الأخبارعلم وخبر

عدم مرور الزمن والاستفادة من الحلول محلّ المستأجر الأساسي/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
اعتبرت محكمة الاستئناف المدنية في بيروت، الغرفة الحادية عشرة، الناظرة في دعاوى الايجارات والمؤلفة من القضاة الرئيس ايمن عويدات والمستشارين حسام عطالله وكارلا معماري ان الاسقاط من حق التمديد ينشأ اذن بمجرد حصول التملك او الشراء من قبل المستأجر، ويبقى مستمراً باستمرارها، فلا يعد المالك الذي لا يعمد الى اقامة الدعوى فور نشوء الحق بالمطالبة بالاسقاط من حق التمديد متنازلاً عن حقه في المداعاة من جهة اولى، كما ان حقه في المداعاة لايسقط بمرور الزمن العشري من جهة اخرى.
كما اعتبرت المحكمة ان المستأنفة تعتبر من فئة الانسباء المستفيدين من الحق بالتمديد القانوني للاجارة المعقودة باسم شقيقها وذلك قبل ان يتملك هذا الاخير شقة تتوافر فيها شروط اسقاطه من حق التمديد، بحيث لا يعود من الممكن التذرع بوجهها بسقوط حقه في التمديد القانوني لعلة تملكه شقة اخرى.
ومما جاء في القرار الصادر بتاريخ 2019/5/13، رقم 2019/707:

أوّلاً: في الشكل
حيث ان الاستئناف الحاضر قدم من قبل محام، وارفقت ربطاً به صورة طبق الاصل عن الحكم المطعون فيه، وورد ضمن المهلة القانونية بتاريخ 2018/10/1 بعدما ابلغ من الجهة المستأنفة بتاريخ 2018/9/25 ، وسدّدت عنه الرسوم والتأمينات المتوجبة قانوناً، فضلاً عن ايراد الاسباب الاستئنافية فيه وتحديد الطلبات في خاتمته اصولاً، مما يتعين معه قبوله شكلاً سيما لاستيفائه سائر شروطه الشكلية المنصوص عليها في المادة /655/ من قانون اصول المحاكمات المدنية.
ثانياً: في مرور الزمن
وحيث ان المستأنفة تطلب رد الدعوى لسقوط حق المؤجر في تقديمها لعلة مرور الزمن العشري استناداً الى المادتين /349/ و /361/ م.ع. الذي بانقضائه يتعذر تقديم اي دعوى او دفع، باعتبار ان تملك المستأنف بوجهه الثاني للشقة رقم 22/1103 المصيطبة حصل بتاريخ 1988/8/10، فيكون تقديم الدعوى الراهنة في 2016/11/23 قد حصل بعد /28/ عاماً على التملك المذكور، الامر الذي يقتضي معه اعمال نص المادتين /349/ و /361/ م.ع. ويتوجب بالتالي اسقاط الدعوى لمرور الزمن العشري سيما وان الجهة المؤجرة نظمت للمستأنف بوجهه الثاني عقوداً كثيرة لاحقة لتملكه شقة.
وحيث ان المستأنف بوجهه الاول يطلب رد الادلاء بمرور الزمن لسقوط حق المقاضاة، كون المادتين المذكورتين لا تتعلقان يحق المقاضاة في قانون الايجارات الاستثنائي الذي نص على سقوط حق المستأجر في التمديد القانوني عند توافر الاسباب ومنها تملك شقة.
وحيث انه من ناحية اولى، لا يجوز الادلاء بمرور الزمن طالما ان سبب الاسقاط من حق التمديد القانوني لعلة تملك مسكن آخر لا يزال مستمراً ومتواصلاً وقائماً لغاية تاريخ تقديم الدعوى.
وحيث انه من ناحية ثانية، فإنه لا يمكن اعلان سقوط حق المستأجر بالتمديد القانوني، كون التنازل عن الادلاء بالاسقاط يفترض الاعراب عن ارادة صريحة لدى المؤجر لا يمكن للزمن ان يحل مكانه في الاعراب عنها، سيما في ظل قانون استثنائي قضى بتمديد الاجارة خلافاً لارادة المؤجر، وبالتالي تكون الدعوى التي تهدف الى اعلان ذلك السقوط لا تخضع بدورها لمرور الزمن، ذلك ان الزمن ليس كفيلاً باحياء اجارة سقطت بموجب القانون.
وحيث ان الاسقاط من حق التمديد ينشأ اذن بمجرد حصول التملك او الشراء من قبل المستأجر، ويبقى مستمراً باستمرارها، فلا يعد المالك الذي لا يعمد الى اقامة الدعوى فور نشوء الحق بالمطالبة بالاسقاط من حق التمديد متنازلاً عن حقه في المداعاة من جهة اولى، كما ان حقه في المداعاة لايسقط بمرور الزمن العشري من جهة اخرى.
(مراجعة قرار الهيئة العامة لمحكمة التمييز – قرار رقم 32 – تاريخ 2014/4/23 المصنف السنوي في القضايا المدنية لعام 2014 – ص. 104 – 105 . والذي اعتبرت فيه الهيئة العامة ان المحكمة التي استندت في قرارها الى احكام الفقرة (ه) من المادة /10/ من القانون رقم 92/160 لتعتبر ان الحق في طلب الاسقاط يتوافر حكماً وحالا بمجرد حصول التملك نافية بالتالي سقوط هذا الحق بمرور الزمن متبنيةً التعليل الوارد في الحكم الابتدائي، لا تكون قد ارتكبت اي خطأ عندما خلصت الى تصديق الحكم الابتدائي)
وحيث انه يقتضي تبعاً لما تقدم رد ادلاءات المستأنفة المخالفة لهذه الجهة، وبالتالي رد الدفع بمرور الزمن لعدم قانونيته.
ثالثاً: في الاساس
وحيث ان المستأنفة تطلب فسخ الحكم المستأنف الذي قضى بإسقاط حق المستأنف بوجهه الثاني السيد م.ن. من التمديد القانوني لعلة تملكه شقة صالحة للسكن بمواصفات لا تقل عن مواصفات المأجور، والذي قضى بالتالي بإخلاء المستأنفة للمأجور تبعاً لسقوط حق المستأجر الاصلي، مدلية بأن تملك المستأنف عليه الثاني شقيقها، لشقة اخرى لا يؤثر على اجارتها ذلك ان الاخير لم يدخل اصلاً الى المأجور بل استأجر الشقة لاسكان افراد عائلته (والديه وشقيقته) وسافر الى افريقيا حيث يقيم ولا يتردد الى المأجور الا عند زيارته لبنان، بحيث ان المستأجر الاساسي هو فعلياً والدها وهي دخلت معه المأجور عام 1973 ولا تزال مقيمة فيه، وهي بالتالي مستفيدة، بصفتها من الانسباء الذين دخلوا مع المستأجر الى المأجور من استمرار عقد الايجار في حال وفاة او ترك هذا الاخير.
وحيث انه من غير المنازع فيه ان المستأنفة قد دخلت المأجور مع والديها عند انعقاد الاجارة باسم شقيقها المستأنف عليه الثاني، انما تتمحور المنازعة بين الفريقين حول هوية المستأجر الاساسي بحيث تعتبر المستأنفة انه والدها في حين يؤكد المستأنف عليه الاول انه شقيقها المستأنف عليه الثاني.
وحيث ان قوانين الايجارات الاستثنائية المتعاقبة قد حددت دائرة المستفيدين من الحق بالتمديد القانوني في حالتي وفاة المستأجر الاساسي او تركه المأجور، وحددت شروط هذه الاستفادة.
وحيث ان الترك المقصود هنا يختلف عن الترك المنصوص عنه كسبب من اسباب الاسقاط من حق التمديد كونه تركاً نهائياً موازياً للوفاة، وهو، وان كان يؤدي عملياً الى اسقاط المستأجر الاصلي من الحق بالتمديد، الا انه لا يضع حداً للاجارة بأسرها بل يشكل، اسوة بالوفاة، الواقعة التي تؤدي الى استفادة الاشخاص المعينين قانوناً من الحق بالتمديد القانوني.
وحيث تبعاً لذلك، متى توفرت شروط استفادة هؤلاء الاشخاص من الحق بالتمديد القانوني، فإن اي تصرف او عمل يأتيه المستأجر الاصلي بوقت لاحق لا يؤثر على حق المستفيدين في استمرار الاجارة بمعزل عن المستأجر الاساسي، في حال توفرت شروط استفادتهم.
وحيث انه وعلى فرض وفقاً لادلاءات المستأنفة، ان المستأنف عليه الاول لهذه الناحية، وانطلاقاً من فرضية انعقاد الاجارة فعلياً لمصلحة المستأنف عليه الثاني تبعاً لورود اسمه في سند الايجار، فإنه يتعين التثبت من مدى استفادة المستأنفة من تمديد اجارة شقيقها، في ضوء معطيات القضية الراهنة.
وحيث يتبين ان فرقاء النزاع اجمعوا على ان المستأنف بوجهه الثاني عندما استأجر المأجور في 1973/8/1 تركه وسافر الى سيراليون في افريقيا حيث يعمل ويقيم مع زوجته واولادهما، وقد منح جنسيتها في 1986/12/31.
وحيث ان مكان اقامة الشخص تتحدد بمكان وجود عمله ومكان استقرار افراد عائلته، وان تردده الظرفي الى مسكن والديه عند زيارته لا يجعله مقيماً مع والديه، طالما انه من الطبيعي ان سبب زيارته هو لرؤيتهم وتمضية بعض الوقت معهم.
وحيث انه يتبين بالتالي ان المستأنف بوجهه الثاني السيد م.ع. ترك المأجور رقم /8/ من العقار رقم 876/المزرعة في العام 1973 او اقصاه 1974.
وحيث انه بحسب المادة /3/ من القانون رقم 67/29 والمادة /3/ من القانون رقم 74/10 التي تمت واقعة ترك المستأنف عليه الثانوي نهائياً في ظلهما فإنه يستفيد من الحق بالتمديد القانوني في حال وفاة المستأجر او تركه المأجور زوج المستأجر واولاده المقيمون معه وانسباؤه الذين دخلوا معه الى المأجور عند بدء تنفيذ الاجارة وكانوا لا يزالون مستمرين في اشغاله دون انقطاع.
وحيث انه سنداً لما تقدم، تعتبر المستأنفة من فئة الانسباء المستفيدين من الحق بالتمديد القانوني للاجارة المعقودة باسم شقيقها وذلك قبل ان يتملك هذا الاخير شقة تتوافر فيها شروط اسقاطه من حق التمديد، بحيث لا يعود من الممكن التذرع بوجهها بسقوط حقه في التمديد القانوني لعلة تملكه شقة اخرى.
وحيث انه بالنسبة الى المستأنف عليه الثاني، فإنه قد اقر انه ترك المأجور موضوع الدعوى بصورة نهائية واستقر في الخارج بصورة دائمة، فيكون حقه بالتمديد القانوني قد سقط، مما يقتضي معه تصديق الحكم الابتدائي لناحية النتيجة التي توصل اليها لهذه الناحية بالاستناد الى التعليل المعتمد من هذه المحكمة.
وحيث ان الجهة المستأنفة تطلب الزام المستأنف بوجهه الاول بتنظيم عقد ايجار جديد، فيكون الطلب المذكور من الطلبات المتفرغة والمشمولة ضمناً بالطلب الاصلي عملاً بأحكام المادة /662/ من الاصول المدنية، باعتبار ان تقرير الاستفادة من التمديد يوجب تمكين المستأجر من الاستحصال على عقد ايجار لاتمام موجباته المالية والضريبية.
وحيث تبعاً لمجمل ما تقدم يقتضي قبول الاستئناف الراهن اساساً ورؤية النزاع انتقالاً والحكم مجدداً بإعتبار المستأنفة مستفيدة من حق التمديد القانوني للاجارة المنعقدة على المأجور رقم /8/ من العقاررقم 876/المزرعة، واسقاط حق المستأنف بوجهه الثاني بالاستفادة من التمديد القانوني للاجارة المذكورة تبعاً لثبوت تركه للمأجور واستقراره في افريقيا بعد استئجار المأجور مباشرةً، ما يقتضي معه تنظيم عقد ايجار باسم المستأنفة.
وحيث بنتيجة الحل المساق، تغدو سائر الاسباب او المطالب الزائدة او المخالفة مستوجبة الرد إما لكونها لاقت رداً ضمنياً او لعدم تأثيرها على النزاع.
لذلك
تقرر بالاجماع:
1- قبول الاستئناف شكلاً
2- قبول الاستنئاف اساساً جزئياً وفسخ الحكم المستأنف لناحية ما قضى به بحق المستأنفة السيدة خ.ح. المعروفة باسم خ. ن. ونشر الدعوى ورؤيتها انتقالاً والحكم مجدداً بإعتبار المستأنفة خ. ح. المعروفة باسم خ. ن. مستفيدة من حق التمديد القانوني لاجارة القسم رقم /8/ من العقار رقم 876/المزرعة من منطقة بيروت العقارية التي كانت معقودة اساساً لمصلحة شقيقها المستأنف بوجهه الثاني، والزام المستأنف بوجهه الاول السيد م.ح. بتنظيم عقد ايجار باسم المستأنفة، وتصديق ما قضى به الحكم المستأنف لناحية رد الدفع بمرور الزمن ولناحية اسقاط حق المستأنف عليه الثاني من الحق بالتمديد القانوني وفقاً للتعليل المعتمد من هذه المحكمة.
3- رد سائر الاسباب او المطالب الزائدة او المخالفة
4- اعادة التأمين الاستئنافي، وتضمين المستأنف بوجهه الاول السيد م.ح. الرسوم والنفقات القانونية.
قراراً صدر وأفهم علناً في بيروت بتاريخ 2019/5/13.
“محكمة” – الثلاثاء في 2019/6/11

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!