طرائف وأشعار

مواقف وطرائف القضاة والمحامين: إحفظوا هذه الطرفة جيّدًا/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
منذ عشرات السنين، بدأ الناس يتداولون نكتة مهضومة مفادها أنّ طالبًا أرسله أهله للدرس في الخارج، إلّا أنّه أمضى وقته متجوّلًا بين المقاهي والمطاعم والنوادي الليلية، ولم تطأ قدماه أرض المدرسة.
وعندما حضر إلى لبنان في الصيف سأله والده عن الدرس وخصوصًا عن تعلّمه اللغة، فأجابه: أنّه أبدع في المدرسة. فسأله والده ما معنى نملة. فأجابه: النملة صغيرة لا نقلّل عقلنا لنعرف اسمها بالفرنسية.
فسأله: ما معنى سيّارة؟ فأجابه: السيارة كبيرة لم نصل في الدرس إلى اسمها.
فسأله: ما معنى الحذاء. فأجابه: لحظة…على راس لساني. فقال له والده: خليه بتمك.
هذه الخبرية ليست مجرّد نكتة، بل هي عبرة ومثل. فأحيانًا يكتب البعض عن أوضاع الناس العادية جدًّا. فيبدأ الآخرون بانتقادهم وكأنّه يجب دائمًا الكتابة عن الأمور الإستراتيجية في لبنان والعالم، مع العلم أنّ أحدًا لا يفهم فيها شيئًا، بل مجرّد تحاليل خنفشارية بحيث يسمعون خبرية من هنا وخبرية من هناك. أمّا إذا كتب أحدهم عن البنزين والدواء وانخفاض سعر الليرة وما يرتكبه موظّفون من فساد وأعمال يومية مؤذية للمواطن، فيتعرّض الكاتب للإنتقاد: “ليك وين بالو”. وانتم بشو بالكم؟ بتشكيل الحكومة وبما قاله هذا الزعيم وبما أجابه ذاك الزعيم؟
إحفظوا الطرفة أعلاه جيّداً.
***
كم عمرها
أثناء الدراسة الجامعية سئلت إحدى الطالبات عن عمرها، فقالت: “عمري عشرون سنة” فاحتجت إحدى زميلاتها غامزة وقائلة:”منذ سنتين قلت إنّ عمرك عشرون سنة”، فقال المحامي طانيوس رزق مستدركًا الوضع:”شو فيها! عمبتدوبل سنتها”.
***
بيهتزّ العالم كلو
قصد المحامي يوسف لحود دائرة قاضي التحقيق الأوّل في بعبدا حيث التقى رئيس القلم الشاعر ميشال مبارك الذي قال له اليوم انتهى عملي في الوظيفة وأصبحت زائرًا هنا، فقال له الأستاذ لحود:
في ناس ان كتروا وقلوا ما بتفرق معنا ان فلوا
لكن لولا مبارك غاب بيهتز العالم كلو
ميشال مبارك والغار خلقوا بنهار مبارك
يخزي العين بشغلوا نار ومنو النار بتتبارك
ولولا عن شغلو شي نهار تغيب ميشال مبارك
مية زلمي بغير عيار ما بيعبوا محلو
***
مذكّرات تلميذ المعلّم توفيق
في كتابه “قبل أن ننسى” يقول القاضي المرحوم إميل أبو سمرا:
نهضت اليوم من نومي متأخّرًا فاضطررت إلى الركض على الطريق، وكيس كتبي يرقص على ظهري. وحين وصلت إلى المدرسة، كان الجميع قد دخلوا… فتردّدت وجالت في رأسي فكرة الهرب، ولكنّي التفتُ فرأيت الناظر يحدجني بنظرة قاسية سمّرتني في مكاني “فبلعت” رقبتي، وأخذت أصعد السلّم وأنا أردّد عند كلّ درجة أصعدها: معلّمي تعوّقت! معلّمي تعوّقت! وهو واقف كالصنم ويداه خلف ظهره. وقبل أن أمرّ من أمامه وضعت يدي على رقبتي وحاولت الإنسلال إلى الداخل، ولكنّه كان أسرع مني “فرقعني” كفًّا على أذني شعرت على رأسي أنّ كلّ هررة الحيّ قد اجتمعت تموء في رأسي.
كلّ هذا كان هيّنًا، لو لم يسمع صدى الصفعة حبيب. فرأيته يتهلّل ويربت بيده على صدره ناظرًا إليّ، فطار صوابي وتعمّدت المرور بقربه، وأنا ذاهب إلى مقعدي فقلت له “حمار! بغل” فصاح بصوت مرتفع ليلفت نظر المعلّم إلى:”انت وحدك حمار! انت وحدك أكبر حمار في العالم”. وكان المعلم وراءنا فصرخ: ولا، انت واياه، قليل الأدب، قليل الحياء، ناسيين أنّني انا موجود!…فأجبته بصوت خافت:بالطبع لا!…مكانك محفوظ.
***
مرافعة تأبينية
ويضيف القاضي أبو سمرا في كتابه المذكور:
كان للأستاذ جبرائيل نصار دعوى إيجار عندي في عاليه. فلّما وقف أمام القوس استهلّ دفاعه بما يلي: نحن اليوم إذ نقف أمام هذه المنصة المحترمة نعود بالذكرى ما وراء ثلاثين سنة فنذكر المرحوم والدكم حاكم صلح المتن رجل العلم والنزاهة والظرف… و… الخ.
فقلت مقاطعًا: أشكرك يا أستاذ على عاطفتك! لو كنت عارف انك ناوي تقيم حفلة تأبينية للمرحوم والدي كنت وزّعت “شوية مناعي”.
أمّا مرافعته بالدعوى فاقتصرت تقريبًا على هذا التأبين.
***
أهمّية الخطابات
في مقابلة على تلفزيون على N.B.N. في 2001/2/14 إشترك فيها المحاميان الوزير السابق ادمون رزق والنائب السابق منير الحاج، قال المحامي الحاج، مشيدًا بالخطابات التي كان يلقيها المحامي رزق: عندما بدأت الجماهير تهتف لديغول قائلة: ديغول….ديغول بدأ يقول: منذ ذلك الوقت صرت أحسب حسابًا لهذا الجنرال ديغول كلّما كتبت خطابًا.
***
كنا بسعيد عقل واحد صرنا باثنين
يقول المحامي مطانيوس عيد إنّه التقى مرّة المحامي جورج كنعان الذي قال له بأنّ الشاعر الكبير سعيد عقل صاحب نظريات خصوصًا عندما يقول إنّنا سنقضي على اليهود ونلغيهم. فأجابه مطانيوس:سمعتك تقول إنّه شاعر كبير، أليس كذلك؟
فأجابه الأستاذ كنعان: صحيح.
فقال له مطانيوس: طالما اعترفت بأنّه شاعر كبير فهو يتكلّم كشاعر ويقول ما يقول. فودّع الأستاذ كنعان زميله وهو يقول: كنا بسعيد عقل واحد صرنا باثنين.
“محكمة” – السبت في 2021/6/12

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!