علم وخبر

ليس للطعن بقرارات مجلس نقابة المحامين مفعول موقف لها/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
بحثت محكمة التمييز الجزائية العليا المؤلفة من القضاة الرئيس رالف الرياشي والمستشارين خضر زنهور وبركان سعد مسألة مهمة ودقيقة، فاعتبرت ان الطعن المقدّم أمام محكمة الاستئناف والمتناول لقرارات مجلس نقابة المحامين المتخذة سنداً للمادتين 79 و94 ليس له مفعول موقف لهذه القرارات كما هي الحال بالنسبة لاستئناف الاحكام القضائية الابتدائية، ولا مجال لإعمال القياس في هذا الاطار كون قانون تنظيم مهنة المحاماة هو قانون خاص لا مجال للتوسّع في تفسيره، وهو في مطلق الأحوال لم يتضمّن نصّاً صريحاً مخالفاً لما هو وارد أعلاه من قاعدة.
وقضت بنقض القرار الصادر عن الهيئة الاتهامية والذي قضى بعكس ذلك، وبعد النقض، وحلول محكمة التمييز مكان المحكمة مصدرة القرار المنقوض للفصل في الدعوى وفقاً للاصول المعتمدة لدى المحكمة التي اصدرت القرار، أخذت المحكمة بما جاء في قرار قاضي التحقيق الذي قضى برد الدفع المدلى به ومتابعة النظر بالدعوى معتبراً أنّ مجلس نقابة المحامين لا يتمتع بالصفة القضائية ولا يؤلّف محكمة من محاكم الدرجة الأولى، وبالتالي فإنّ ما صدر عنه من قرار بالاذن بالمرافعة والملاحقة يبقى نافذاً بالرغم ممّا هو مقدّم من طعن بشأنه أمام محكمة الاستئناف المدنية، الأمر الذي يحول دون إمكانية وقف السير بالملاحقة الجزائية. وقضت بتصديق القرار المذكور.
وممّا جاء في القرار الصادر بتاريخ 2002/7/11
في الأساس:
عن السبب الأوّل:
حيث ان المستدعي يأخذ على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه او تفسيره لاسيما بالنسبة للمادة 79 عن قانون تنظيم مهنة المحاماة لخلوصه الى تقرير وقف الملاحقة بحق المدعى عليه المستدعى ضده لحين البت بالاستئناف المقدم منه ضد قراري نقابة المحامين.
وحيث انه مع الاخذ بعين الاعتبار ان المحاماة مهنة تساهم في تنفيذ خدمة هادفة الى تحقيق العدالة على ما تنص عليه المادة (1) والمادة (2) من قانون تنظيمها الا ان نقيب المحامين ومجلس النقابة مما يتخذونه من قرارات بمقتضى المادتين 79و94 من قانون تنظيم مهنة المحاماة المعدل، لا يتمتعون بالصفة القضائية فلا تتسم قراراتهم لهذه الجهة بالصفة القضائية الملازمة لاحكام المحاكم وهي تبقى من القرارات الادارية الخاصة الهادفة اما الى حماية المحامي من اي تعسف بالادعاء ضده لفعل نشأ عن ممارسة المهنة او بوصفها كما هي الحال في المادة 79 واما المحافظة على المنقابية المهنية بين المحامين تجنبا للمنازعات القضائية فيما بينهم، كما هي الحال في المادة 94.
وحيث إنّه تبعاً لذلك، فإنّ القرارات المتخذة من قبل مجلس نقابة المحامين بالاستناد الى المادتين 79 و94 المشار اليهما فهي ولئن كانت خاضعة للمراجعة امام محكمة الاستئناف فذلك لا يجعلها صادرة عن مرجع قضائي ابتدائي شأنها شأن الاحكام القضائية الابتدائية، وان الطعن بهذه القرارات امام محكمة الاستئناف على ما ينص عليه قانون تنظيم مهنة المحاماة لا يتعدى كونه طريقا للطعن امام مرجع اراده القانون محكمة من محاكم الدرجة الثانية وليس مراجعة استئنافية بمعناه القانوني كالمراجعات الاستئنافية المنطبقة على الاحكام القضائية الابتدائية.
وحيث إنّه يتحصل مما سبق ان الطعن المقدم امام محكمة الاستئناف والمتناول لقرارات مجلس نقابة المحامين المتخذة سندا للمادتين 79 و94 المذكورتين ليس له مفعول موقف لهذه القرارات كما هي الحال بالنسبة لاستئناف الاحكام القضائية الابتدائية ولا مجال لاعمال القياس في هذا الاطار كون قانون تنظيم مهنة المحاماة هو قانون خاص لا مجال للتوسيع في تفسيره وهو في مطلق الاحوال لم يتضمّن نصّاً صريحاً مخالفاً لما هو مقرر أعلاه من قاعدة.
وحيث ان الطعن المقدم من المستدعى ضده امام محكمة الاستئناف المدنية والمتناول لقرارات مجلس نقابة المحامين المتخذة بموجب المادتين 79 و94 المشار اليهما لا يكون له اثره لجهة وقف الملاحقة الجزائية موضوع الدعوى الحاضرة الى حين البت بالاستئناف المذكور.
وحيث ان القرار المطعون فيه بذهابه خلاف ذلك يكون قد اخطأ في تطبيق القانون فاستوجب النقض والابطال دونما حاجة للتطرق الى السبب الآخر المدلى به.
وحيث انه تبعاً لهذه النتيجة يكون مردوداً طلب المستدعى ضدّه بإلزام المستدعى بالغرامة وبالعطل والضرر عن المراجعة الحاضرة. واخراج المذكرة الثانية المقدمة من المستدعى ضده بتاريخ 2002/7/10 من الملف لورودها خارج المهلة القانونية المنصوص عليها في المادة 320 محاكمات جزائية، وبعض النقض.
حيث ان محكمة التمييز بين النقض تحل مكان المحكمة مصدرة القرار المنقوض للفصل في الدعوى وفقاً لاصول المحاكمة المعتمدة لدى المحكمة التي اصدرت هذا القرار في حينه، على ما تقضي به احكام المادة 321 من قانون المحاكمات الجزائية.
وحيث ان الدعوى بحالتها الحاضرة هي جاهزة للحكم فعليه،
حيث ان الغرفة السادسة لمحكمة التمييز بصفتها حالة مكان الهيئة الاتهامية في لبنان الجنوبي بعد النقض.
وحيث انه يتبين ان المدعى عليه المستأنف المحامي تقدم بتاريخ 2002/5/8 باستئناف بوجه المدعي المستأنف ضدّه طعناً بالقرار الصادر بتاريخ 2002/5/7 عن قاضي التحقيق الأوّل في لبنان الجنوبي والمنتهي خلافاً للمطالبة الى رد الدفوع الشكلية المقدمة من المدعى عليه المحامي ومتابعة النظر في الدعوى المقدّمة ضدّه، وقد طلب المستأنف فسخ القرار المستأنف بكافة فقراته واستئخار البت في الدعوى الجزائية الحاضرة ريثما تبت محكمة الاستئناف المدنية بالاستئناف المقدم منه امامها طعنا بقراري مجلس نقابة المحامين في بيروت المنتهين الى اعطاء الاذن بالمرافعة والملاحقة وتضمن المستأنف عليه الرسوم والمصاريف.
وحيث ان النيابة العامة في لبنان الجنوبي كانت قد طلبت بمطالعتها الفرعية بشأن الدفوع الشكلية المقدمة من المدعى عليه التوقف عن النظر في الدعوى الحاضرة لحين بت المحكمة المدنية بالاستئناف.
بناء عليه،
أوّلاً: في الشكل
حيث ان الاستئناف ورد ضمن المهلة القانونية وهو يستجمع شرطه الشكلية فيقتضي قبوله في الشكل.
ثانياً: في الاساس
حيث ان المدعى عليه المستأنف المحامي عرض بموجب الاستئناف المقدم منه بأنه قدمت بحقه دعوى جزائية امام قاضي التحقيق الاول في لبنان الجنوبي تسجّلت برقم أساس 2001/225 فتقدّم من قاضي التحقيق بمذكرة وقوع مفادها ان اذنا صدر عن مجلس نقابة المحامين في بيروت يجيز التوكل ضده وملاحقته جزائيا في الدعوى المذكورة وذلك سندا للمادتين 79 و94 من قانون تنظيم مهنة المحاماة المعدل وانه تقدم بطعن امام محكمة الاستئناف المدنية بشأن هذا الاذن وان الاستئناف المذكور يؤدي الى وقف تنفيذ قراري مجلس النقابة المتضمنين الاذن بالملاحقة مما يستوجب استئخار البت بالدعوى الجزائية المقدمة بحقه الى ان تبت محكمة الاستئناف المدنية بالطعن المقدم منه.
وحيث ان قاضي التحقيق الاول بقراره المطعون فيه قضى برد الدفع المدلي به ومتابعة النظر في الدعوى معتبرا ان مجلس نقابة المحامين لا يتمتع بالصفة القضائية ولا يؤلف محكمة من محاكم الدرجة الاولى وبالتالي فإن ما صدر عنه من قرار بالاذن بالمرافعة والملاحقة يبقى نافذا بالرغم مما هو مقدم من طعن بشأنه امام محكمة الاستئناف المدنية الامر الذي يحول دون امكانية وقف لسير بالملاحقة الجزائية الحاضرة.
وحيث ان ما انتهى اليه قرار قاضي التحقيق الاول المستأنف من نتيجة هو واقع في مكانه القانون وذلك لذات العلل والاسباب التي سبق بيانها اعلاه في قرار النقض وبالتالي فإن ما يدلي به المستأنف من دفع لهذه الجهة لا يبرر وقف الملاحقة في الدعوى الحاضرة، فيكون الدفع المذكور مستوجبا الرد والقرار المستأنف واجب التصديق.
لذلك
تقرر بالاجماع:
اولاً: لجهة استدعاء النقض
1- إعتبار هذه المحكمة صالحة إدارياًومختصة للبتّ بالاستدعاء الحاضر
2- قبول استدعاء النقض في الشكل
3- قبول استدعاء النقض المقدّم من المستدعي في الأساس، ونقض قرار الهيئة الاتهامية المطعون فيه وإبطاله ورؤية الدعوى مجدّداً وفقاً للأصول، وتبعاً لذلك ردّ طلب العطل والضرر عن المراجعة التمييزية الحاضرة المقدم من المستدعى ضده المحامي واعادة التأمين التمييزي لمقدمه
ثانياً: لجهة الاستئناف المقدّم طعناً بقرار قاضي التحقيق الأوّل
1- قبول الاستئناف المقدّم من المحامي شكلاً
2- ردّ هذا الاستئناف في الأساس وتصديق قرار قاضي التحقيق الأوّل المستأنف
3- تضمين المستأنف النفقات القانونية كافة
4- إيداع الأوراق النيابية العامة التمييزية لإحالتها إلى مرجعها لدى قاضي التحقيق الأوّل في لبنان الجنوبي لمتابعة الدعوى من المرحلة التي وصلت اليها.
قراراً صدر بتاريخ 11/7/2002.
“محكمة” – الثلاثاء في 2019/8/20

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!