أبرز الأخبارمقالات

حكم لجنايات الجنوب: ثبوت بيع المخدّرات ولا عطف جرمي/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
بحثت محكمة جنايات لبنان الجنوبي التي كانت مؤلّفة من القضاة الرئيس الأوّل سعيد ميرزا والمستشارين حافظ العيد ومحمّد بدران مسألة معرفة ما إذا كان المتهم يبيع المخدّرات للمدعى عليه وللقاصر، أم أنّ الأمر كان اعطاؤهم حبوباً من دواء كان يشتريه من الصيدلية، فاعتبرت المحكمة أنّ تذرّع المتهم بقي مجرّداً عن الدليل فضلاً عن اختلاف شكل الحبوب وحجمها ولونها والغلاف الذي تحويه عن شكل حبوب الدواء ولونها وحجمها وكونها موضوعة ضمن حنجور زجاجي وليس في مغل!ف من النايلون الابيض.
وقضت بادانة المتهم والطنين وبتغريمهما وحبسهما. وما جاء في القرار الصادر بتاريخ 2001/10/17:
ثالثاً- في القانون:
حيث إنّ الدعوى العامة حرّكت في هذه القضيّة بعدما ادلى المدعو بافادة مؤداها أنّ ابنه القاصر قد اعترف له بشرائه حبوباً مخدرة من داخل مخيّم عين الحلوة، وبأنّ تلك الحبوب هي صفراء اللون صغيرة الحجم، بعدما اعترف القاصر وبحضور مندوبة اتحاد حماية الاحداث بأنّه يتعاطى حبوباً مخدّرة يجهل اسمها إلاّ أنّها صغيرة الحجم صفراء اللون وفي وسط كلّ حبّة خطّ مستقيم وبأنّه كان يستحصل على تلك الحبوب المخدّرة من المدعى عليه صلاح المقيم داخل مخيّم عين الحلوة مرّة في الأسبوع وبمعدّل حبّتين إلى أربع حبّات في كلّ مرّة، وبأنّ المدعى عليه صلاح كان يحضر مغلّفاً من النايلون الأبيض ومكتوباً عليه بلغة أجنبية من إحدى غرف منزله ويناول القاصر الحبوب من داخل المغلّف، وبأنّ القاصر كان يشعر بعد تناوله من تلك الحبوب بارتياح نفسي وانشراح في الصدر وبهلوسة.
وحيث إنّ المدعى عليه صلاح أنكر أمام قاضي التحقيق معرفته بالقاصر واعترف بأنّه كان يعطي المدعى عليه وسيم من حبوب “البيزنكسول” التي يشتريها من الصيدلية وبدون وصفة طبّية، ثمّ اعترف بأنّ القاصر حضر لعنده مع وسيم إلى المقهى الذي يملكه في عين الحلوة.
وحيث إنّ المدعى عليه وسيم اعترف بأنّه اخذ من صلاح حبّة وصفها بأنّها منوّمة.
وحيث يتبيّن ممّا تقدّم انّ واقعة حيازة المدعى عليه صلاح كمّية من الحبوب ضمن مغلّف من النايلون الأبيض داخل منزله في مخيّم عين الحلوة هي واقعة ثابتة، كما أنّ واقعة معرفته بالقاصر ولقائه به داخل المخيّم مع وسيم ثابتة أيضاً وكذلك فإنّ واقعة إعطاء المدعى عليه صلاح من تلك الحبوب إلى كلّ من القاصر والمدعى عليه وسيم هي ثابتة.
وحيث إنّ اقوال المدعى عليه صلاح أمام قاضي التحقيق بأنّه كان يشتري دواء “البيزنكسول” من الصيدلية ودون وصفة طبّية جاءت متناقضة مع أقواله أمام المحكمة بأنّه لا يعرف اسم الطبيب الذي وصف له دواء “البيزنكسول” وبأنّ الوصفة الطبّية موجودة في بيته – مع الإشارة بأنّه لم يبرزها إلى المحكمة- يضاف إلى ذلك أنّه لم يثبت للمحكمة ماهية المرض الذي يعاني منه حتّى يتناول من دواء “البيزنكسول” وبمعدّل نصف حبّة كلّ يومين أو ثلاثة أيّام.
وحيث إنّ وكيلة المتهم صلاح أبرزت عيّنة من علبة دواء “البيزنكسول” خالية من ورقة المشروحات التي تبيّن ماهية المواد الكيماوية المستعملة في تركيبة الدواء وأنواع الأمراض التي تستدعي تناوله، وقد تبيّن بأنّها عبارة عن حنجور من الزجاج وبداخله مائة حبّة بيضاء، وأنّ الجرعة المسموح بها يومياً هي من حبّة إلى ثلاث حبّات، كما أبرزت وكيلة المتهم تقريراً طبّياً منظّماً من الدكتور ق. ك. وفيه أنّ دواء “البيزنكسول” يعطى لمن يعاني من العوارض التشنّجية ولم يتضمّن هذا التقرير أنّ المتهم صلاح يعاني من هذه العوارض.
وحيث تبيّن ممّا تقدّم أنّ تذرّع المتهم صلاح بأنّ ما كان يتعاطاه من حبوب وما وزّع منه على القاصر ووسيم هي من حبوب دواء “البيزنكسول” بقي مجرّداً عن الدليل فضلاً عن اختلاف شكل الحبوب وحجمها ولونها والغلاف الذي تحويه – كما وصفها القاصر- عن شكل حبوب دواء “البيزنكسول” ولونها وحجمها، وكونها موضوعة ضمن حنجور زجاجي وليس في مغلّف من النايلون الأبيض.
وحيث بالاضافة إلى ذلك، فإنّ علبة الدواء المبرزة من وكيلة المتهم دُوّن عليها بأنّ ثمنها هو /4500/ ل.ل. وتحوي مائة حبّة، وطالما الأمر كذلك، فلماذا يتكبّد القاصر ووسيم عناء الانتقال وتكاليفه من محلّ إقامتهما إلى داخل مخيّم عين الحلوة للحصول على حبّة أو حبّتين من صلاح وثمنها لا يتجاوز مائة ليرة لبنانية إذ بإمكانهما شراء علبة تحتوي مائة حبّة بأقلّ من أجرة الطريق ذهاباً وإياباً.
وحيث إنّ القرار المبرزة صورة عنه من وكيلة المتهم عائدة لقرار صادر عن وزارة الصحّة برقم 1/25 تاريخ 2001/1/23 ويتعلّق بالشروط الواجب توفّرها في الطبيب للحصول على دفتر وصفات مخدّرات، وبالتالي فلا علاقة لهذا القرار بالقضية الراهنة، كما أنّ صورة المرسوم رقم 2432 تاريخ 2001/2/11 المبرزة أيضاً من وكيلة المتهم تتعلّق بنقل مواد من الجدول الثاني في قانون المخدّرات رقم 98/673 إلى الجدول الأوّل ونقل مواد من الجدول الثالث والرابع إلى الجدول الأوّل ونقل مواد من الجدول الثالث إلى الجدول الثاني، وبالتالي من المقارنة بين المواد المبيّنة في الجداول الأربعة وبين دواء “البيزنكسول” غير مجدية، طالما توصّلت المحكمة إلى أنّ مزاعم المتهم صلاح بأنّ ما تعاطاه وأعطى منه إلى القاصر ووسيم هو من دواء “البيزنكسول” بقيت مجرّدة عن الدليل.
وحيث، وإنْ لم تضبط أيّ عيّنة من تلك الحبوب، فإنّ اعتراف المتهم صلاح بتعاطيها، واعترافه بإعطائه قسماً منها إلى القاصر ووسيم اللذين اعترفا بتعاطيها وبيّنا ما خلّفته من آثار على جسديهما ونفسيتهما، فإنّ كلّ ذلك يؤكّد بأنّها حبوب مخدّرة.
وحيث إنّ المحكمة، وتأسيساً على جميع ما تقدّم قد تكوّنت لديها القناعة وارتاح وجدنها بأنّ الافادة الأوّلية التي أدلى بها القاصر والتي جاءت متوافقة مع أقوال والده الذي لجأ إلى مكتب مكافحة المخدرات الاقليمي لينقذ ابنه من هذه الآفة، والتي جاءت أقوال وسيم مع مدلول أقوال صلاح لتطابقه معها، هي الافادة الصحيحة والمثبتة لواقعة حيازة المتهم صلاح لحبوب مخدّرة ولقيامه بترويجها.
وحيث إنّ ادلاء وكيلة المتهم صلاح بأنّ اقوال القاصر بحقّ موكّلها هي من قبيل العطف الجرمي لا يستقيم مع واقع الحال، إذ إنّ الظنين الآخر وسيم اعترف أيضاً بتعاطيه من تلك الحبوب التي أعطاه إيّاها صلاح ولم يثبت وجود خلاف بينهما فضلاً عن عدم ثبوت خلاف بين القاصر وصلاح ممّا يستتبع ردّ ما أدلي به لهذه الجهة.
وحيث إنّ فعل المتهم صلاح، وعلى الشكل المبسوط آنفاً ينطبق على جناية المادة 126 من القانون رقم 98/673.
وحيث إنّ فعل الظنين صلاح ووسيم لجهة تعاطيهما الحبوب المخدّرة يؤلّف جنحة المادة 126 من القانون رقم 98/673.
وحيث إنّ المحكمة، وبالنظر لظروف المتهم صلاح الاجتماعية ترى منحه الأسباب التخفيفية المنصوص عنها في المادة 253 عقوبات.
لذلك، وبعد سماع مطالعة ممثّل النيابة العامة الاستئنافية، وسنداً للمواد 322و323و324و325و331 من قانون أصول المحاكمات الجزائية،
تحكم المحكمة بالإجماع:
1- بتجريم المتهم صلاح، بمقتضى الجناية المنصوص عنها في المادة 126 من القانون رقم 98/673 وإنزال عقوبة الأشغال الشاقة المؤبّدة به وتغريمه مبلغ خمسة وعشرين مليون ليرة لبنانية.
2- بإدانته بمقتضى جنحة المادة 127 من القانون رقم 98/673 وحبسه لمدّة سنة وتغريمه مبلغ مليوني ليرة لبنانية.
3- بادغام هاتين العقوبتين سنداً للمادة 205 عقوبات وعلى أن تنفّذ بحقّه العقوبة الأولى لأنّها الأشدّ، وتخفيفها عملاً بالمادة 253 عقوبات إلى عقوبة الأشغال الشاقة لمدّة خمس سنوات وتغريمه عشرة ملايين ليرة لبنانية يحبس عنها يوماً واحداً عن كلّ مبلغ خمسة وعشرين ألف ليرة لبنانية في حال تمنّعه عن دفع الغرامة عملاً بالمادة 159 من القانون رقم 98/673، وعلى أن تحسب له مدّة توقيفه الاحتياطي وبتجريده من حقوقه المدنية لمدّة عشر سنوات تبدأ بحقّه من تاريخ الانتهاء من إنفاذه للعقوبة عملاً بالمادة 63 عقوبات.
4- بادانة الظنين وسيم المبيّنة كامل هويته أعلاه بمقتضى جنحة المادة 127 من القانون 98/673 وحبسه لمدّة ثلاثة أشهر وتغريمه مبلغ مليوني ليرة لبنانية يحبس عنها يوماً واحداً عن كلّ خمسة وعشرين ألف ليرة لبنانية في حال تمنّعه عن دفع الغرامة عملاً بالمادة 159 من القانون 98/673.
5- بتضمين المحكوم عليهما الرسوم والمصاريف القانونية والنفقات القضائية.
حكماً وجاهياً أصدر وأفهم علناً بحضور ممثّل النيابة العامة الاستئنافية بتاريخ صدوره يوم الأربعاء الموافق فيه 2001/10/17.
“محكمة” – الثلاثاء في 2018/07/10

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!