاً من القراءة الحصرية والاستنسابية للقانون في سبيل التبرير وليس المعيارية واستنادًا الى المادة 104 من قانون الانتخابات والمادة الأولى وما يليها من قانون الحق في الوصول الى المعلومات رقم 2017/28.
11. وبما أن موجب الشفافية في مجمل قانون الانتخاب، وفي قانون الوصول الى المعلومات وتشريعات أخرى حديثة لمكافحة الفساد هي ثمرة جهود عديدة سابقة، أبرزها برامج “علاقة المواطن بالإدارة” (1998-2000) و” شرعة المواطن في علاقته بالإدارة العامة” التي أقرها مجلس الوزراء في 2001/11/15 (وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية) وانشاء لجنة برلمانية لمتابعة تطبيق القوانين… تناقض تمامًا الممارسات الادارية الواردة في مراجعة الطعن.

ثانيًا: القوائم الانتخابية
12. وبما ان ما تم اعتماده كقوائم انتخابية ليوم الانتخاب مغاير للقوائم المجمّدة في 2018/3/31 ويزيد عددها عن القوائم المجمّدة بـ 3378 اسمًا – أو 2997 صوتًا حسبما ورد في الرد على الطعن – علمًا أن لا إمكانية لزيادة أي اسم على هذه القوائم طوال فترة سنة كما تفرضه المادة 35 من قانون الانتخاب، ومع الإشارة ان العملية الانتخابية ممكنَنة ولا تقبل أي فرق ولا تسمح بأن يكون هناك من فرق، واذا جاز استثناء التصحيح (المادة 37) ففي حالات حصرية واذا كانت لوائح الشطب تحمل هذا الحجم الكبير من النقص فهذا سبب كافٍ للتشكيك في صدقيتها.
13. وبما أنه بعد انشاء رقابة على دستورية الانتخابات وهيئة اشراف على الانتخابات وشرعية مراقبة المجتمع للانتخابات تنتفي المخالفات المسماة في الماضي الجسيمة والظاهرة وتمتد مخالفات في مجالات أخرى خفيّة يقتضي التحقيق والاستقصاء بشأنها، وأبرز هذه المخالفات يتعلق بصدقية لوائح الشطب وضرورة ورود لائحة الشطب في كل عملية فرز وعدم اختفاء أي لائحة شطب من أي قلم أو ملف في عمليات الفرز.
14. وبما ان سلامة العملية الانتخابية مُرتبط بصحة القوائم الانتخابية لكل دائرة.
15. وبما أنه في انتخابات بيروت الأولى يشير برنامج الحاسوب الى: 134355 ناخبًا موزعين على الشكل التالي:
ناخبين محليين: 130964
وناخبين في الخارج: 3391
أما القوائم الانتخابية التي على أساسها جرت انتخابات دائرة بيروت الأولى فتظهر ان عدد الناخبين المسجلين ضمن بيروت الأولى هو: 137733 ناخبًا أي بفارق 3378 ناخبًا، مما يعني ان القوائم الانتخابية المجمّدة في 2018/3/30 أدخل اليها: 3378 اسم ناخب جديد وهذه الأسماء لم تخضع لا للتصحيح ولا للتنقيح ولا للاعلام المسبق، علمًا أن لا إمكانية تقنية مع المكنَنة لإضافة أي اسم جديد على القوائم المجمّدة طوال فترة سنة تمتد ما بين 2018/3/30 و 2019/9/30  ما لم يكن أحد قد أدخل هذه المعلومات الجديدة أو أضافها لغاية يجوز التشكيك الجديّ بشأنها.
16. وبما أن الملاحظة الواردة في رد المطعون به تورد فارقًا يبلغ 2997 يؤكد الشبهات حول الموضوع.
17. وبما ان قيد 3378 اسم جديد على القوائم الانتخابية النهائية يُشكل مخالفة إذ أن هناك إمكانية لهذا العدد من الأشخاص والذين لم يكن لديهم الحق في ممارسة الاقتراع لهذه الانتخابات أن يحوّلوا في النتائج، ولا يُمكن معرفة إذا كان هذا الناخب قد انتخب بصورة قانونية أو غير قانونية وبالتالي تحمل القوائم الانتخابية في بيروت الأولى خطأ يطال نسبة 2،45% من أصوات الناخبين والذين أضيفوا على اللائحة.
18. وبما أنه يرد في مراجعة الطعن أنه “حين حاولت الجهة الطاعنة استخراج اللوائح من موقع وزارة الداخلية عاجلت وسحبت هذه اللوائح من موقعها”، ومع العلم أن الفرق الذي حوّل الفوز الى المطعون بنيابته هو 478 صوتًا
و”قد تكون هذه الأصوات من هؤلاء الناخبين غير المسجلين أصولاً والذين انتخبوا بصورة غير قانونية وبشكل موجه ومبرمج ومخطط له”، كما ورد في مراجعة الطعن.
19. وبما ان هذا الأمر لوحده يكفي لابطال العملية الانتخابية بمجملها اذ ان القوائم الانتخابية الممكنَنة التي جرى على أساسها الاقتراع مخالفة لأحكام الفصل الرابع من قانون الانتخاب وتحديدًا المادة 35.
20. وبما ان لوائح الشطب هي القاعدة الاسمية التي على أساسها تتم مراقبة التزوير وانتحال الشخصية في الانتخابات ولا يُمكن القاء المسؤولية على عاتق المرشحين ذوي الإمكانيات المحدودة للقيام بهذه المهمة.
21. وبما ان هذه المخالفة تُثبت عدم تأمين الضوابط التي تحول دون اقتراع من لا يحق لهم الانتخاب علمًا أن القوائم الانتخابية في دائرة بيروت الأولى تبيّن ان عدد الناخبين في دائرة بيروت الأولى وفق القوائم الانتخابية المفترض أن تكون قد جمدتها وزارة الداخلية في 2018/3/30 ووفق مستنداتها هو: 134335 ناخبًا، فيما تظهر الوزارة وتبعًا لمستنداتها أيضًا ان عدد الناخبين في دائرة بيروت الأولى حسب القوائم الانتخابية التي اعتمدتها أيام الانتخابات هو 137733 أي بفارق 3378 ناخبًا.
22. وبما أن عدد الناخبين وفق القوائم الانتخابية النهائية الممّكنَنة المجمّدة في 2018/3/31 العائدة لدائرة بيروت الأولى والمدرجة على الموقع الالكتروني لوزارة الداخلية والبلديات هو 134355 ناخبًا.
23. وبما أن الفرق ما بين القوائم الانتخابية النهائية المجمّدة والممكنَنة والقوائم التي اعتمدت في الانتخابات النيابية في دائرة بيروت الأولى هو 3378 ناخبًا فتكون القوائم الانتخابية التي تمّ اعتمادها في بيروت الأولى غير قانونية.
24. وبما ان القوائم الانتخابية تتضمن قيد 3378 إسم ناخب فيما أن قيدهم لا يسمح لهم من ممارسة الاقتراع إذ لم يتم إدخالهم قبل 2018/3/31 كما تفرضه المادة 35 من قانون الانتخاب.

ثالثًا: مخالفات أو شكوك جديّة عديدة

25. بما أن الأصول التي فرضتها المادة 105 من قانون الانتخاب على رئيس القلم وهيئة القلم تهدف الى تأمين سلامة الانتخابات وصحتها وصدقيتها، وبالتالي فالمستندات الواجب ضمّها الى كل ملف هي أساسية وجوهرية يفترض تطبيقها بحزم وأبرزها: فرض الشمع الأحمر كتدبير حازم، اقفال الملف بعد ضم المستندات اليه، عدم نقل الملف مع المستندات إلا بواسطة رئيس القلم ومساعده بمواكبة أمنية…
26. وبما ان انتخابات دائرة بيروت الأولى بخاصة في ما يتعلق بمقعد الأقليات تشوبها شكوك جديّة في ما يتعلق بالشؤون الواردة في الطعن واستوجبت تحقيقات معمّقة من المجلس الدستوري: فرز الأصوات، الأوراق البيضاء، حذف صوت تفضيلي، مغلفات غير مختومة بالشمع الأحمر، نقل صناديق، تساؤل حول مصير أحد الأقلام…
27. وبما أنه عندما تكون الشكوك عديدة وجديّة يجوز اعلان بطلان انتخاب بدون النظر الى عدد الأصوات التي يمكن أن يكون قد طالها تأثير المخالفات، علمًا بأن ما تبّدل ما بين ليل الأحد 2018/5/6 وصباح الاثنين 2018/5/7 هو احتساب 478 صوتًا للائحة “بيروت الأولى القوية” ما سمح لها من اعلان فوز المطعون بنيابته.
28. وبما أنه يرد في افادة أحد مراقبي جمعية LADE واقعة ارسال نتائج الأقلام الى وزارة الداخلية في حين أن القانون لا يسمح بإرسال أي ظرف الى وزارة الداخلية قبل الانتهاء من الفرز وأرفقت الجهة الطاعنة مستندات حول ذلك.
29. وبما أنه تحوم شكوك جديّة حول اخراج بعض مندوبي لائحة “كلنا وطني” من داخل لجنة القيد المشرفة على احتساب أصوات المقترعين في دائرة بيروت الأولى ومن غرفة ادخال النتائج في لجنة القيد العليا.
30. وبما أنه ورد في شهادة أحد المراقبين في الغرفة 5 Forum de Beyrouth:

“لوحظت فروقات بين عدد الأصوات / الأوراق وعدد الناخبين واتفق المندوبون وأعضاء لجنة القيد على إضافة أوراق بيضاء حتى تتساوى الأرقام. وفي حالة أخرى قاموا بشطب صوت تفضيلي من لائحة أخرى حتى تتساوى الأرقام”.

31. وبما أنه لم يتم الالتزام بفترة الصمت الانتخابي في مجمل الانتخابات وفي دائرة بيروت الأولى بخاصة في يوم الانتخاب بالذات في 2018/5/6  في حين التزمت الجهة الطاعنة بالصمت الانتخابي، مع العلم ان خرق الصمت الانتخابي، استنادًا الى اجتهادات دستورية مقارنة ومستقرة، وبخاصة قرار المجلس الدستوري رقم 12 تاريخ 1997/5/17 ، هو شرط كافٍ لالغاء الانتخاب.
32. وبما ان المخالفات أو الشكوك خطيرة وعديدة وتجمع بين معايير ثلاثة: النوعية والكمية والنيّة.
33. وبما أنه في ظروف القضية الحاضرة لا يمكن للمجلس الدستوري التحديد حسابيًا لعدد الأصوات التي أثرت عليها هذه الممارسات مما يجعله، بالنظر الى نوعية المخالفات وحجمها وجسامتها أو الشكوك الجديّة، يقرّر ابطال الانتخاب.
34. وبما أنه، بالإضافة الى الأسباب العامة المذكورة سابقًا في سبعة بنود حول شرعية مجمل انتخابات 2018 وبالإضافة الى المستندات وعددها 32 المرفقة بمراجعة الطعن، فان عدم شرعية اقتراع غير المقيمين يؤثر سلبًا على الجهة الطاعنة:
– عدد الناخبين اللبنانيين غير المقيمين في لبنان والبالغ عددهم وفق القوائم الانتخابية المعطاة من قبل وزارة الداخلية والمستوجب حسم عددهم نظرًا لانتفاء الأساس القانوني لها هو: 3391.
– عدد الناخبين اللبنانيين المسجلين بعد 2018/3/31 والمستوجب حسمهم كونهم سجلوا خلافًا لأحكام المادة 35 من قانون الانتخاب هو: 3378.
فيكون مجموع ما يُفترض أن يحسم من أعداد الناخبين: 3391 + 3378 = 6769 ناخبًا، أي أن أثر المخالفتين الأساسيتين من دون ذكر بقية المخالفات يُلزم بحسم 6769 ناخبًا من العملية الانتخابية. فتؤدي هذه الأرقام المستوجب حسمها الى تعديل في نتائج دائرة بيروت الأولى بمجملها وخاصة أن 6769 ناخبًا يُشكلون ما يزيد عن خمسة بالماية (5%) من نسبة الناخبين وهو يُشكل “عدد حاصل بكامله” ويفوق عشرة أضعاف الفرق ما بين لائحة “كلنا وطني” ولائحة “بيروت الأولى القوية” والذي لم يتخطى 478 صوتًا، الأمر الذي يدعم الشكوك الجدّية والعديدة على نتائج دائرة بيروت الأولى والذي يقتضي معه إبطال العملية الانتخابية بكاملها وإلا إبطالها ضمن دائرة بيروت الأولى – مقعد الأقليات والذي أعلن فيه فوز السيد أنطوان قسطنطين بانو.
35. وبما أنه في قضايا الانتخاب لكل مراجعة خصوصيتها وظروفها التي تختلف عن غيرها، واقعًا وموقعًا وتأثيرًا، بحيث لا يُمكن أن تنسحب بالضرورة بنتائجها على الأخرى.
36. وبما أن التركيز على “النتيجة”، والفارق في الأصوات، كما ورد في الرد على الجهة الطاعنة، لا يُبرّر شرعية الانتخاب في حال حصول مخالفات جوهرية أو شكوك عديدة وجدّية حول القواعد العامة الناظمة للانتخابات.
37. وبما ان الالتباس شديد بين ما اذا كانت بعض البيانات المشكوك فيها صحيحة في منبعها واعدادها ومراقبتها او هي مُصحّحة لاحقًا بشكل مُفتعل وبفعل تدخل مشبوه لإخفاء مخالفاتها. فهل ما يسمى هو تصحيح أخطاء مادية ام مفتعل؟
38. وبما ان ما يرد في دائرة بيروت الأولى من عبارات: “غياب محضر، ادخال خطأ، محضر بديل، اتلاف محضر، محضر جديد، حصل التصحيح…” يُبين ان المسار الانتخابي لا يتصّف بالوضوح والتقيد اساسًا بالأصول الانتخابية ويُبرر بالتالي شكوكًا عديدة وجدّية ومشروعة.

رابعًا: البرنامج الالكتروني
39. وبما ان التدقيق في توقيت ادخال البيانات على برنامج الحاسوب لاحد الأقلام في دائرة بيروت الأولى، كما ورد للمجلس الدستوري من الشركة المولجة بالبرنامج، لا يتصّف بصدقية مطلقة الا في حال التحقق من توفر منظومة مراقبة audit للبرمجة الالكترونية كما تتوفر أصول مراقبة في كل قلم.
تُبرر الأخطاء التي تم مراجعتها وتصحيحها، في عدة مراجعات طعون، الشكوك في حساب الأصوات واشكالية تنظيم البرمجة الالكترونية ومسألة توفر مراقبة اساسًا في مشروع البرمجة الالكترونية، اذ يُمكن التحكم من المصدر في البرمجة في ما يتعلق بالتوقيت من قبل مسؤولين مباشرين او من قبل بعض العاملين في البرنامج. ولا ترد في التقرير، الذي تقدمت به الشركة الى المجلس الدستوري، إشارة حول توفر منظومة مراقبة، ما يعني ان مجمل انتخابات 2018، وفي دائرة بيروت الأولى، افتقرت الى مراقبة شفافة وفاعلة وموثوقة.
تطرح تاليًا البرمجة اللاكترونية التساؤلات التالية:
1. من هي الجهة الرقابية التي امتحنت البرنامج وأكدت صحته وبدون أخطاء مُحتملة؟
2. هل الجهة الرقابية تأكدت ان البرنامج لم يتم تعديله قبل المباشرة بالانتخابات؟
3. من هم الأشخاص الذين لهم الحق في الشركة في الدخول الى البرنامج، عن بعد او ماديًا، يوم الانتخاب؟ من تحقّق من الأخلاقية المهنية والحياد؟ كيف كانت آلية الانتقاء؟ ما هي الأصول التي تحول دون التلاعب بالنتائج: دخول محصور، معلومات مُدخلة بعدة نسخ، مراقبة الانسجام بينها، الأصول التي تحول دون دخول افراد، مراقبين حياديين auditeurs، أجهزة الرقابة…
4. تتطلّب المنظومة الالكترونية مستويات عدة من الأمان paliers de sécurité، ما يعني انه يتوجب للدخول الى البرنامج والى قاعدة المعلومات والى الرابط استعمال عدة مفاتيح codes من عدة اشخاص وبشكل لا يستطيع أي شخص ان يتدخل بدون علم آخرين ومن بينهم مراقبين حياديين. فهل هذا هو الواقع؟
5. يجب ان يُسجل ميكانيكيًا هذا النمط من المنظومة كل الادخالات Log history: من الذي دخل الى الرابط وقاعدة المعلومات، في أي وقت، ما هي التعديلات الحاصلة؟ وهل يمكن اليقين ان تاريخية الدخول بحد ذاتها موثوقة؟
6. بالخلاصة مجرد حصول خلاف بين الحساب اليدوي والحساب اللاكتروني هو مؤشر بأن البرنامج لا يتصّف بصدقية مُطلقة في ما يتعلق بالبرمجة وفي التغذية. هل كان البرنامج الالكتروني عنصر دقة وتدقيق ام مُجرد بيان يمكن تعديله أو تغييره يدويًا؟
***
لكل هذه الأسباب أسجل مُخالفة للقرار المتعلق ببيروت الأولى – مقعد الأقليات.
“محكمة” – الجمعة في 2019/2/22

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!