علم وخبر

مفهوم عقود الإيجار ذات البدلات الهالكة وتحديد البدل العادل/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
بحث القاضي المنفرد المدني في طرابلس الناظر في قضايا الإيجارات الرئيس محمّد وسام المرتضى طبيعة العقد الجاري بين فريقي الدعوى، فاعتبر أنّ العقد متعلّق بعقار غير مبني تولّى المستأجر بموجبه، وعلى نفقته الخاصة، تشييد بناء في ملك المؤجّر، وأنّ هذا العقد في فئة عقود الإيجارات ذات البدلات الهالكة.
وقضى بإلزام الجهة المدعى عليها بدفع بدل سنوي عادل للجهة المدعية قدره ستّة بالمئة من قيمة المأجور موضوع الدعوى.
وممّا جاء في الحكم الصادر بتاريخ 2002/4/2:
حيث تجد المحكمة لزاماً عليها، تمهيداً لحلّ النزاع الحاضر، إسباغ الوصف الملائم عملاً بالمادتين 369 و370 من قانون أ.م.م. على العمل القانوني المبرزة صورته في الملفّ، والمنظّم في العام 1972 بين فريقي هذه الدعوى والذي بالإستناد إليه تشغل الجهة المدعى عليها المأجور موضوع الدعوى، وصولاً إلى تحديد القواعد القانونية التي تحكم هذا العمل وأيضاً للوقوف على ما ينبني عليه من نتائج لاسيّما لناحية مدى توجّب البدل العادل الذي تطالب به الجهة المدعية.
وحيث من المعلوم، إنّه في معرض التوصيف المذكور، لا تتقيّد المحكمة بالضرورة بما تمّ اختياره للعقد من وصف، بل تمعن فيه وفي وقائع القضيّة المطروحة تمحيصاً وتقويماً وترجيحاً، لتتلمّس بعد ذلك طبيعته القانونية على هدي ما تستخرجه من دافع حدا إليه أو غاية توخّيت من ورائه.
وحيث من التمحيص في بنود مندرجات متن العقد المذكور يتبدّى أنّ الجهة المدعية، المالكة للعقار رقم 9 بساتين طرابلس، أجرت، في العام 1972، من المدعى عليه ومن مورّث المدعى عليهم قطعة أرض من هذا العقار تقارب مساحتها 850 م.م. لمدّة عشر سنوات قابلة للتجديد لخمس أخرى وذلك من أجل أن يقوم المستأجران على نفقتهما الخاصة، بتشييد محطّة وقود نموذجية عليها، مقابل بدل إجارة سنوي قدره سبعة آلاف ل.ل. عن السنوات الخمس عشرة الأولى.
وحيث ومن مقاربتها لذلك الإتفاق يتبدّى للمحكمة زهادة في بدل الإيجار المتفق عليه أتت، لا محالة، نتاجاً لما كان ليتكبّده المستأجران بمعرض إنشائهما وتجهيزهما لتلك المحطّة.
وحيث وبالتالي نكون أمام عقد متعلّق بعقار غير مبني تولى المستأجر بموجبه، وعلى نفقته الخاصة، تشييد بناء في ملك المؤجّر ثمّ راح يستثمر ما قام بتشييده مقابل بدل إجارة زهيد نسبياً جاءت زهادته تبعاً للنفقات التي استتبعتها عملية التشييد تلك.
وحيث يدخل العقد المذكور، طبيعة ووصفاً في فئة عقود الإيجار ذات البدلات الهالكة.
وحيث إنّ هذه الفئة من العقود، ومنها العقد موضوع البحث، تمدّد بعد انتهاء مدّتها بفعل قوانين الإيجارات الإستثنائية، ليكون ذلك العقد، بطبيعة الحال، مشمولاً بذلك التمديد، كما أنّه خاضع، على ما تنصّ عليه المادة الثامنة والعشرون من القانون رقم 92/160، لأحكام البدل العادل المنصوص عنها في المادة السابعة عشرة من القانون عينه.
وحيث بموجب المادة السابعة عشرة هذه يحدّد البدل العادل بنسبة تتراوح بين خمسة وسبعة بالمئة من قيمة المأجور التي تقدّر وفقاً لآلية التخمين المقرّرة فيها.
وحيث لا محيد هنا عن الإشارة بأنّه قد سبق للمحكمة وكلّفت المدعى عليهما بالتعليق على تقرير الخبير عدرة إلاّ أنّ هذين الأخيرين لم يلتزما بإنفاذ ذلك ولا ترى المحكمة التماشي معهما في طلبهما حفظ حقّهما بمناقشة ذلك التقرير طالما أنّها كلّفتهما قبلاً بذلك وكان عليهما أن يلتزما بإنفاذ ما كلّفا به.
وحيث وسنداً لأحكام المادتين المذكورتين، وتأسيساً على المعطيات الواقعية والفنّية الواردة في تقرير الخبير عدرة، وبالنظر لموقع المأجور موضوع النزاع ووجهة استثماره ومواصفاته، وبما لها من حقّ التقدير، ترى المحكمة أنّ قيمة المأجور موضوع النزاع كانت بتاريخ تقديم الدعوى الراهنة بالغة الأربعمائة ألف د.ا.
وحيث وفي ضوء ذلك، ترى الحكم بإلزام الجهة المدعى عليها بدفع بدل سنوي عادل للجهة المدعية قدره ستّة بالمئة من تلك القيمة أيّ ما مقداره أربعة وعشرون ألف د.ا. سنوياً.
وحيث إنّ الدعوى بحالتها الحاضرة، لا تنطوي على ما يمكن معه البتّ بمطلب الجهة المدعية الرامي إلى التعويض عليها عمّا نسبته إلى الجهة المدعى عليها من عدم التزام بتشييد المحطّة وفقاً للمواصفات المتفق عليها، وترى المحكمة حفظ حقّ الجهة المدعية بإقامة دعوى على حدة بوجه المدعى عليهم بالموضوع المذكور، وحيث لم يعد من داع للبحث في سائر ما زاد أو خالف من مطالب وأسباب، أو لمزيد من البحث.
لذلك
يحكم:
بقبول الدعوى الراهنة، بإلزام الجهة المدعى عليها بدفع بدل عادل سنوي مقابل إشغالها للمأجور موضوع النزاع قدره أربعة وعشرون ألف د.ا. يسري من تاريخ تقديم هذه الدعوى وبتضمينها النفقات كافة، وبردّ ما زاد أو خالف.
“محكمة” – الأحد في 2020/10/11

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!