أبرز الأخبارعلم وخبرميديا

بالصور.. القاضي البيطار يرفض تنفيذ قرار محكمة الاستئناف في مخالفة فاضحة للقانون/علي الموسوي

كتب علي الموسوي:
يومًا بعد يوم، يتكشّف المزيد من خبايا “الدوّيخة” القانونية الجارية في العدلية، ومن حكايات إصرار المحقّق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار على عدم التزام الأصول في الإجراءات القانونية الملزمة من دون تقديم سبب مقنع، أو الإستناد إلى مسوّغ قانوني يبيح له القيام بهذا التصرّف.
ففي ضوء أوّل طلب ردّ بحقّ القاضي البيطار قدّمه الوزيران السابقان النائبان غازي زعيتر وعلي حسن خليل في 24 أيلول 2021 وحمل الرقم 2021/64 أمام الغرفة الثانية عشرة لمحكمة الاستئناف المدنية في بيروت الناظرة في طلبات ردّ القضاة، والمؤلّفة من القضاة نسيب إيليا رئيسًا وميريام شمس الدين وروزين حجيلي مستشارتين، إتخذت هذه الهيئة قرارًا بإبلاغ البيطار شخصيًا والخصوم عملًا بنصّ المادة 126 من قانون أصول المحاكمات المدنية.
وهذه المادة القانونية واضحة وصريحة ولا تتضمّن غموضًا ولا تأويلًا لكي يجنح عنها أيّ قاض لبناني وأيّة محكمة موجودة على الأراضي اللبنانية ومعنية بدعاوى ردّ القضاة عندما تضطرّ إلى الإستعانة بها في حال ورودها مثل هذه الطلبات والدعاوى.
وما دام النصّ بهذه الشفافية البرّاقة، فإنّه لا يوجد أيّ داع على الإطلاق للجوء إلى الإجتهاد الذي يجري الإرتكاز إليه في حالتي انتفاء النصّ أو غموضه، الأمر غير المتوافر في مضمون المادة 126 أ.م.م. التي تقول بكلماتها الأربع عشرة من فقرتها الأولى ما يلي:”يُبلّغ القاضي والخصوم طلب الردّ ولكلّ منهم أن يبدي ملاحظاته خلال مهلة ثلاثة أيّام”.
ويتضح من محاضر محكمة الاستئناف المدنية في بيروت التي حصلت “محكمة” على نسخ منها، أنّ قلم المحقّق العدلي القاضي البيطار إمتنع عن استلام المذكّرة الصادرة عن هذه المحكمة الناظرة بطلب ردّه والرامية إلى إفادة المحكمة بأسماء الفرقاء في دعوى انفجار مرفأ بيروت وأسماء وكلائهم في حال كانوا موجودين، وذلك ضمن مهلة 24 ساعة.
وإنفاذًا لقرار هذه المحكمة، قامت رئيسة القلم في 29 أيلول 2021 بتسطير مذكّرة إلى قلم القاضي البيطار فامتنع هذا القلم عن استلام هذه المذكّرة بعد الإتصال بالقاضي البيطار وإخباره بمضمون مذكّرة المحكمة.
وهنا يكون القاضي البيطار قد اقترف خطأ قانونيًا جسيمًا بتمنّعه عن تنفيذ قرار قضائي ملزم، ذلك أنّ تبليغه والخصوم بطلب الردّ ليس مزاجيًا ولا استنسابيًا، بل هو تنفيذ حرفي لنصّ قانوني ملزم، ولا يمكن لأيّ قاض التغاضي عنه أو إهماله طالما أنّه يتعلّق بردّه قانونًا.

وجاء في النصّ الحرفي لقرار محكمة الاستئناف المذكورة والمؤرّخ في 28 أيلول 2021، ما يلي:
” بعد الإطلاع على طلب الردّ المقدّم من الوزيرين السابقين النائبين غازي زعيتر وعلي حسن خليل وكيلاهما نقيبة المحامين سابقًا الأستاذة أمل حدّاد والأستاذ رشاد سلامة،
وعلى الأوراق كافة،
حيث إنّ المادة 126 مدنية توجب عند طلب ردّ القاضي تبليغ القاضي المطلوب ردّه شخصيًا والخصوم في الدعوى المطلوب الردّ فيها، ليبدوا ملاحظاتهم عليه ضمن مهلة الثلاثة أيّام.
وحيث، عطفًا على أحكام المادة 445 مدنية يقتضي أن يتضمّن استحضار الدعوى، أيًّا يكن موضوعها ونوعها، أسماء الفرقاء فيها وصفتهم، وعند الإقتضاء اسم من ينوب عنهم قانونًا.
وحيث إنّه، وقبل اتخاذ أيّ إجراء في طلب الردّ الراهن، يقتضي تكليف مقدّمي الطلب المناقشة في مدى إمكانية تقديم الطلب الراهن بالشكل الذي ورد فيه، في ضوء ما أشير إليه أعلاه، من ناحية، ومن ناحية أخرى، وفي مطلق الأحوال، تكليفهما بيان أسماء كافة الخصوم في الدعوى وأسماء من ينوب عنهم قانونًا فيها، وذلك في مهلة أربع وعشرين ساعة من تاريخ تبلّغهما هذا القرار، ليبنى على الشيء مقتضاه.”
وفي اليوم التالي، أصدرت محكمة الاستئناف المدنية والمؤلّفة من الثلاثي إيليا وشمس الدين وحجيلي قرارًا في ضوء عدم قدرة طالبي الردّ زعيتر وحسن خليل إحصاء كلّ الخصوم في انفجار مرفأ بيروت لعدم معرفتهما بهم، ومن باب الإحتياط، طلبت من قلم القاضي البيطار إشعاره بأسماء الفرقاء كلّهم لكي يجري إبلاغهم بحسب الأصول.
وتضمّن النصّ الحرفي لقرار المحكمة التالي:
“إنّ المحكمة،
لدى التدقيق والمذاكرة،
وحيث، في ضوء المستجدّات التي وردت إلى الملفّ بعد صدور القرار التحضيري تاريخ 2021/9/28،
وعلى سبيل الإحتياط،
ترى تسطير مذكّرة إلى قلم المحقّق العدلي لإفادتنا عن أسماء الفرقاء في الدعوى المطلوب الردّ فيها وأسماء وكلائهم، في حال كان لهم وكلاء، على أن يردنا الجواب في مهلة أربع وعشرين ساعة، على أن ينفّذ القرار الحاضر بواسطة رئيسة القلم وأن يصار في ضوئه إلى اتخاذ المقتضى.”

وصدر هذا القرار في بيروت في 2021/9/29 وحمل تواقيع القضاة الثلاثة إيليا وشمس الدين وحجيلي.
ويضيف محضر المحكمة نفسها وكما هو ظاهر في الصورة المعروضة ضمن هذا المقال من “محكمة” أنّه “بتاريخ 2021/9/29 تمّ تسطير مذكّرة إلى قلم حضرة المحقّق العدلي في انفجار مرفأ بيروت، وامتنع القلم عن استلام المذكّرة بعد الاتصال بحضرة المحقّق العدلي بانفجار مرفأ بيروت.”
والغريب أنّ محكمة الاستئناف المدنية قبلت بالتبلّغ الحاصل من وكلاء عدد من المدعى عليهم، وتغاضت عن إتمام تبليغ بقيّة الخصوم، من دون أن يعرف سبب هذا الإجتزاء والإختصار.
ماذا يعني تصرّف البيطار وما هي الغاية منه؟
كان ثمّة سباق محموم بين البيطار والوزراء المدعى عليهم، ومنهما زعيتر وحسن خليل، مع الزمن بين مستعجل لإجراء جلسة التحقيق والإستجواب الإستنطاقي قبل بدء العقد العادي للمجلس النيابي، ورافض للمثول أمام الأوّل ليقينه بانتفاء صلاحيته في الملاحقة والتي تعود حصرًا للمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء في حال كان هنالك جرم يستوجب العقاب.
إلّا أنّ القاضي البيطار وبدلًا من أن يتمتّع بصبر طويل وهو كان بمقدوره أن يصل إلى غايته في ما لو اتبع الأصول والإجراءات القانونية المرعية بدقّة متناهية ومن دون استعجال، حاول أن يقطع الطريق على ردّه بالإنحياز إلى عدم تنفيذ القانون من خلال الإمتناع عن تنفيذ المذكّرة القضائية التي تطلب معرفة أسماء الخصوم في دعوى انفجار مرفأ بيروت لكي يجري تبليغهم بطلب الردّ وتقديم جوابهم في مهلة ثلاثة أيّام بحسب المادة 126 أ.م.م. وهو بذلك يكون قد خالف تنفيذ قرار قضائي ملزم.
حصل هذا الأمر في 29 أيلول 2021.
وفي 4 تشرين الأوّل 2021 أصدرت المحكمة قرارًا بالإتفاق بردّ طلب الردّ شكلًا لعدم الإختصاص النوعي وإلزام المستدعيين طالبي الردّ الوزيرين زعيتر وحسن خليل بالإشتراك في ما بينهما بدفع غرامة مقدارها ثمانمائة ألف ليرة لبنانية وتدريكهما الرسوم والنفقات القضائية كافة.
وفي يوم صدور قرار محكمة الاستئناف، بحسب معلومات “محكمة”، حضر محامون بوكالتهم عن فرقاء في دعوى انفجار مرفأ بيروت، لتبلّغ طلب ردّ البيطار وتقديم أجوبتهم إن أرادوا، فإذا بهم يفاجأون بصدور قرار المحكمة، فلماذا استعجلت المحكمة نفسها واستبقت إتمام التبليغات بحسب الأصول لتصدر قرارها في مخالفة صريحة لنصّ المادة 126 أ.م.م.؟
في مقلب آخر، وبتاريخ 4 تشرين الثاني 2021، أصدر القاضي حبيب مزهر قرارًا في طلب الردّ المقدّم من الوزير السابق يوسف فنيانوس الرامي إلى ردّ القاضي نسيب إيليا الذي تنحّى، إتبع فيه سلسلة إجراءات بينها ما سبق للقاضي إيليا أن قام به وأشرنا إليه آنفًا، وزاد عليها أمورًا قانونية يعرف كلّ قاض ذي ثقة ومعرفة أنّها واجبة، فإذا بالمستثمرين في دماء ضحايا انفجار مرفأ بيروت طوال الفترة السابقة للإنتخابات النيابية المقرّرة في 27 آذار 2022، يشنّون حملة إعلامية للتشويش والإفتراء وإساءة السمعة، ولكنْ من دون طائل إذ سرعان ما سقطت كلّ حججهم الواهية وما رافقها من تهويل، لأنّ الكلمة الفاصلة هي للقانون وهذا ما فعله حبيب مزهر بالتمام والكمال.
“محكمة” – الخميس في 2021/11/11

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!