أبرز الأخبارميديا

المحامي عزيز طربيه لـ”محكمة”: قوّة النقابة في تجمّع المحامين حول مشروع نهضوي.. ولنقيب مستقلّ/علي الموسوي

حاوره علي الموسوي:
عندما تذكر اسم عزيز طربيه، فهذا يعني أنّ الحديث يكون عن شخصية قانونية واجتماعية مرموقة بَنَت نفسها بجهدها الشخصي وعرق جبينها وكفاحها في سبيل حياة أفضل وأرقى وحقّقت الكثير من الأمنيات والأحلام فصار لها مكتب محاماة يعتبر من كبريات مكاتب المحاماة في لبنان وتخرّج منه قضاة ومحامون أشراف وكرام يشار إليهم بالبنان في قصور العدل والمحاكم.
ولم يترك المحامي عزيز طربيه وهو اللقب والصفة الأحبّ إلى قلبه، فرصة لإظهار محبّته لزملائه المحامين إلاّ وفعلها وبكلّ قناعة راسخة سواء داخل مجلس نقابة المحامين أو بالوقوف معهم وإلى جانبهم في قاعات المحاكم عند وجود دعوى ما ضدّهم.

ومنذ العام 2013 والمحامي عزيز طربيه يطرح المشاريع الخلاّقة التي تصبّ في مصلحة المحامين ومن دون استثناء، ولا تزال جعبته تزخر بالكثير من هذه المشاريع وكأنّه معجون على الابتكار والإبداع ولم يدخل في مشروع حيوي إلاّ وأغناه بحضوره وأفكاره ومساعيه وهو لا يزال على العهد والوعد ببذل قصارى جهده للنهوض بالنقابة والارتقاء بها لكي تحلّق مع أبنائها المحامين وبناتها المحاميات وبحيث يزداد لبنان بها ألقاً، ونقابة في رصيدها مئة عام من العمر تستحقّ أن تتطلع إلى مئويتها الثانية مع محام قدير مثل عزيز طربيه.


“محكمة” حاورت المحامي عزيز طربيه في موضوعات عديدة وشاملة عن التأمين والتطلعات والنهوض بالنقابة وكانت هذه المقابلة:
• ماذا تسنّى لك أن تنفّذ من أفكار ومشاريع خلال الفترة الوجيزة التي أمضيتها في عضوية مجلس النقابة؟
كنت أتمنّى أن أطلّ على الزميلات والزملاء وفي جعبتي الرضى على ما تحقّق، ولكن للأسف، الظروف التي رافقت فترة عضويتي في مجلس نقابة المحامين لم تساعدني على تحقيق ما أملت بتحقيقه وهذا دفعني إلى سلوك مسار نقابي بمعظمه اعتراضي على هذا الواقع وقد تكلّل هذا المسار باستقالتي من مجلس النقابة التي كانت احتجاجاً على طريقة التعاطي مع الملفّ الصحّي وآلية سير الأمور.
هذا بالمسار العام، أمّا بشأن المهمّة التي كلّفت بها تحديداً وهي أمانة مكتبة النقابة، فقد بذلت الكثير من الجهود في إطار مكننة مكتبة النقابة وجعلها متوفّرة إلكترونياً بتصرّف المحامين بحيث يتمكّن المحامي من مكتبه الدخول إلى المكتبة من موقع النقابة والتعرّف إلى الكتب التي تعالج الموضوع الذي يرغب بالبحث عنه. وتحقيقاً لذلك فقد جرى ادخال /17000/ (سبعة عشر ألف) كتاب وتصوير /89751/(تسعة وثمانون ألفاً وسبعماية وواحد وخمسون) صفحة تتضمّن غلافات الكتب وفهرس كلّ منها وسوف يصار إلى إدخال كلّ كتاب جديد تحوزه المكتبة.
المشروع الآخر الذي عملت عليه، كأمين للمكتبة، هو استحداث يوم للكتاب القانوني يتمّ إحياؤه سنوياً من خلال جملة نشاطات تتمّ في “بيت المحامي” وأهمّها معرض للكتاب القانوني يتضمّن مناسبات توقيع للكتب وتشجيع المحامين على طرح إنتاجاتهم الفكرية، مع الإشارة إلى أنّ هذه الفعاليات من شأنها أن تدعم مكتبة النقابة من خلال دور النشر المشتركة في المعرض بتقديم عدد من الكتب المعروضة مجاناً لمكتبة النقابة، فضلاً عن أنّ هذه الإحتفالية ستتضمّن طاولات مستديرة مع المؤلّفين وعروضات للمحامين بحسومات هامة واستثنائية لتطوير مكتباتهم القانونية.
ولكن للأسف تعرقل هذا المشروع الهام الذي سأسعى إلى أن يتحقّق في ولاية النقيب القادم.
مع مطالب المحامين
• بماذا خدمت المحامين خلال سنة ونيّف من عضويتك في مجلس النقابة؟
لقد وقفت إلى جانب مطالب وقضايا المحامين المحقّة داخل مجلس النقابة وخارجه، بمعزل عن شخص صاحب الشأن وقربه أو علاقته بالنقيب أو عضو مجلس النقابة، هذا حقّ للمحامين، وعلى النقابة واجب القيام بدورها وإعطاء هذا الحقّ عبر مؤسّساتها بصورة آلية ومحترفة ودون أيّة منّة أو تمييز.
• بماذا تعد المحامين وتتطلع إلى تحقيقه بمجرّد انتخابك نقيباً في السنة الأولى بعد المئوية؟
بكلّ صراحة، أقول إنّ هناك انكفاءاً تدريجياً للنقابة عن العديد من أدوارها وضعفاً في الأداء، بالنسبة لما تقوم به، السبب باعتقادي، هو غياب الرؤيا والمشروع الذي يمكن أن يلتفّ المحامون حوله ويضافرون جهودهم من أجل تحقيقه، النقيب ومجلس النقابة مهما أعطوا من جهد، واتخذوا من قرارات سيبقى أداؤهم بعيداً عن مستوى تطلّعات المحامين، قوّة النقابة في تجمّع المحامين حول مشروع نهضوي وإصلاحي، ومأسسة هذه الجهود لتكون في إطار منظّم ومستدام وتراكمي.
وهذا هو جوهر مشروعي، أيّ تحفيز هذه القوّة ومأسستها في إطار اجهزة النقابة، ولخدمة مشاريعها، وسأعمل على إعادة هيكلة اللجان والمؤسّسات النقابية لإخراجها من وضعية الركود حتّى تتمكّن من أداء الدور المناط بها بكلّ فعالية، فالعمل النقابي هو حقّ لكلّ محام قادر وراغب وعضوية اللجان النقابية ليست جوائز تشريفية توزّع على بعض المحظيين.
فإلى جانب العمل على تحقيق المشاريع العديدة التي سبق وعرضتها في برنامجي الانتخابي، فإنّي أريد أن أتعهّد بإطلاق دينامية عمل ونهج مؤسّساتي من شأنه تطوير النقابة وترسيخ دورها الوطني والمهني تحقيقاً لتطلّعات المحامين نحو نقابة فاعلة، قويّة وشفّافة يفتخر المحامون ويعتزّون بانتسابهم إليها.
• تنطلق في ترشيحك من استقلاليتك ومن تاريخك المميّز في العصامية والمناقبية وبناء الذات والمراس القانوني وقدرتك على الكتابة كونك عملت صحافياً في مطلع شبابك، هل تعتقد أنّ الاستقلالية كافية لإيصال المرشّح إلى سدّة النقابة خصوصاً وأنّ مختلف الأحزاب تنتظر عند المفرق أيضاً مستندة على حضورها القوي في النقابة؟
لا بدّ من الملاحظة بداية أنّ المحامين هم أسياد الكلمة ودون أن يقلّل ذلك من مكانة الكتابة الصحافية. أمّا بعد فإنّي أودّ أن أوضح أنّ الإستقلالية ليست نقيض الإلتزام لكنّها بالنسبة لموقع النقيب هي التزام بقضايا الوطن والمحامين والمحاماة كمنظومة قيم، وبالتالي هي نهج يساعد على ترسيخ صورة النقابة كمرجعية حاضنة لجميع أبنائها مستقلّين وحزبيين لأنّهم مصدر قوّتها. وعليـــه، فإنّني أعوّل على تبنّي الزميلات والزملاء، على تنوّعهم، أهمية الإستقلالية بالنسبة لموقع النقيب وتعزيز هذا الخيار.
• عرف عنك وقوفك إلى جانب المحامين عند ورود طلبات لنيل أذونات بالملاحقة القضائية، لماذا فعلت ذلك؟
لقد فعلت ذلك في كلّ قضيّة كان يطلب فيها إذن ملاحقة بحقّ زميلة أو زميل تندرج في إطار الممارسة المهنية يكون ملفّها خالياً من الأدلّة والمعطيات الجدّية والواضحة والأكيدة، لأنّ الحصانة النقابية وجدت من أجل حماية المحامي من أيّ افتراء أو ضغط يمكن أن يتعرّض له أثناء ممارسة رسالته المهنية، وعلى مجلس النقابة أن يحافظ على هذه الحصانة ويتمسك بها. أمّا إذا وجد ملفّ يتبيّن منه لمجلس لنقابة أنّ المحامي مرتكب لفعل يخرج عن نطاق ممارسة مهنته، فإنّ النقابة يجب أن تكون معنية ليس فقط بإعطاء الإذن، بل أيضاً باتخاذ التدابير المسلكية الملائمة حفاظاً على أخلاقية الممارسة التي نتمسك بها كتمسكنا بالحصانة.


محاسبة المخلّين والمرتكبين
• أحيل قضاة على المحاكمة أمام المجلس التأديبي الخاص بهم بسبب أعمال فساد، وهناك محامون يقترفون ما يسيء إلى مهنة النبلاء، كيف تقرأ الشقّ الأوّل من السؤال؟ وهل تؤيّد تنقية الجدول العام للمحامين؟ وهل تملك الجرأة على مقاربة حقل الألغام هذا؟
المحاسبة العادلة هي المسار الطبيعي الحتمي لانتظام الأمور، دونها تعمّ الفوضى والمحسوبية والفساد.
إنطلاقاً من ذلك، أؤكّد أنّ إحالة قضاة إلى المجلس التأديبي الخاص بهم هو مؤشّر جيّد وإيجابي ويجب أن يكون إصلاح القضاء عملية جدّية وفعلية وليس إعلامية وهذا يجب أن يحفّزنا لإطلاق عملية تنقية الجدول في النقابة، فلا يمكن أن يلقى المحامون احترام الجميع ما لم تفعل النقابة وتتشدّد مجالس التأديب في محاسبة المخلّين والمرتكبين بحيث تلفظ كلّ ممارسة مسيئة لا تنسجم مع مناقبية المحامي وتخالف القوانين والأنظمة وما لم تنقّ النقابة جدولها من كلّ مسيء لشرف المهنة ومخالف قوانينها.
علينا أن نقوم بهذه العملية المؤلمة والصعبة حتّى نصبح مؤهّلين للعب دورنا والدفاع عن القيم التي تجمعنا وأنا لا تنقصني الجرأة والإرادة على خوض غمار هذه القضيّة الهامة والمؤثّرة على عموم المحامين ومستقبل المهنة الذي أصبح مهدّداً نتيجة ذلك.
سحب كفالة شركة التأمين
• كيف تقرأ قرار مجلس نقابة المحامين بسحب الكفالة الموضوعة من شركة “غلوب مد” وهو ما يعتبره محامون تعرية للعقد بحيث صار بدون تغطية ضامنة؟
للأسف، بعد سنة من توقيع العقد الجديد مع شركة الادارة الذي تضمّن منظومة متكاملة قوامها:
1- ضمان انتفاء أيّ عجز في أيّة سنة من السنوات الثلاث.
2- ضمان امتصاص كامل العجز الحاصل خلال السنوات الثلاث السابقة والبالغ حوالي 13 مليون دولار بكفالة شركة الادارة وشركتي “اكسا” و”ليبانو سويس” بحدود مبلغ عشرة ملايين دولار أميركي.
3- إعادة التوازن بين مجمل التقديمات والإيرادات عن طريق زيادة الاشتراكات بنسبة 27٪ للسنة الأولى، و25٪ للسنة الثانية، و22٪ للسنة الثالثة.
4- إجراء تدقيق فنّي يتناول فواتير الفترة السابقة.
فوجئ أعضاء مجلس النقابة بعد انقضاء السنة الأولى على تنفيذ العقد الجديد، بمشروع تعاقد مختلف قوامه:
1- التخلّي عن منظومة امتصاص العجز وإعفاء شركة “غلوب مد” وشركتي”أكسا” و”ليبانو سويس” من ضمانة العشرة ملايين دولار أميركي بذريعة أنّ شركة التدقيق الاستشفائي والمحاسبي أظهرت انتفاء أيّ تقصير أو سوء إدارة وأنّ كامل العجز أنفق على معالجة المحامين.
2- تخفيض الزيادة المحدّدة للاشتراك السنوي إلى 12٪ بدلاً من 25٪.
3- ترحيل العجز البالغ 13 مليون دولار أميركي إلى الجمعية العامة لتأخذ بشأنه ما تراه مناسباً.
4- مشاركة شركة الادارة للنقابة بنسبة 50٪ من أيّ وفر قد يحصل دون الأخذ في الاعتبار العجز البالغ 13 مليون دولار الذي ترك للنقابة أن تتحمّله.
وقد استند المشروع الجديد على ما تمّ إبلاغنا به، على أنّ التدقيق الفنّي في الفواتير قد توصّل إلى نتيجة بعدم وجود أيّ خلل في التعامل السابق، وبأنّه يقتضي التنازل عن الكفالة لقاء تخفيض معدّل الزيادة على عائلة المحامي إلى 12٪ فعارض أعضاء المجلس هذا المنحى بحيث تمّ التفاوض مع الشركة لتخفيض بنسبة الزيادة دون المسّ بموضوع الكفالة وقد حصل التفاوض وتوصّلنا إلى نتائج مقبولة، إلاّ أنّني فوجئت بالإصرار على خيار التنازل عن الكفالة دون الحصول على الأكثرية النظامية المطلوبة، ما دفعني إلى تقديم استقالتي من عضوية المجلس وقد شرحت أسباب ذلك في كتاب الإستقالة المقدّم إلى مجلس النقابة، إذ اعتبرت أنّ ما جرى قد أزال الأسباب التي تبرّر الخيار القاسي الذي اعتمدناه بإعادة التعاقد مع شركة الإدارة، ما يشكّل مسّاً بحقوق النقابة والمحامين، إذ كان يمكن الوصول برأي إلى نتائج أقلّ كلفة لمصلحة النقابة.


القصّة الكامل لمشروع التأمين
• قدّمت استقالتك من عضوية مجلس النقابة إحتجاجاً على طريقة تجديد عقد التأمين مع أنّ بعض المحامين يقولون إنّه مشروعك في الأساس. ماذا حصل بالتحديد؟ وهل لا تزال مؤمناً بهذا المشروع الصحّي؟
أتمنّى عليك منحي الوقت الكافي للتفصيل في هذا الموضوع الحيوي والأساسي الذي يقضّ مضاجع المحامين منذ أكثر من ثلاث سنوات.
نعم لقد أيّدت سابقاً كما هو معروف إنشاء صندوق تعاضد للمحامين لأنّي اعتبرت ذلك مدخلاً إصلاحياً انطلاقاً من المعطيات التالية:
أ- إنً العالم يتجّه اليوم إلى إنشاء صناديق تعاضد استشفائي كلّما كان عدد المنتسبين لدى مجموعة أو مؤسّسة يسمح بذلك، ونلاحظ هنا إنشاء ورواج صناديق التعاضد في لبنان.
ب- إنّ جميع شركات التأمين توكل، شركات إدارة متخصّصة، بإدارة المحفظة التأمينية لديها بهدف تخفيض نفقات الإدارة والاستحصال على شروط أفضل.
ج- إنّ مرجعية بحجم نقابة المحامين لها محفظة تأمين كبيرة جدّاً، لا يجوز أن تكون كلّ سنة رهينة في استشفاء أعضائها للشروط التي تفرضها شركات التأمين.
د- إنّ إنشاء صندوق تعاضد من شأنه أن يحقّق وفراً في الملفّ الاستشفائي قوامه إعفاءات ضريبية وحسومات تبعاً لحجم الفاتورة الاستشفائية في المستشفيات والمختبرات فضلاً عن فائدة أموال الصندوق لدى المصارف.
هـ- يمكن للنقابة أن تحصل على شروط استشفاء تفاضلية بكلفة أقلّ ونوعية أعلى.
و- إنّ هذا المشروع يفترض أن لا يحمّل النقابة أيّة مخاطر، ويتجسّد ذلك من خلال عقد بوليصة تأمين تغطّي المبالغ التي قد تتوجّب على النقابة زيادة عن صافي قيمة الاشتراكات المدفوعة من المنتسبين.
عند تنفيذ المشروع خلال السنوات الثلاث الأولى حصلت تداعيات أدّت للأسف إلى نتائج سلبية ومنها:
1- إعتبار النقابة أنّ عدد المنتسبين آنذاك عند عقد بوليصة التأمين قابل للزيادة، فتمّ التعاقد على إصدار بوليصة التأمين آخذاً في الاعتبار الزيادة المرتقبة التي لم تتحقّق نتيجة الحملة التي شنّتها إحدى شركات التأمين بهدف استقطاب مؤمّنين كانوا في عداد المحفظة التأمينية للنقابة، وقد أدّت هذه الحملة المنافسة إلى تقلّص في أعداد المؤمّنين بما يزيد عن الألف مشترك.
2- لم تستجب النقابة للأسف لنصائح الخبراء الإكتورايين الرامية لوجوب تصحيح أسعار التأمين المعتمدة سابقاً من النقابة لتجاري أسعار السوق الذي شهد في تلك السنوات زيادات مضطردة، وإنّ زيادة تدريجية بمعدل 5٪ سنوياً كان يمكن في حال اعتمادها آنذاك، أن تعيد التوازن بين الاشتراكات والتقديمات ممّا يتيح للنقابة عقد بوليصة تأمين لضمان أيّة كلفة تتجاوز صافي الاشتراكات.
3- علينا الإعتراف بأنّ النقابة قصرّت في إدارة ملفّ الإستشفاء ومتابعته بشكل يومي لتصحيح الأخطاء التي يمكن أن تقع واعتماد معايير واضحة تجاه المضمونين، ما أدّى إلى أخطاء وتجاوزات، أشاعت مناخاً سلبياً حول عمل النظام الإستشفائي لدى المحامين.
وهذه المعطيات والأخطاء التي حصلت أدّت بالمحصّلة إلى حصول عجز في ملفّ الاستشفاء ناهز مبلغ 12 مليون دولار تقريباً عن الثلاث سنوات الأولى من التعاقد.
• هذا بالنسبة للتعاقد السابق، على أيّ أسس جرى التعاقد مجدّداً مع الشركة نفسها لفترة جديدة؟
عند انتخابي عضواً في مجلس النقابة، كان هذا الموضوع هاجسي الأساسي، وقد آليت على نفسي تصويب وتصحيح المسار السابق ومحاولة معالجة تداعياته السلبية.
فتمّ استدارج عروض للإستشفاء عبر شركات التأمين وأيضاً عروض أخرى من قبل شركات الإدارة حتّى لا تكون النقابة أسيرة لأي موقف مسبق لا يحقّق المصلحة المبتغاة.
لدى فضّ العروض المقدّمة، تبيّن أنّ شركات التـأمين التي شاركت في استدراج العروض قدّمت أسعاراً عالية، لا يمكن للمحامين تحمّلها مهما كانت مساهمة النقابة.
أمّا بالنسبة لشركات الادارة، فكان العرض المقدّم من شركة “غلوب مد” هو الأفضل حيث صار الاتفاق معها وفق الأسس التالية:
1- ربط بوليصة التأمين تلقائياً بكلّ ما يزيد عن المبالغ التي تحصل عليها النقابة أيّاً كانت أعداد المشتركين وقيمة المبالغ العائدة لهم، وبذلك نكون قد عدنا إلى أصل المشروع أيّ صفر مخاطر على النقابة بالنسبة لفترة التعاقد.
2- إخضاع العقد السابق لشركة تدقيق فنّي في فواتيره واخضاعها لبرنامج معلوماتية متخصّص يمكن أن يكشف الخلل في فواتير الإستشفاء.
3- تقديم شركة الإدارة لكفالة بقيمة عشرة ملايين دولار أميركي لتغطية العجز السابق في حال عدم تمكّن النقابة من تغطيتها من خلال الأرباح التي يمكن أن تحصل عليها خلال السنوات الثلاث الثانية.
4- تحديد قيمة الاشتراكات لكلّ من السنوات الثلاث الجديدة على أساس أن تبقى أقلّ من الأسعار الرائجة في السوق رغم إضافة زيادة سنوية على قيمة الاشتراكات السابقة تراوحت بين 22٪ و27٪ بحيث نصل في نهاية العقد، ونتيجة قطع الحساب عن السنوات الستّ، إلى إطفاء كامل العجز مع تعهّد شركة الادارة وشركتي “أكسا” و”ليبانو سويس” بتغطية ما قد يتبقّى من العجز في حدود مبلغ عشرة ملايين دولار أميركي.
وقد حصل التعاقد على قاعدة أفضل الممكن والمتاح على أمل اجراء التغيير الجذري المأمول في هذا الإطار.


معالجة الوضع الاستشفائي
• كيف ترى امكانية معالجة الوضع الإستشفائي في النقابة في حال تمّ انتخابك؟
إنّ خيار اللجوء إلى الحساب الإستشفائي انطلاقاً من قانون الصندوق التعاوني واستحداث نظام داخلي له لم يكن الخيار الأفضل، إذ إنّ هذا الخيار كان نتيجة صعوبة الخيارات الأخرى، إذ إنّه أتى سابقاً في ظلّ عدم انعقاد جلسات المجلس النيابي وعدم ملائمة أخذ ترخيص باستحداث صندوق تعاضد من مديرية الإسكان والتعاونيات.
إذن، الحلّ ومشروعي الذي أعددته هو العمل على إصدار قانون صندوق تعاضد المحامين أسوة بصندوق تعاضد القضاة.
إنّ هذا الخيار الذي أدعو الزملاء جميعاً لدعمه، سيعالج الثغرات التي نشأت خلال السنوات السابقة وأهمّها:
1- سيؤمّن إدارة مستقلّة منتخبة من قبل الجمعية العمومية للمحامين تكون برئاسة النقيب وتتفرّغ إلى إدارة كاملة ومستمرّة لقضايا الإستشفاء، وإنّ افتقاد مثل هذه الإدارة خلال المراحل السابقة كان أحد أهمّ اسباب الخلل الحاصل.
2- سيؤمّن مساهمة في التمويل من خلال السعي إلى تخصيص واحد بألف إضافي على العقود والإتفاقات لا سيّما وأنّ الــ /1/ بالألف الذي تحصل عليه النقابة يجب أن يخصّص لموضوع التقاعد الذي يحتاج إلى رفده بالموارد المالية للمحافظة على توازن المالي مستدام يؤمّن استمراريته، لا بل تحسين مستوى تقديماته.
3- سيتضمّن النصوص التي تسمح بإيجاد تمويل متعدّد للصندوق ومساهمة من الدولة تكون مرنة وتأخذ بعين الاعتبار أوضاع المالية العامة وضرورة الحاجة لتقديم الأمان الصحّي للمحامين المولجين بتقديم خدمة عامة.
4- سيستفيد بالطبع من الاعفاءات الضريبية والإمتيازات التي تحوزها صناديق التعاضد.
• هل لنقابة المحامين القدرة على إقرار مثل هذا القانون؟
إذا اجتمعنا كلّنا حول هذا الهدف، بالتأكيد نعم، نقابة المحامين مرجعية وطنية لها امتدادها على مختلف مستويات القرار، ونحن سنسعى إلى بلورة هذه القوّة بشكل يضمن حقوق المحامين ومصالحهم.
• لكن هناك معاناة في صفوف المحامين يعاني حتّى من كيفية سداد رسمه وأقساط التأمين الصحّي له ولعائلته، فهل هناك آفاق لمعالجة هذا الأمر في مشروعك؟
بالطبع المحامون جزء من هذا المجتمع الذي يرزح للأسف تحت وطأة الضغوط الاقتصادية الصعبة. إنّ تخفيف هذه الأعباء والضغوط عن المحامي هي أيضاً مسؤولية النقابة، هناك العديد من الخطوات السريعة التي لم يعد من الجائز تأخيرها ومنها:
1- زيادة قيمة تسجيل الوكالة في الدعاوى من /75000/ل.ل إلى /150.000/ل.ل على أن تكون الزيادة حصراً لمصلحة المحامي حيث تدخل في حسابه الخاص أو عبر بطاقة إئتمائية تسمح له باستخدامها إذا شاء في تسديد الرسم النقابي، وأقساط التأمين.
زملاؤنا في نقابة طرابلس، قد لا يحتاجون إلى تسديد أقساط التأمين، بل تقتطع من حسابهم.
وهذا الأمر سينصف المحامين العاملين في قضايا الدعاوى عن غيرهم من المحامين.
2- إستحداث نظام سلف على أتعاب المحاماة من الشركات، بمعنى أن تدفع سلفاً على أتعاب الوكالات السنوية العائدة للشركات تدفع في النقابة، وهذا من شأنه أن يزيل الكثير من الحرج في علاقة المحامين مع الشركات التي يتوكّلون عنها ولا تسدّد أتعابهم السنوية.
3- يمكن الإنطلاق في تقييم تلك الخطوات للبحث في إمكانية تعميم الخطوة لتشمل الدعاوى في مرحلة قادمة.
إنّ هذه الخطوات التي تتطلّب تفعيلاً وتحديثاً للإدارة النقابية من شأنها أن تفيد المحامين العاملين وتنصفهم.


• يشوب العلاقة بين القضاء والمحامين فتور تمظهر في غير اشكال وباعتراض واضح على اعتكاف القضاة، كيف يمكن اعادة تمتين العلاقة بعيداً عن شاعرية جناحي العدالة؟
سـأقارب الموضوع بكلّ صراحة وشفافية وبطريقة علمية وموضوعية تبعده عن كلّ مجاملة ودبلوماسية،
العلاقة مع القضاء للأسف، ليست في وضع مريح وهذا يتحمّل مسؤوليته في الدرجة الأولى غياب حوار جدّي وعميق بين النقابة وبين مجلس القضاء الأعلى، يتناول القضايا والاشكالات التي تسيء لهذه العلاقة ووضع الأسس والتفاهمات التي تنمّي هذه العلاقة التشاركية المكرّسة لخدمة العدالة بالدرجة الأولى.
إنّ ضابطي إيقاع هذه العلاقة هما على السواء:
– إحترام نصوص القانون والضمانات التي أعطاها للطرفين لممارسة رسالتهما.
– الإحترام المتبادل الناشيء عن تقدير عميق لدور ومهمّة كلّ طرف.
بالنسبة لنصوص القانون الذي أولى حماية خاصة ومشدّدة، بوجه من يتعرّض للقاضي وللمحامي على السواء وفرض العقوبة المشدّدة نفسها، وأعطاهما حصانة وأصولاً خاصة للملاحقة.
بالنسبة للمحامين، الحصانات التي أعطاها القانون لهم لا سيّما المواد /75/ و /79/ من قانون تنظيم مهنة المحاماة وعدم جواز التوقيف في جرائم القدح والذم، هي نصوص مقدّسة بالنسبة للمحامين ولا يجوز أن يشكوا المحامون من اجتهادات أو أداء قضائي يشكّل افتئاتاً على هذه النصوص القانونية والضمانات الصريحة الواردة في القانون وقد شهدنا للأسف في الأونة الأخيرة، تجاوزاً للنصوص المتعلقة بحصانة المحامي، فجرى توقيف محامين دون الإستحصال على إذن من النقابة وهذا أمر لا يمكن أن نقبل به بمعزل عن تفاصيل كلّ قضيّة وحيثياتها، فبالنسبة لنا تلك النصوص لا يجوز تجاوزها أو الإجتهاد بشأنها، لأنّ ذلك يمسّ بالضمانات الجوهرية للمحامي، وأتمنّى على القضاء أن يأخذ بالإعتبار ما تمثّله هذه النصوص بالنسبة للمحامي، والنقابة.
أمّا في ما يتعلّق بالأخطاء أو التجاوزات التي يمكن أن يرتكبها بعض المحامين، فهذه الأفعال والتجاوزات هي رهن القانون أيضاً، ويجب على نقابة المحامين أن تبادر من تلقاء نفسها إلى إعمال المجالس التأديبية عند الإقتضاء، وهي محاكم أناط بها القانون تقرير عقوبات مسلكية بحقّ المحامي المخالف.
بالنسبة للشقّ الثاني من العلاقة والقائم على الإحترام المتبادل، فإنّ هذا المبدأ إن كان مكرّساً بموجب قسم المحامي وفي وجدانه، فيجب أن يكون مكرّساً أيضاً في ضمير القاضي ووجدانه انطلاقاً من تقدير وتفهّم لدور المحامي وأهمية رسالته.
(نشر في النسة الورقية من مجلّة “محكمة” – العدد 46 – تشرين الأوّل 2019)
“محكمة” – الثلاثاء في 2019/10/8

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!