أبرز الأخبارعلم وخبر

“إستئناف جديدة المتن” تثبّت قرار “العجلة” بمنع الإعلام من الحديث عن التحقيق بقضيّة نادر صعب/علي الموسوي

كتب علي الموسوي:
لا يحقّ لوسائل الإعلام التعرّض لسرّية التحقيق في مطلق قضيّة، ولا يمكنها الخوض في متنه أو مقاربته أو تكوين استنتاجات واستنباط أحكام، أو استباق نتائجه، وذلك بهدف التأثير في الرأي العام، أو الحلول مكان القضاء، ولكنْ بمقدورها في المقابل، التعويض عن النقص الحاصل في هذا الجانب المثير عادةً والجاذب للأنظار والأذهان، بالقيام بعملها الصحفي المهني البحت بعيداً عن الإطار القضائي للتحقيق المجرى كأن تُجري مقابلات تتعلّق بالموضوع بحدّ ذاته، وإلاّ فليس أمامها سوى انتظار المحاكمات العلنية لنقل وقائعها ومجرياتها، أو صدور أيّ قرار قضائي يتعلّق بها ونشره والبحث فيه، على أن تبقى الكلمة الأخيرة في الإدانة والتبرئة من اختصاص المحكمة المعنية.
هذا ما أرادت أن تقوله الغرفة الثالثة عشرة المدنية لمحكمة الإستئناف في جبل لبنان – جديدة المتن، والمؤلّفـة من القاضيات الســــيّدات ســـــــــانيا نصر رئيســـــةً، وحياة عاكوم ورنا حبقا مســـتشـــــــارتين، في قرارها المتعلّق بطلب المؤسّسة اللبنانية للإرسال انترناشيونال (LBCI) وقف تنفيذ قرار القاضي المنفرد المدني في المتن الناظر في قضايا الأمور المستعجلة أنطوان طعمة بمنع وسائل الإعلام المرئي والمسموع والإلكتروني من تناول جوانب التحقيق في قضيّة وفاة المواطنة العراقية فرح قصّاب خلال إجراء عملية تجميل لها في مستشفى الدكتور نادر صعب.
ويومها أكّد طعمة أنّ غاية قراره هي الحفاظ على القيم والمصالح تحت طائلة غرامة إكراهية مقدارها خمسون مليون ليرة لبنانية عن كلّ مخالفة لقراره.
وعادت محكمة الاستئناف لتشدّد على ما ذهب إليه طعمة، فردّت طلب وقف التنفيذ بداعي عدم وجود ما يبرّره، من دون الخوض في صلب القضيّة، ليقتصر تركيزها على قرار البتّ بوقف التنفيذ، لأنّها لا تستطيع بكلّ بساطة، أن توضّح أكثر، وبالتالي لا يمكنها إعطاء رأي مسبق يُفقدها حياديتها، لذلك جهدت في عرض إدلاءات طرفي الدعوى في ما يتعلّق بسرّية التحقيق التي لا يمكن الإنتقاص منها تحت أيّ عنوان كان، سواء الحقّ في الوصول إلى المعلومات، أو الحرّية الإعلامية، وانتهت إلى اعتبار قرار القاضي طعمة لجهة عدم جواز التعرّض لقضيّة صعب/قصّاب في جوانبها التحقيقية صحيحاً.
ويسلّط هذا القرار الضوء على موضوع حسّاس وبالغ الأهمّية خصوصاً في ظلّ ما تُقْدم عليه بعض الصحف اليومية والمحطّات التلفزيونية من نشر محاضر تحقيقات أوّلية وقبل وصول الملفّ بما فيه من أوراق ومضبوطات إلى القضاء المختص، وهو السلطة المخوّلة قانوناً، البتّ في صحّة الأقوال والتحقّق من الأدلّة والقرائن وتثبيتها وصولاً إلى قول كلمته الفاصلة إحقاقاً للحقّ.
وهنا تفاصيل قرار محكمة الاستئناف:
باسم الشعب اللبناني
إنّ محكمة الاستئناف في جبل لبنان – الغرفة الثالثة عشرة المدنية – جديدة المتن، المؤلفـة من القاضيات الســــيدات ســـــــــانيا نصر رئيســـــة وحياة عاكوم ورنا حبقا مســـتشـــــــارتين،
لدى التدقيق والمذاكرة،
وبعد الاطلاع :
• على الاستحضار الاستئنافي الذي قدّمته المؤسّسة اللبنانية للإرسال انترناشيونال LBCI بواسطة الأستاذ أكرم عازوري بتاريخ 6/10/2017، بوجه:
1) الدكتور نادر فؤاد صعب
2) ومستشفى الدكتور نادر صعب للجراحة التجميلية ش.م.ل.
3) وبوجه جمعية “المفكّرة القانونية” كمقرّر إدخالها بداية،
وذلـــــــــــــك طعناً في الحكم الصادر بتاريخ 16/12/2016 عن القاضي المنفرد المدني في المتن الناظر في قضايا الأمور المستعجلة تحت الرقم 330/2017، في الدعوى الإعتراضية ذات الرقم 838/2017، والآيل موضوعاً الى ردّ الاعتراض الذي قدمته المستأنفة ضد الأمر على عريضة الذي استصدره المستأنف عليهما بتاريخ 8/6/2017، تحت الرقم 268/2017، آمراً بـ :
((منع وسائل الاعلام المرئي والمسموع والالكتروني من تناول القضية موضوع الاستدعاء الراهن في جوانبها التحقيقية حفاظاً على القيم والمصالح المبيّنة في متن هذا القرار، وذلك تحت طائلة غرامة إكراهية قدرها خمسون مليون ليرة لبنانية عن كلّ مخالفة لهذا القرار، وإبلاغ من يلزم.))
• وعلى طلب وقف تنفيذ الحكم المستأنف الوارد فيه؛
• وعلى اللائحة الجوابية التي قدّمها المستأنف عليهما ردّاً على الطلب المذكور؛
• وعلى كلّ الأوراق في مراحل المحاكمة كافة؛
بما أنّه بموجب المادة 577 من قانون أصول محاكمات مدنية:”إذا استؤنف الحكم المعجّل التنفيذ، جاز لمحكمة الإستئناف في جميع الأحوال أن تقرّر، بناء على طلب الخصم ذي العلاقة، وقف التنفيذ المعجّل إذا كان واضحاً أنّ النتائج التي ستترتّب على التنفيذ تتجاوز الحدود المعقولة بالنظر إلى ظروف القضيّة، أو إذا كانت أسباب الطعن في الحكم يرجّح معها الفسخ … “.
وبما أنّ المستأنفة، وفضلاً عن الأسباب الإستئنافية المثارة وما تعيبه بموجبها على الحكم الإعتراضي المستأنف والأمر على العريضة المعترض عليه، تطلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه للأسباب التالية:
– لخطورة منع حقّ التعبير عن كلّ القطاع الإعلامي اللبناني خلافاً لأحكام الدستور والإتفاقات الدولية؛
– للطابع غير القضائي للحكم المذكور؛
– لكون الإبقاء عليه نافذاً قبل الفصل في مدى قانونيته، يخلق سابقة خطيرة في التعدّي على الحرّية الإعلامية في لبنان، ويشكّل خرقاً لقاعدة المساواة بين الوسائل الإعلامية، وبالتحديد، بين وسيلة لم يقرّر المستأنف عليهما بالإتفاق مع قلم العجلة إبلاغها القرار، وهي غير ملتزمة به، وبين وسيلة يقرّران إبلاغها فتصبح تحت رقابته المسبقة؛
وبما أنّ المستأنف عليهما الدكتور نادر فؤاد صعب، ومستشفى الدكتور نادر صعب للجراحة التجميلية ش.م.ل.، يطلبان بواسطة الأستاذة ميراي شاكر، ردّ طلب وقف التنفيذ، ويوضّحان:
– أنّ حرّية الصحافة مرتبطة بوجوب احترام أصول استعمالها، وعدم الإساءة إلى الآخرين والإضرار بهم، وعدم تجاوز القانون والتجاوز في استعمال الحقّ في إبداء الرأي والتعبير،
– إنّ وقف تنفيذ الحكم المذكور من شأنه أن يؤدّي إلى نتائج تتجاوز الحدود المعقولة بحيث سيعود الإعلام إلى التطرّق من جديد إلى سريّة التحقيقات، ويُعَدّ بحدّ ذاته فصلاً مسبقاً ومباشراً في أساس النزاع، بحيث تنتفي بالتالي آثاره، قبل صدور أيّ قرار إستئنافي نهائي؛
– إنّ الأمر على عريضة ومن بعده الحكم الإعتراضي، حدّد وبشكل دقيق الهدف من إصداره، إذ حصره قاضي العجلة بمقتضيات سرّية التحقيقات فقط دون غيرها من المعلومات، فلا يشكّل والحالة كذلك تعرّضاً للحرّية الإعلامية أو غيرها من الحرّيات المكفولة قانوناً؛
– إنّ الحكم المستأنف إستند إلى أحكام قانونية تتعلّق بالنظام العام وبسرّية التحقيقات القضائية لا سيّما تلك الحاصلة أمام قضاء التحقيق الجزائي، بحيث يصطدم قرار وقف التنفيذ حينها بالإنتظام العام، ويكرّس تعديلاً قانونياً لأحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية ونقضاً فاضحاً للقوانين المرعية الإجراء وصلاحية القضاء بهذا الخصوص، وذلك عن طريق السماح بالتداول بالتحقيقات القضائية قبل انتهائها، وتحوّل الملفّ من مرحلته السرّية إلى مرحلته العلنية؛
– إنّ المجلس الوطني للإعلام بشخص رئيسه، وهو الجهة الصالحة لتنفيذ أحكام قانون تنظيم وسائل الإعلام المرئي والمسموع والتأكّد من تقيّد وسائل الإعلام بهذه الأحكام، وجّه بتاريخ 12/6/2017 بياناً إلى جميع وسائل الإعلام المرئي طالباً منهم عدم بثّ أو نشر أيّة أمور تتعلّق بالتحقيقات القضائية، وتحديداً القضيّة الراهنة؛
– إنّ وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه من شأنه إلحاق الضرر الكبير غير القابل للتعويض بالمستأنف عليهما، على وجه يتجاوز كلّ منطق أو عرف أو مبدأ؛
وبما أنّه في ضوء أحكام المادة 577 أ.م.م. والشروط القانونية المحدّدة بمقتضاها والتي تخوّل محكمة الاستئناف وقف تنفيذ الأحكام المعجّلة التنفيذ،
وبالنظر إلى الظاهر المستمدّ من:
مجمل المعطيات والوقائع والمستندات الثابتة في الملفّ بمراحله كافة،
وماهية الحكم المطعون فيه وما استند إليه وانتهى إليه وحدّده مآلاً،
ومضمون الأسباب الإستئنافية المثارة، وكلّ ما أدلي به في معرض طلب وقف التنفيذ،
لا ترى المحكمة بحالة الأوراق، وانطلاقاً من حقّها السيادي في التقدير، ما يبرّر وقف تنفيذ الحكم المستأنف؛
لذلــــــــــــــك
تقرّر بالإتفاق، وبحالة الأوراق ردّ طلب وقف التنفيذ لانتفاء ما يبرّره، وإبلاغ من يلزم؛
قراراً صدر في جديدة المتن بتاريخ 2017/12/4.

“محكمة” – الثلاثاء في 2017/12/05
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يرجى الإكتفاء بنسخ جزء من الخبر وبما لا يزيد عن 20% من مضمونه، مع ضرورة ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!