أبرز الأخبارالأخبارميديا

خاص”محكمة”:إخبار من القاضي جناح عبيد عن الإدارة الكارثية للنفايات في طرابلس فهل من مجيب؟

“محكمة” – قصر عدل طرابلس:
قدّم القاضي جناح عبيد بصفته مواطناً إخباراً إلى النائب العام الاستئنافي في الشمال القاضي نبيل وهبة بخصوص الأضرار البييئة والصحّية الناجمة عن الإدارة الكارثية للنفايات في مدينة طرابلس والتي بات يخشى معها أن تتحوّل إلى مدينة موبوءة، طالباً إجراء التحقيقات اللازمة، واتخاذ الإجراءات المناسبة.
وطرابلس مثل مدن وبلدات ومناطق لبنانية عديدة تعاني من مشكلة النفايات التي تهدّد المواطنين بصحّتهم من دون أن يبادر المسؤولون إلى معالجتها بالشكل المناسب.
وهنا النصّ الحرفي لهذا الإخبار على أمل أن يلقى الأذن الصاغية لانتشال المواطن من هذا الضرر الذي لا يعادله أيّ تعويض إلاّ إيجاد حلّ منطقي وسليم لمشكلة النفايات:
“جانب النائب العام الاستئنافي في لبنان الشمالي المحترم،
أوّلاً: في الوقائع:
1- منذ أكثر من ألف عامٍ، لُقِّبت طرابلس بـــ “الفيحاء”، لرائحة زهر الليمون التي كانت تفوح فيها وتفيض منها على جوارها؛ وقد حافظت على لقبها المستحق خلال حكم الأمويين والفاطميين والصليبيين والمماليك والعثمانيين والمصريين والفرنسيين وغيرهم؛ إلى أن بدأت، منذ عدة أشهر، رائحة نفايات خانقة تطبق على أنفاس أبنائها، وتكاد تحوِّلها إلى مدينة موبوءة.
2- إن الأضرار البيئية والصحية والاقتصادية التي تتسبَّب بها الإدارة الكارثية للنفايات في المدينة، وتحديداً بعد افتتاح “معمل التسبيخ”، تبقى حتى هذه اللحظة عصية على الحصر، إلا أنها تخطَّت حدوداً كارثية لم يعد بإمكان أي مواطن عاقل مؤمن بوطنه وبمدينته أن يسكت عنها: فالبيئة في المدينة، وتحديداً في الأرض والمياه المحيطة بالمكب الكائن في محلة المرفأ في القسم الشمالي للمدينة، باتت في حالة نكبة تطال نظامها الإيكولوجي وتنوُّعها البيولوجي؛ والأمراض، ومنها العضال، تتفشى بين سكان المناطق التي تطالها هذه الرائحة، مع ما تحمله من جراثيم وما تسبِّبه من انتشار للحشرات والقوارض؛ وأعمال المؤسسات التجارية في مختلف شوارع المدينة تتأثَّر سلباً؛ وطلاب عدد كبير من المدارس، الرسمية منها والخاصة، يرسمون أسطر مستقبلهم في عبق نتنها المقرف. عشرات، إن لم يكن مئات، الآلاف من أبناء المدينة، يمسون ويصبحون على هذا الكابوس المقيت، الذي يبرِّر إعلان حالة طوارئ، دون أن يتحرَّك أحدٌ لنجدتهم؛ ولم يعد لهم ملجأ إلا مرجعكم لإنصافهم وإنقاذهم.
3- إن مراجعة سريعة لمواقع التواصل الاجتماعي، وهي المتنفَّس الوحيد حالياً للمتضرِّرين، تظهر تداول معلومات مخيفة حول أسباب هذه المجزرة، مصدرها أعضاء مجالس بلدية وموظفون في البلديات المعنية وخبراء بيئيون ومهندسون وأطباء وغيرهم، الكثير منهم على استعداد للإدلاء بإفادته أمامكم، ولتقديم المستندات والدراسات والمعطيات اللازمة لبيان حجم الكارثة، أملاً في جلاء الحقيقة كاملةً، ومعاقبة المسؤولين. وأنا على استعداد كامل لإيداعكم ما يلزم في هذا الخصوص، متمنِّياً مباشرتكم أو حضرة المحامي العام البيئي، شخصياً، التحقيق وسماع الإفادات، وذلك بأقصى سرعة ممكنة، نظراً للخطر الداهم الذي يتهدَّد أبناء هذه المدينة، علماً أنه قد تم مؤخَّراً تصوير انهيارات في حائط الدعم المشيَّد على تخوم “جبل” النفايات، ما ينذر باحتمال انهيار أجزاء منه، وانبعاث غازات سامة إضافية وانتشارها في أنحاء المدينة.
ثانياً: في القانون.
4- فضلاً عمَّا تشكِّله هذه الفضيحة من مجزرةٍ جديدةٍ بحق مدينة “الفيحاء”، تاريخها وحاضرها ومستقبلها، فإن ما هو ثابت، وما يقتضي التثبُّت منه عبر سماع كل معنيٍّ بالحفاظ على بيئة هذه المدينة-التاريخ وصحة أبنائها، وعبر تكليف لجنة من المختصِّين، وسماع أقوال الفاعلين، يشكِّل جرائم جزائية معاقب عليها في قانون العقوبات، وغيره من القوانين، وتحديداً قانون حماية البيئة رقم 444 تاريخ 29-7-2002، الذي نص، في مادته الثالثة، على أنه “لكل إنسان الحق ببيئة سليمة ومستقرة، ومن واجب كل مواطن السهر على حماية البيئة وتأمين حاجات الأجيال الحالية من دون المساس بحقوق الأجيال المقبلة”… هذا الواجب القانوني الذي دفعني للتقدُّم بالإخبار الراهن.
لذلك،
جئت بهذا الإخبار المقتضب، واضعاً بين أيديكم آلام وآمال الكثيرين من أبناء هذه المدينة، طالباً إجراء التحقيقات اللازمة، وسماع كل من يمكن أن ينيركم حول هذه الجرائم، من مسؤولين عن الصحة العامة والبيئة في الإدارات العامة المختصة والبلديات، ورؤساء وأعضاء مجالس بلدية، وأطباء ومهندسين وخبراء بيئيين، واتخاذ ما ترونه مناسباً من إجراءات لمنع هذه الكارثة ومن تدابير بحقِّ المسؤولين عنها، مبدياً كل الاستعداد لتزويدكم بما يلزم من مستندات وأدلة وأسماء وعناوين شهود مختصِّين فور طلبها من قبلكم”.
“محكمة” – الخميس في 2018/4/19

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!