مقالات

لانتخاب رئيس للجمهورية ووقف عرقلة التحقيق بانفجار المرفأ وفكّ اعتكاف القضاة/ناضر كسبار

النقيب ناضر كسبار*:
في مادته الأولى، ينصّ قانون تنظيم مهنة المحاماة رقم 70/8 الصادر بتاريخ 11 آذار 1970 على أن المحاماة مهنة ينظّمها هذا القانون، وتهدف إلى تحقيق رسالة العدالة بإبداء الرأي القانوني والدفاع عن الحقوق.
وينصّ في مادته الثانية على أنّها تساهم في تنفيذ الخدمة العامة. ولهذا تولي من يمارسها الحقوق والحصانات والضمانات التي ينصّ عليها هذا القانون. كما تلزمه بالموجبات التي يفرضها.
هذه المهنة تشارك السلطة القضائية، التي نتمنّى أن يصدر القانون الذي يعطيها إستقلاليتها، في استظهار الحقائق لتحقيق العدل وتأكيد سيادة القانون.
المحاماة في لبنان مهنة حرّة. ومن يقرّر إعطاء المجاز في الحقوق لقب المحامي هي النقابة، من دون وصاية أيّ وزير كما هو الحال في مهن أخرى. وبالتالي، فعلى المحامي أن يؤمن بأنّ النقابة هي أمّنا الجامعة وملاذنا الآمن. وعلينا جميعاً أن نحافظ عليها ونحترمها، ونحترم قوانينها وأنظمتها.
أيّها الحفل الكريم،
هناك مبادئ في المحاماة يجب أن نحافظ عليها. المحاماة مهنة صعبة وشاقة ومتعبة. منذ صغري، عندما كنت أتصفّح مجلّة “العدل” حيث تكتب في آخر صفحاتها نبذة عن المحامين المتوفين، كنت أقرأ عبارة: “.. وتوفّى إثر نوبة قلبية”.
نعم. المحاماة مهنة لها مبادئها، وشروطها، ومناقبيتها. فالمحامي يعيش من مهنته، ومنعه القانون من ممارسة أيّ عمل آخر لا يأتلف معها. كما منعه من الدعاية. وفرض عليه أن يكون لديه مكتب، وغرفة في مكتب. والمكتب يتطلّب المصاريف الباهظة التي يتكبّدها المحامي الذي عليه أن يجهّزه، ويتابع آخر الإجتهادات والآراء الفقهية، والقوانين والمراسيم والقرارات التي تصدر. وأن يواكب تطورات العصر. فالعلم يركض ونحن نواكبه.
والمحاماة عالم متنوّع بحدّ ذاته. ونأسف أن يطغى عليها إعلامياً الطابع الجزائي. كما نأسف لما ينشر على صفحات الفايسبوك والمجموعات. فكما أنّ هناك شكاوى ودعاوى جزائية تطغى على ما عداها من دعاوى، ويجري الحديث عنها على شاشات التلفزة والإذاعات والصحف ومواقع التواصل الإجتماعي وغيرها، هناك أيضاً الدعاوى المدنية والمالية والتجارية والإدارية، والتي لا يتحدّث عنها أحد أو عن المحامين الذين يتابعونها. أمّا وسائل التواصل الإجتماعي وبعض المجموعات، فتضمّ للأسف من يشوّه صورة المحاماة والمحامين، إن لجهة نشر الصور غير اللائقة، أو لجهة التعليقات المزرية والسخيفة.
فإذا دعا مرشّح زملاءه إلى حفل غداء أو عشاء، يدور الكلام على الفايسبوك عن صحن الحمص وعن العلف وغيرها من العبارات المبتذلة التي لا تليق بالمحامين الذين يكتبونها. كما نقرأ عبارات أكثر من مبتذلة من محامٍ ضدّ زميله أو بالمطلق ضدّ محامين أو محاميات. فهل هذه هي المحاماة. وهل غابت المناقبية من كلام وتصرّفات الزملاء المحامين؟
وهل هؤلاء هم المثال الذي يُعطى للمحامين في الوقت الذي يتابع المحامون الملتزمون قضاياهم في مكاتبهم وفي قصور العدل بكلّ رفعة ومناقبية. ويكتبون اللوائح والمذكّرات التي كما كان أحد كبار المحامين يقول: “بتمشي لحالها”؟


أيّها الزميلات والزملاء،
على كلّ واحد منكم أن يتعامل مع نقابته كما تَعامل الكاتب والأديب أمين تقي الدين مع والدته التي دعته وأشقاءه الأربعة وكلهم وزراء وسفراء وشعراء وكتاب، لزيارتها فكتب لها القصيدة الشهيرة واستهلها قائلاً:
بنوك فديت يا أمّ البنينا                        هم أهل الوفا لو تعلمينا
دعوتهم فلبّينا كـأنّا                            رجعنا للصبا لما دعينا
نعم بيتان من الشعر ردّدهما معالي النقيب عصام الخوري أمام النقيب والأعضاء يوم دعي إلى جلسة من جلسات مجلس النقابة. فنقابة المحامين تجمع ولا تفرّق. وسوف تبقى السياسة والطائفية خارج أبوابها. فهم متكاتفون متضامنون، يساعدون بعضهم بعضاً في ظل هذه الظروف الصعبة.
أيّها الزميلات والزملاء
في عيدكم، أدعوكم للصمود والنضال وعدم الإستسلام. فالبلد يمرّ بظروف صعبة: إستلشاق، عدم مسؤولية، نهب وسرقة، إضرابات واعتكافات غير مبرّرة. إلّا أنّ أمّ النقابات كانت وستبقى صمام الأمان والصوت المدوي المُطالب بالحقّ والحرّية والشفافية.
في عيدكم نؤكّد على مبادئ وثوابت لا نحيد عنها:
• ندعو إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهلة الدستورية.
• ندعو السادة القضاة إلى فكّ اعتكافهم الذي لا مبرّر له. نحن مع مطاليبهم ونعمل على تحقيقها بكل ما أوتينا من قوّة. ولكن لا نوافق على الإستمرار بالإعتكاف.
• ندعو القضاة بعد فكّ اعتكافهم إلى بتّ الدعاوى المتعلقة بأموال المودعين بالإضافة طبعاً إلى بقية الدعاوى.
• ندعو من يعرقل ملفّ جريمة العصر- تفجير المرفأ- إلى التوقّف عن العرقلة لتأخذ العدالة مجراها.
• ندعو المسؤولين إلى تحمّل مسؤولياتهم وعدم الإستهتار بمصالح وصحة الناس.
• ندعو الزملاء المحامين إلى التقيّد بمبادئ الإحترام والمناقبية، وإلى النضال وعدم الإستسلام لأن الفرج قريب بإذن الله.
عشتم،
عاش المحامون،
عاشت نقابتا المحامين في بيروت وطرابلس.
عاش لبنان.
*ألقى نقيب المحامين في بيروت ناضر كسبار هذه الكلمة في الإحتفال الحاشد الذي أقيم اليوم في “بيت المحامي” لمناسبة “يوم المحامي”.
“محكمة” – الثلاثاء في 2022/10/11

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى