علم وخبر

ردّ دعوى بإلزام المدعى عليها وقف إصدار نتائج إحصاءات/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
بحث قاضي الأمور المستعجلة في المتن الرئيس السيّد محمّد وسام المرتضى مسألة تتعلّق بطلب الجهة المدعية اتخاذ القرار بإلزام المدعى عليها وقف إصدار نتائج إحصاءات تتعلّق بوسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، فاعتبر أنّ المدعية كمؤسّسة إعلامية ليست مهدّدة مباشرة بخطر داهم على حقوقها ومصالحها بنتيجة نشر تلك الإحصاءات باعتبار أنّ المدعى عليها لا تتمتّع بحقوق حصرية وليست الوحيدة التي تنشر دراسات وإحصاءات، كما أنّ النتائج لا تتمتّع بقوّة إلزامية.
كما اعتبر الرئيس المرتضى أنّه على فرض وقوع ضرر، فهو لا يختزن عنصر العجلة المبرّر لتدخّل قاضي العجلة، ويمكن مراجعة محكمة الأساس لمداعاة المدعى عليها ومطالبتها بتعويض في حال توفرت الشروط اللازمة، وقضى بردّ الدعوى.
وممّا جاء في الحكم الصادر بتاريخ 2003/8/30:
بناء عليه،
حيث تدلي المدعى عليها ببطلان الإستحصار معتبرة أنّه ينطوي على عيب في الشكل متمثّل بعدم قيام المدعية بتحديد ممثّلها القانوني، مضيفة بأنّ في هذا ما يشكّل مخالفة المادة 445 من قانون أ.م.م.
وحيث وعلى نصّ المادة 59 من قانون أ.م.م. لا يجوز إعلان بطلان أيّ إجراء لعيب في الشكل إلّا إذا توفرت جملة شروط من بينها أن يثبت الخصم الذي يتمسك بالبطلان تحقّق ضرر لحق به من جرّاء ذلك العيب.
وحيث إنّ الضرر الذي كان ليلحق بالمدعى عليها، في حال عدم بيان اسم ممثّل المدعية في الاستحضار، يتمثّل بالإلتباس الذي كانت لتقع فيه حول صحّة توجيه جوابها إلى شخص معنوي بذاته دون أن يتمثّل بشخص طبيعي يمارس الدعوى باسمه وما يثيره الأمر من إشكالية.
وحيث إنّ المدعية أشارت في مطلع استحضارها إلى أنّ وكيلتها هي الأستاذة بموجب وكالة أرفقت صورتها بالإستحضار ويتبيّن من الإطلاع عليها أنّ الممثّل القانوني للمدعية هو السيّد م. الأمر الذي انعدم معه أيّ احتمال لوقوع المدعى عليها في ذلك الإلتباس.
وحيث إنّه، بانتفاء الإلتباس حول تمثّل المدعية في الدعوى الحاضرة بواسطة ممثّلها القانوني السيّد م. لا يبقى مجال للقول بتحقّق الضرر بنتيجة عدم تضمين الإستحضار ما يشير إلى اسم ممثّل المدعية وتغدو شروط إعلان بطلان الإستحضار لعيب في الشكل غير متحقّقة بصرف النظر عمّا إذا كان الموجب المفروض بمقتضى المادة 445/2أ.م.م. يشكّل صيغة جوهرية أم لا.
وحيث يكون الدفع ببطلان الإستحضار مستوجبًا الردّ لعدم صحّته.
وحيث تقدّمت المدعية بدعواها الحاضرة طالبة تدبيرًا مستعجلًا قاضًيا بإلزام المدعى عليها بوقف إصدار نتائج إحصاءات تتعلّق بوسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة ولاسيّما المتعلّق منها بقياس نسبة مشاهدي محطّات التلفزيون، ناسبة إلى هذه الأخيرة، المتخصّصة في مجال رصد حركة مشاهدي وسائل البثّ المختلفة، عدم الموضوعية والحيادية في عملها ومحاباة وسائل بثّ على أخرى.
وحيث من المعلوم أنّه، عملًا بالفقرة الأولى من المادة 579 من قانون أ.م.م. لا محيد كي ما ينعقد اختصاص القضاء المستعجل للنظر بنزاع ما، عن توفر شرطين هما العجلة وعدم التعرّض لأصل الحقّ.
وحيث من المعلوم أيضًا أنّ تقدير توفر شرط العجلة يعود للمحكمة التي تستخلصه من ظروف الدعوى التي من بينها وجود ضرورة لا تحتمل التأجيل، تستدعي اتخاذ التدبير المنشود، لا تتحمّل بطء الإجراءات التي تتسم بها الطريق العادية للتقاضي، وتتمثّل بوجود خطر داهم آخذ بالتفاقم يفترض أمر درئه تدخّل القضاء المستعجل.
وحيث ترى المحكمة وجاهة وصحّة في ما قيل لناحية أنّ وضعية المدعية كمؤسّسة إعلامية ليست مهدّدة مباشرة بخطر داهم على حقوقها ومصالحها بنتيجة نشر تلك الإحصاءات باعتبار أنّ المدعى عليها لا تتمتّع بحقوق حصرية وليست الوحيدة التي تنشر دراسات واحصاءات برسم المعلنين، كما أنّ نتائج الدراسات والإحصاءات لا تتمتّع بقوّة إلزامية أو بأثر جبري وتبقى لها صفة المعلومات العلمية التي يعود لكلّ معلن، فردًا أو مؤسّسة التأثّر بنتائجها أو عدمه.
وحيث بالتالي، وعلى فرض أنّ المدعى عليها ليست حيادية أو موضوعية في ما تقوم به وتقوم فعلًا بنشر إحصاءاتها المتعلّقة بنسبة مشاهدة المحطّات التلفزيونية على نحو يحابي محطّة إذاعية على حساب محطّة أو محطّات أخرى فتظهر نتائجها، خلافًا للواقع ونسبًا عالية لمحطّة ما ونسبًا متدنية لمشاهدي المدعية.
وعلى فرض أنّ عملها هذا يلحق ضررًا غير مشروع بهذه الأخيرة يتمثّل بإعراض فئة من المعلنين عن التعاقد معها ونشر إعلاناتهم عبر شاشتها، فإنّ هذا الضرر لا يختزن، على ما تجده المحكمة، عنصر العجلة المبرّر لتدخّلها، إذ جلّ ما يتأتّى عنه تولّد حقّ للمدعية بمراجعة محكمة الموضوع لمداعاة المدعى عليها ومطالبتها التعويض عن ذلك الضرر الذي تسبّبت به.
وحيث يؤيّد هذه النتيجة الناطقة بانتفاء عنصر العجلة واقع أنّ عمل المدعى عليها قد ابتدأ وحسب العقد المرفق بالاستحضار (المادة العاشرة منه)، في بداية العام 2001، وأنّ المدعى عليها لم تتقدّم بالدعوى الحاضرة إلّا في الشهر العاشر من العام 2002.
وحيث وبثبوت انتفاء عنصر العجلة لا يكون لهذا المرجع التدخّل في النزاع الحاضر، وتكون معه الدعوى مستوجبة الردّ لعدم الإختصاص.
وحيث في ضوء التعليل السابق، والنتيجة المنتهى إليها، لم يعد ثمّة داع للبحث في سائر ما زاد أو خالف من مطالب وأسباب، أو لمزيد من البحث.
لذلك
يحكم:
1- بردّ الدفع ببطلان الإستحضار وإهمال المستندات المرفقة به.
2- بردّ الدعوى لعدم الإختصاص، مع كلّ ما زاد أو خالف، وبتضمين المدعية النفقات كافة.
حكمًا قابلًا للإستئناف صدر وأفهم علنًا في جديدة المتن بتاريخ 2003/8/30.
“محكمة” – الإثنين في 2021/8/2

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!