علم وخبر

تأجير ثانوي وإسقاط من حقّ التمديد/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
إعتبرت محكمة الاستئناف المدنية في بيروت – الغرفة الحادية عشرة الناظرة في دعاوى الإيجارات، والمؤلّفة من القضاة الرئيس أيمن عويدات والمستشارين حسام عطالله وكارلا معماري، أنّه من الثابت بإقرار المستأنف وبأقوال الشهود المستمع إليهم من قبل القاضي المنفرد والخبير ج.ض. المعيّن بداية، أنّ المستأنف قام بتأجير المحلّ موضوع النزاع لمدّة معيّنة خلال العام 2014 لصالح السيّد م.ا. بغرض استعماله كمستودع لتخزين المواد الغذائية لحاجات ملحمته، وذلك لقاء بدل يسدّده الأخير للمستأنف، وهو أمر لا يأتلف مع وجهة الإستعمال المرخّص بها للمستأجر الأساسي أو أقلّه لا يعدّ قريباً منه ومتجانساً معه، ما يؤدّي إلى وصف العقد الجاري بين المستأنف والسيّد م.ا. بالتنازل عن الإجارة أو التأجير الثانوي لزوال عنصر الزبائن، ممّا يقتضي معه ردّ جميع الإدلاءات المخالفة.
وحيث لم ينهض من الملفّ الإبتدائي أو الاستئنافي ما يثبت استحصال المستأنف على موافقة خطّية من الجهة المالكة المؤجّرة تجيز له بموجبها تأجير السيّد م.ا. المأجور بكامله أو قسماً منه، فيكون حقّه في التمديد القانوني في المأجور قد سقط تبعاً لذلك.
وقضت بردّ الاستئناف وتصديق الحكم المستأنف.
وممّا جاء في القرار الصادر بتاريخ 2019/4/4:
ثانياً: في الأساس
حيث إنّ المستأنف يطلب فسخ الحكم الابتدائي لعدم صحّة وعدم ثبوت تنازله عن حقّه في الاجارة للسيّد م. ا. باعتبار أنّ الإجتهاد يعرّف التنازل عن المأجور بأنّه التنازل الواضح والصريح عن حقّ الاجارة والخلو وجميع عناصر المؤسّسة التجارية وأهمّها عنصر الزبائن، الأمر غير المتوفّر في الدعوى الراهنة، وبأنّ الاجارة المؤقّتة المنظّمة لصالح السيّد م.ا. الذي استعمل المأجور موضوع النزاع كمستودع للمواد الغذائية، لم تؤثّر على عمله في مؤسّسته التجارية الكائنة في المأجور المذكور لبيع الأدوات الصحيّة والمستمرّة منذ العام 1994 ولغاية تاريخه.
وحيث إنّ الجهة المستأنف بوجهها تدلي من جهتها بتوافر شروط الفقرة /ج/ من المادة /34/ من القانون تاريخ 2014/5/9، باعتبار أنّ المستأنف قام بتأجير المحلّ موضوع النزاع من دون استحصاله على موافقتها الخطّية، وأنّ واقعة التأجير والتنازل ثابتة بتقرير الخبير وإفادة كلّ من الشاهدين م.ح. وا.خ. ب. وبإقرار المستأجر الثانوي م.ا. المتنازل له عن الإجارة، وبأنّ قانون الإيجارات هو قانون استثنائي لا يجوز التوسّع في تفسير أحكامه.
وحيث يقتضي التثبّت من سند إشغال السيّد م.ا. للمأجور موضوع النزاع لمعرفة ما إذا كان يخفي تأجيراً ثانوياً أو تنازلاً عن الايجارة.
وحيث إنّه يتبيّن في هذا السياق أنّه بتاريخ 1993/12/3، وقّع ورثة م.ا. (الجهة المستأنف بوجهها) وا.ا. (المستأنف) على عقد إيجار محلّ ومستودع تحدّدت فيه وجهة الإستعمال “محلّ تصليح ودهان سيّارات ومبيع بويا وزينة ونوفوتيه وسمانة وخرضوات وقطع سيّارات وأدوات صحيّة وأدوات منزلية وكهرباء صحيّة”، ليعود ويوقّع الطرفان في العام 2009 عقد إيجار تحدّدت فيه وجهة الإستعمال “محلّ تصليح سيّارات وبيع بويا وقطع كهربائية وتجارة أدوات صحيّة وزينة سيّارات وأدوات منزلية وخرضوات.
وحيث من نحوٍ أوّل، وبالعودة إلى معطيات الملفّ الابتدائي، تحديداً إلى تقرير الخبير ج.ض. ورود 2017/2/25، المعيّن من قبل القاضي المنفرد في بيروت الناظر في دعاوى الإيجارات، وإلى أقوال الشهود المستمع إلى إفاداتهم من قبل القاضي المنفرد خلال الجلسة المنعقدة بتاريخ 2018/1/10، يتبيّن ما يلي:
– تصريح الشاهد م.ا. أمام الخبير “بأنّه منذ سنتين تقريباً قام باستئجار المحلّ موضوع النزاع بهدف استعماله كمستودع للمواد الغذائية وذلك لفترة تسعة أشهر وببدل إيجار وذلك خلال سنة 2014.
– إفادة الشاهد م.ا. أمام القاضي المنفرد خلال الجلسة المنعقدة بتاريخ 2018/1/10 بالمضمون عينه المصرّح به أمام الخبير.
– إنّ إفادة الشاهد م.ا. المذكورة أعلاه، قد جاءت منسجمة مع أقوال الشاهد م.ح. المستمع له من قبل الخبير والذي صرّح أمام الأخير بأنّ المستأنف “قام بتأجير المحلّ للسيّد م.ا. الذي يعمل ويدير ملحمة على رأس الشارع، وأنّ الأخير استعمل المأجور للمواد الغذائية”، كما جاءت أيضاً منسجمة مع أقوال الشاهد ا. خ. بنات المستمع له من قبل الخبير والذي صرّح بأنّ “المحلّ تحوّل إلى مستودع للمواد الغذائية لمصلحة م.ا. صاحب ملحمة في الحيّ وبصفة مستأجر أيضاً لفترة سنتين تقريباً”
وحيث من نحوٍ ثانٍ، وبالعودة إلى الأسباب الإستئنافية المدلى بها، يتبيّن أنّ المستأنف لم ينكر واقعة تأجير المحلّ موضوع النزاع للسيّد م.ا. بهدف استعماله كمستودع للمواد الغذائية، إنّما اكتفى بالمنازعة بعدم صحّة وصف هذه الواقعة بالتنازل المؤدّي إلى الإسقاط من حقّ التمديد، مدلياً بأنّ هذه الاجارة المؤقّتة لم تؤثّر على عمله في مؤسّسته التجارية الكائنة في المأجور موضوع النزاع لبيع الأدوات الصحيّة، كونه لم يتنازل عن حقّ الاجارة والخلو وجميع عناصر المؤسّسة التجارية وأهمّها عنصر الزبائن.
وحيث إنّه وفي ضوء ما تقدّم، تكون واقعة التنازل أو التأجير الثانوي، في حال صحّتها، وفقاً لما سيلي، قد حصلت في ظلّ العمل بالقانون الصادر بتاريخ 2014/5/9، ما يقتضي معه تطبيق أحكامة على النزاع الراهن.
وحيث إنّ المادة /40/ معطوفة على المادة 34 بند (ج) من القانون الصادر في 2014/5/9 تنصّ على أنّه يسقط حقّ المستأجر بالتمديد ويحكم عليه أو من يحلّ محلّه بالإخلاء إذا تنازل عن المأجور أو أجره كلّياً أو جزئياً دون موافقة المالك الخطيّة، أو خلافاً لعقد الإيجار الأساسي أو الممدّد، وفي هذه الحالة يقتضي إدخال المستأجر الثانوي أو المتنازل له في المحاكمة.
وحيث إنّ التنازل عن المأجور المسقط لحقّ المستأجر في التمديد عملاً بالمادة /40/ معطوفة على المادة 34 بند (ج) من القانون الصادر في 2014/5/9، يتحقّق بتخلّي المستأجر الفعلي والمادي للغير عن منفعته في إشغال المأجور بكامله أو بقسم منه، على غرار تأجيره الثانوي، دون موافقة المؤجّر الخطّية، ممّا يفيد عدم حاجته إليه واستغلاله على حساب المالك، ويؤدّي إلى انحسار الحماية القانونية الملازمة أصلاً لشخص المستأجر دون سواه.
(يراجع في هذا الشأن: تمييز- الغرفة الأولى – قرار رقم 2 – تاريخ 2014/4/14 – العدل – عدد 1 – ص 171)
وحيث إنّه من المعلوم، أنّه في الأماكن المؤجّرة لغايات تجارية أو صناعية، أيّ الأماكن التي أنشئت فيها مؤسّسات تجارية، يجوز التفرّغ عنها أو تأجيرها بموجب عقود استثمار أو إدارة حرّة، وفق أحكام المرسوم الإشتراعي رقم 67/11، بشرط وجود مؤسّسة تجارية فعلاً وعدم تغيير طبيعة الاستثمار السابقة، وإلاّ اعتبر التفرّغ أو التأجير واقعاً على العقار، ما يؤدّي إلى الإسقاط من حقّ التمديد.
وحيث من الثابت بإقرار المستأنف وبأقوال الشهود المستمع إليهم من قبل القاضي المنفرد والخبير ج.ض. المعيّن بداية، أنّ المستأنف قام بتأجير المحلّ موضوع النزاع لمدّة معيّنة خلال العام 2014 لصالح السيّد م.ا. بغرض استعماله كمستودع لتخزين المواد الغذائية لحاجات ملحمته، وذلك لقاء بدل يسدّده الأخير للمستأنف، وهو أمر لا يأتلف مع وجهة الإستعمال المرخّص بها للمستأجر الأساسي أو أقلّه لا يعدّ قريباً منه ومتجانساً معه، ما يؤدّي إلى وصف العقد الجاري بين المستأنف والسيّد م.ا. بالتنازل عن الإجارة أو التأجير الثانوي لزوال عنصر الزبائن، ممّا يقتضي معه ردّ جميع الإدلاءات المخالفة.
وحيث لم ينهض من الملفّ الإبتدائي أو الإستئنافي ما يثبت استحصال المستأنف على موافقة خطيّة من الجهة المالكة المؤجّرة تجيز له بموجبها تأجير السيّد م.ا. المأجور بكامله أو قسماً منه، فيكون حقّه في التمديد القانوني في المأجور قد سقط تبعاً لذلك.
وحيث تأسيساً على ما تقدّم، يكون الحكم المستأنف في ما توصّل إليه من نتيجة بإسقاط حقّ المستأنف بالتمديد القانوني لعلّة التأجير الثانوي واقعاً في موقعه القانوني السليم ويقتضي بالتالي تصديقه وردّ الإستئناف في الأساس.
وحيث يقتضي أيضاً ردّ جميع إدلاءات المستأنف المتعلّقة بعدم صحّة الإستنتاجات التي توصّل إليها القاضي المنفرد بموجب الحكم المستأنف، لناحية قوله بأنّ جلسة الخبرة المنعقدة بتاريخ 2017/1/11، قد جرت بحضور ممثّلي فرقاء الدعوى، طالما أنّه لم يثبت العكس من خلال الطعن بالتقرير بصورة جدّية.
وحيث بنتيجة الحلّ المساق، تغدو سائر الأسباب أو المطالب الزائدة أو المخالفة مستوجبة الردّ إمّا لكونها لاقت ردّاً ضمنياً أو لعدم تأثيرها على النزاع.
لذلك
تقرّر بالإجماع:
1- قبول الإستئناف شكلاً.
2- ردّه في الأساس وتصديق الحكم المستأنف برمّته.
3- ردّ كلّ ما زاد أو خالف.
4- مصادرة التأمين وتضمين المستأنف الرسوم والنفقات القانونية كافة.
قراراً صدر وأفهم في بيروت بتاريخ 2019/4/4.
“محكمة” – السبت في 2020/10/31

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!