الأخبار

المفتي دريان: البعد الإنساني لانفجار المرفأ يتطلّب تدخّلًا دوليًا

صدر عن مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان البيان التالي:
“لم يكن تفجير مرفأ بيروت الكارثي خطأ بسيطًا. إنّه جريمة. والجريمة لم تتوقّف حتّى بعد مرور عام على ارتكابها.
إنّها جريمة مستمرّة عبر تجهيل الفاعل. إنّ تدمير عاصمة دولة فوق رؤوس أبنائها، وقتل المئات منهم، وتدمير بيوتهم فوق رؤوسهم وتشريد الآلاف، وتهديم مكاتبهم ومحلّاتهم التجارية ظلمًا وعدوانًا، ليس مجرّد جريمة ضدّ مدينة آمنة مطمئنة فقط، أو ضدّ دولة تحمل رسالة العيش المشترك والأخوة الإنسانية. إنّها جريمة ضدّ الإنسانية. والذين يصرّون على تضليل التحقيق ويعطّلون كشف المجرمين، يرتكبون في ذلك فصلًا جديدًا في هذه الجريمة الإرهابية التي ما عرف العالم في تاريخه الحديث أو القديم مثيلًا له.
وتتواصل هذه الجريمة في وحشيتها وفي بشاعتها عبر التغطية على المجرمين، أحيانًا بإخفاء الحقائق ودائمًا بتضليل التحقيق وإرهاب المحقّقين.
لقد جعلت جريمة التفجير من عاصمة لبنان، التي أنعم الله عليها بالأمن والأمان لترفع مشعل الحرّية والثقافة والانفتاح، جهنّم أرضية. وحوّل المفجّرون الفاجرون، لبنان من دولة آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدًا من كلّ مكان، إلى دولة تلبس لباس الجوع والخوف، وهم في ذلك يعتقدون أنّهم يحسنون صنعًا. وبئس ما صنعوا، وبئس ما يصنعون .
في ذكرى هذه الجريمة المروّعة، نترّحم من أعماق القلب على أرواح الشهداء والضحايا الأبرياء، ونواسي الجرحى والمصابين، وندين بشدّة محاولات تضليل التحقيق أو تعطيله، ونؤكّد على استمرار التحقيقات لكشف الحقيقة وبالسرعة اللازمة وصولًا إلى العدالة.
إنّ في شريعتنا الإسلامية أنّ “من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض، فكأنّما قتل الناس جميعًا”. وتفجير مرفأ بيروت أدّى إلى قتل مئات الأنفس البريئة، وعاث فسادًا في الأرض اللبنانية، ولذلك، فإنّ الجريمة هي جريمة ضدّ الإنسانية جمعاء، وليست جريمة محلّية أو داخلية.
إنّ البعد الإنساني لهذه الجريمة يتطلّب تدخّلًا دوليًا، سواء عبر التحقيق، أو المحاكمة، إحترامًا لأرواح الضحايا من أبنائنا المواطنين والتزامًا لأهاليهم المفجوعين الذين فقدوا أعزّ ما عندهم من أحبّوا وممتلكات .
لقد ظلم أهل بيروت عندما تحوّلت مدينتهم إلى مدينة للموت والدمار المجانيين. وظُلم أهل لبنان عندما تحولّت دولتهم من دولة زاهرة ومزدهرة إلى دولة تقف على حافة هاوية الفشل والإنهيار. ولذلك فإنّ من حقّ اللبنانيين على المجتمع الدولي أن يتحمّل مسؤولياته الأخلاقية لرفع كابوس الضلال والتضليل، وكشف الحقيقة في أبشع جريمة عرفتها الإنسانية حتّى اليوم، لإدانة المجرمين، كلّ المجرمين.”
وقال درين لذوي الضحايا: “نحن معكم وإلى جانبكم في تحرّككم السلمي لتبيان الحقيقة كاملة، وكشف حقيقة المجزرة المروّعة التي حصلت في حقّ لبنان واللبنانيين، شهداؤكم هم شهداؤنا، شهداء الحرّية والسيادة والعيش المشترك، لن يذهب دمهم هدرًا ما دام هناك عدل وعدالة، فلن يضيع حقّ وراءه مطالب، وسيكون لصبركم ثمرة تخفّف من حرقة قلوبكم على من فقدتم من أبناء وأحباب ومصابين وعلى ما ضاع من أرزاق وممتلكات”.
“محكمة” – الإثنين في 2021/8/2

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!