أبرز الأخبارعلم وخبرميديا

“التمييز” تردّ طلب صحناوي بنقل الدعوى من غادة عون: النيابة خصمٌ لا يُردّ/علي الموسوي

كتب علي الموسوي:
لم تكتف محكمة التمييز الجزائية بغرفتها السادسة ورئيستها المنتدبة القاضي سهير الحركة بردّ الطلب المقدّم من رئيس مجلس إدارة بنك “سوسيتيه جنرال” أنطوان صحناوي، لنقل دعوى الحقّ العام من النائب العام الإستئنافي في جبل لبنان القاضي غادة عون إلى مرجع قضائي آخر بذريعة الإرتياب المشروع، بل أعادت التأكيد وبشكل واضح، بأنّ النيابة العامة كوحدة قضائية قائمة بذاتها، وبغضّ النظر عن تصرّفات أفرادها وممارساتهم، هي طرف رئيسي في الدعوى العامة وخصم أساسي فيها، ولا يجوز إبعادها أو استبعادها عنها بعكس ما يكون الأمر عندما تكون الدعوى لدى قاضي التحقيق أو قاضي الحكم حيث يمكن نقل الدعوى لأسباب قانونية ثابتة ومنصوص عليها في المادة 340 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
وأكثر ممّا تقدّم، فإنّ قانون أصول المحاكمات الجزائية لم يأت على ذكر إمكانية نقل الدعوى من يد النيابة العامة، بل كان واضحًا في المادة 340 المذكورة بأن حدّد الجهتين القضائيتين اللتين يمكن رفع يديهما عن الملفّ الموجود بحوزتهما والقضيّة المعروضة عليهما، وهما قاضي التحقيق وقاضي الحكم، باعتبار أنّ النيابة العامة بما تشكّل، هي جهة رئيسية في الدعوى التي لا تأخذ مجراها القانوني والقضائي إلاّ بإيعاز وإشارة منها وتتابعها حتّى خواتيمها بغضّ النظر عن النتيجة التي تؤول إليها، وبالتالي لا يمكن كفّ يدها، لأنّه يعني قضاء على حقّها الراسخ بتولّي مهمّة ممارسة دعوى الحقّ العام.
ومن المعروف أنّه لا يجوز في الأصل لهذه النيابة العامة أن تتنازل عن ممارسة دعوى الحقّ العام أو أن تصالح عليها بحسب منطوق المادة 6 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
وإذا كان الأمر على هذا المنوال بهذا الشكل الظاهر والجلي، فإنّه من المؤكّد لا يمكن ردّ النيابة العامة لأيّ سبب كان قبل أن تتحرّك دعوى الحقّ العام، وهذا ما قالته محكمة التمييز بتشديدها على أنّه “من باب أولى أن يكون الوضع كذلك أيضًا عندما لا تكون دعوى الحقّ العام قد تحرّكت بعد” إذ إنّ صحناوي في هذه الدعوى شاهد، وهذا يستتبع ردّ طلب نقل الدعوى من عون في الشكل.
وذكّرت محكمة التمييز الجزائية بأنّه وفي ظلّ عدم جواز نقل الدعوى من النيابة العامة، إلاّ أنّه يمكن ردّ قضاة النيابة العامة كأفراد أو أن يتنحّى الواحد منهم من تلقاء نفسه بحسب مندرجات ظرف الدعوى التي سبق له أن وضع يده عليها إنفاذًا لمضمون المادة 128 من قانون أصول المحاكمات المدنية معطوفة على المواد 120 و121 من القانون نفسه.
“محكمة” تتفرّد بنشر كامل قرار محكمة التمييز الجزائية الذي حمل الرقم 2021/19 على الشكل التالي*:
باسم الشعب اللبناني
إنّ محكمة التمييز، الغرفة السادسة الجزائية، الناظرة في طلبات نقل الدعاوى، المؤلّفة من الرئيسة المنتدبة سهير الحركة والمستشارين فرنسوا الياس منتدبًا وفادي العريضي،
لدى التدقيق والمذاكرة،
تبيّن أنّ المستدعي السيّد أنطوان صحناوي، بصفته رئيس مجلس إدارة بنك”سوسيتيه جنرال” في لبنان ش.م.ل. وكيله المحامي آلان بو ضاهر، تقدّم في 2021/3/22 بطلب نقل دعوى للإرتياب المشروع، وبعد أن عرض وقائع عدّة، معتبرًا أنّه سبق للنيابة العامة المالية، أن ادعت على كريم خوري بصفته مدير الخزانة لدى بنك “سوسيتيه جنرال”، وعلى صرّافين عدّة بالجرائم ذاتها المدعى بها بموجب الشكوى أمام النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي غادة عون، المطلوب نقلها، فإنّها عادت وادعت بموجب ورقة طلب على حدة على البنك المنوّه عنه وعلى المستدعي رئيس مجلس إدارته وعلى مدير المصرف جورج صغبيني، وأنّ الادعاءين المنوّه عنهما، أحيلا إلى قاضي التحقيق الأوّل في بيروت الذي منع المحاكمة عن جميع المدعى عليهم في الادعاء الأوّل، وقد استأنفت النيابة العامة المالية ذلك القرار أمام الهيئة الاتهامية في بيروت، في حين أنّ الادعاء الثاني بوجه المستدعي وبالأفعال المنسوبة إلى كريم خوري الذي منعت عنه المحاكمة في الادعاء الأوّل، لا تزال التحقيقات جارية فيه لغاية تاريخه،
وأدلى بأنّ النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان، قد ارتكبت مخالفات قانونية عدّة، مثل إصدار بلاغ بحث وتحرّ بحقّه، بالرغم من أنّه تمّت دعوته كشاهد، كما القدح والذمّ به وما سوى ذلك،
وخلص إلى طلب إصدار القرار في غرفة المذاكرة، بوقف السير في الدعوى رقم 2020/20122 لدى النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، والمعروفة بقضيّة التلاعب بالدولار، سندًا للمادة 340 أ.م.ج.، وإصدار القرار النهائي برفع يد النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي غادة عون، عن الشكوى المذكورة آنفًا، ونقلها إلى مرجع قضائي آخر تبعًا للإرتياب المشروع سندًا لأحكام المادة 340 أ.م.ج. وإبلاغ من يلزم وتدوين حفظ حقوقه لأيّ جهة كانت،
وتبيّن أنّ الجهة المدعية المؤلّفة من المحامين رامي عليق وزينة اللقيس ولودي عبد الفتّاح وسينتيا حموي وفيروز عليق وسمانتا الحجّار وزينة العكّاوي، أبرزت مذكّرة بتاريخ 2021/3/24 طلبت فيها ردّ المراجعة شكلًا لعدم توافر صفة من قدّمها، وإلاّ أساسًا لعدم توافر الأسباب الجدّية لردّ النائب العام الاستئنافي، وتضمين طالب النقل النفقات كافة،
وتبيّن أنّ طالب النقل تقدّم في 2021/3/30 بمذكّرة مع أسباب إضافية، اعتبر فيها أنّ القاضية المطلوب نقل الملفّ من تحت يدها، تبلّغت طلب الردّ الذي قدّمه كريم خوري ضدّها في 2021/3/22، غير أنّها قرّرت في 2021/3/24 تكليف خبير محاسبة للكشف على حسابات بعض الصرّافين…، كما أنّها عند تبلّغها طلب النقل بتاريخ 2021/3/24 دوّنت بخطّها أنّها تطلب ردّ الطلب شكلًا لعدم جواز تقديمه من شاهد وإلاّ أساسًا لعدم جواز ردّ النيابة العامة، وكرّر طلباته السابقة، كما أنّ المستدعي عاد وتقدّم بمذكّرة مرفقة بصورة وكالة بتاريخ 2021/3/31، وتبيّن أنّ النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان دوّنت بتاريخ 2021/3/24 على الجهة الخلفية من إشعار تبليغها نسخة عن الاستدعاء، طلبها ردّ الطلب شكلًا لعدم جواز تقديمه من شاهد وإلاّ أساسًا لعدم جواز ردّ النيابة العامة،
بناء عليه
وبما أنّ المستدعي يطلب نقل الملفّ الموجود لدى قلم النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان تحت رقم الأساس عدد 2020/20122 إلى مرجع قضائي آخر، بالإستناد إلى المادة 340 أ.م.ج.، تبعًا للإرتياب المشروع في تصرّفات النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان،
وبما أنّ الفقرة الأولى من المادة 340 أ.م.ج. تنصّ على أنّ الغرفة المختصة في محكمة التمييز تتولّى تقرير رفع يد مرجع قضائي، في التحقيق أو الحكم، عن الدعوى وتحيلها إلى مرجع آخر من الدرجة نفسها لمتابعة النظر فيها، إمّا لتعذّر تشكيل المرجع المختص أصلًا أو لوقف سير التحقيق أو المحاكمة أو للمحافظة على السلامة العامة أو لداعي الحرص على حسن سير العدالة أو لسبب الإرتياب المشروع،
وبما أنّ النيابة العامة هي خصم دائم وأساسي في الدعوى الجزائية، وقد أنيط بها صلاحية تحريك دعوى الحقّ العام ومتابعتها حتّى بتّها بحكم نهائي، فلا يمكن قانونًا إقصاؤها عنها، إنّما أتاح المشرّع المجال لردّ قضاة النيابة العامة، كأفراد، أو تنحّيهم من تلقائهم، وفقًا للقواعد القانونية المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات المدنية،
وبما أنّه والحال ما ذكر، لا مجال لتطبيق قواعد نقل الدعوى للإرتياب المشروع على النيابة العامة، حيث لا تكون الدعوى العامة عالقة تحت يد”النيابة العامة” كمثل “قاضي التحقيق أو قاضي الحكم”، إنّما تكون خصمًا فيها، ومن باب أولى أن يكون الوضع كذلك أيضًا عندما لا تكون دعوى الحقّ العام قد تحرّكت بعد كما هي الحال بصدد ملفّ التحقيق موضوع طلب النقل الراهن، حيث لا يزال الملفّ في مرحلة التحقيق الأوّلي،
وبما أنّه بالتالي يكون طلب نقل الملفّ موضوع الاستدعاء إلى مرجع قضائي آخر مردودًا شكلًا، أما إذا كان هناك أيّ سبب يتعلّق بشخص أحد أفراد النيابات العامة، فهو مرعي بقواعد قانونية أخرى،
وبما أنّه والحال ما ذكر، يكون من النافل البحث في الأسباب الواردة في طلب المستدعي وفي مذكّرته اللاحقة، والتي استفاض في بحثها، والتي تركّز على الإرتياب بشخص النائب العام،
وبما أنّه يقتضي ردّ طلب النقل شكلًا لعدم قانونيته، وردّ كلّ ما زاد أو خالف،
لذلك
تقرّر المحكمة بالإتفاق:
أوّلًا – ردّ الاستدعاء شكلًا وكلّ ما زاد أو خالف من إدلاءات ومطالب،
ثانيًا- تدريك المستدعي أنطوان صحناوي النفقات القانونية وإبلاغ من يلزم.
قرارًا صدر في 8 نيسان سنة 2021 في حضور ممثّل النيابة العامة التمييزية.
*تجدر الإشارة إلى أنّ محكمة التمييز الجزائية خلصت إلى النتيجة نفسها بردّ طلب نقل الدعوى من عون والمقدّم من مدير الخزانة في بنك “سوسيتيه جنرال” كريم سمير خوري وذلك للتعليل القانوني ذاته الذي ورد في متن القرار المتعلّق بطلب صحناوي، وبالتالي لا يوجد أيّ داع لنشره.
“محكمة” – الجمعة في 2021/4/9
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يمنع منعاً باتاً على أيّ شخص، طبيعيًا كان أم معنويًا وخصوصًا الإعلامية منها، نسخ أكثر من 20% من مضمون الخبر، مع وجوب ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، كما يمنع نشر وتبادل أيّ خبر بطريقة الـ”screenshot” ما لم يرفق باسم “محكمة” والإشارة إليها كمصدر، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!