علم وخبر

“التمييز” تبحث مفهوم تأليف جمعية بحسب المادة 335 عقوبات/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
صادقت محكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضي رالف الرياشي وعضوية المستشارين خضر زنهور وبركان سعد قرار قاضي التحقيق العسكري جورج رزق في قضيّة رمي قنبلة يدوية على دورية للجيش اللبناني في تاريخ 27 أيّار الماضي أثناء أحداث الشغب في الضاحية الجنوبية والمنتهي في أحد بنود فقرته الحكمية إلى منع المحكمة عن المدعى عليهم لجهة تأليف جمعية بقصد ارتكاب الجنايات على عناصر قوى الجيش للنيل من سلطة الدولة وهيبتها لعدم كفاية الدليل، واعتبار باقي جهات القرار المطعون فيه غير مشمولة بالمراجعة الحاضرة، وذلك بعدما قبلت محكمة التمييز استدعاء مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية شكلًا ورّدته في الأساس.
وقد أخذت الجهة المستدعية على القرار المطعون فيه منعه المحكمة عن المستدعى ضدّهم ممّا أسند إليهم بموجب المادة 335 عقوبات لعدم كفاية الدليل بالرغم من ثبوت إقدامهم على الإجتماع وتأليف عصابة قصدت قطع الطرقات نيلًا من سلطة الدولة وهيبتها المتمثّلة في حينه في قوى الجيش المنتشرة على طريق المطار بحيث أقدموا في سياق ذلك على رمي قنبلة يدوية باتجاههم في محاولة منهم لقتلهم وإضعاف معنوياتهم وثنيهم عن القيام بمهامها وهو ما ينضوي في إطار مؤامرة متفق عليها ومنظّمة مسبقًا وهي تطلب اتهام المستدعي ضدّهم بالجناية المنصوص عليها في المادة 335 عقوبات
واعتبرت المحكمة أنّ المادة المذكورة توجب لإكمال عناصرها وجوب تأليف جمعية أو قيام اتفاق خطّي أو شفهي بقصد ارتكاب الجنايات المحدّدة بموجبها، وأنّه لم ينهض من التحقيقات والأوراق ما يثبت توافر ذلك إذ إنّ وجودهم في أماكن التظاهر ناتج عن انقياد جماعي في ما بينهم ولم يكن نتيجة اتفاق بمفهومه المحدّد في المادة 335 ممّا يقتضي معه منع المحاكمة لجهة هذه المادة.
وجاء في القرار:
تبيّن أنّ مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية تقدّم باستدعاء نقض بوجه المدعى عليهم المستدعى ضدّهم محمّد ي.، حسن ي.،  عباس ح. المقصود به عباس د. لعدم وجود لاسم عباس ح. في القرار المطعون فيه.
قاسم ع.، وربيع ع. وذلك طعنًا بالقرار رقم 2004/71 الصادر بتاريخ 2004/6/28 عن قاضي التحقيق العسكري جورج رزق والمنتهي في أحد بنود فقرته الحكمية إلى منع المحاكمة عن المدعى عليهم المذكورين ممّا أسند إليهم لجهة تأليف جمعية بقصد ارتكاب الجنايات على عناصر قوى الجيش للنيل من سلطة الدولة وهيبتها، الجناية المنصوص عليها في المادة 335 عقوبات لعدم كفاية الدليل.
فقد طلبت الجهة المستدعية قبول الإستدعاء وفي الشكل، وقبوله في الأساس، ونقض القرار في شقّه المطعون فيه، وإصدار القرار الآيل إلى اتهام المستدعى ضدّهم المدعى عليهم محمد ي.، حسن ي.، عباس ح.، قاسم ع.، وربيع ع. بالجناية المنصوص عليها في المادة 335 عقوبات.
بناء عليه،
أوّلًا: في الشكل
حيث إنّ القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 2004/6/28 وقد تسجّل استدعاء النقض لدى قلم قاضي التحقيق العسكري بتاريخ 2004/6/29 فيكون واردًا ضمن المهلة القانونية.
وحيث إنّ القرار في شقّه المطعون فيه قد جاء مخالفًا للمطالعة بالأساس المؤرّخة في 2004/6/21 ممّا يوفّر الشرط الشكلي الخاص المنصوص عليه في المادة 78 من القانون رقم 68/24.
وحيث إنّ الاستدعاء يستجمع شروطه الشكلية العامة والخاصة فيقتضي قبوله في الشكل والنظر في موضوعه وفقًا للأصول المتبعة لدى الهيئة الاتهامية في القضاء العدلي وذلك تطبيقًا للمادة 87 من القانون رقم 68/24.
ثانيًا: في الأساس
ألف: في الوقائع:
تبيّن أنّ الإتحاد العمّالي العام كان قد دعا إلى الإضراب والتظاهر بتاريخ 2004/5/27، وأنّ بعض المتظاهرين في مناطق متعدّدة من الضاحية الجنوبية لمدنية بيروت، أقدموا على قطع الطرقات والإعتداء على المؤسّسات والإنشاءات العامة، وعلى رشق قوى الجيش اللبناني المكلّفة حفظ الأمن بالحجارة وإطلاق النار عليها.
وتبيّن أنّه في التاريخ المذكور أعلاه كان المستدعى ضدّه المدعى عليه محمّد ي. يقوم بالعمل على دهان أحد المنازل في محلّة طريق المطار فقصده المستدعى ضدّهما المدعى عليهما عباس د. وقاسم ع. إلى حيث يعمل وطلبا منه الانضمام إلى التظاهرات فاستمهلهما حتّى انتهاء عمله، وأنّه عند الساعة الثانية والنصف من بعد ظهر التاريخ المدعى إليه، وبعد أن انتهى المومأ عليه محمد ي. من عمله، توجّه بدرّاجته النارية قاصدًا حيّ السلم للمشاركة بالتظاهرة، فالتقى في الطريق المدعى عليه قاسم ع. الذي أخبره بأنّ إطلاقًا للنار حصل في حيّ السلم وأنّه سقط عدد من القتلى والجرحى، فأصعده خلفه على الدرّاجة وتابع سيره قاصدًا حيّ السلم فلم يتمكن من الدخول إلى الحي المذكور بسبب استمرار إطلاق النار، فعاد برفقته قاسم ع. إلى حيّ الرمل العالي، ومن هناك انتقل المدعى عليه محمّد ي. مع مجموعة من الشبّان إلى طريق المطار للمشاركة بتظاهرة انطلقت من هناك، وأنّه لدى وصوله إلى طريق المطار بدأ بتجميع الإطارات ورميها في وسط الطريق وإشعالها بقصد قطعها ووقف حركة السير المؤدّية إلى المطار ثمّ بدأ باقي المتظاهرين ومنهم المدعى عليهم قاسم ع. وعباس د. وحسن وجميعهم من محلّة عين الدلبة في الرمل العالي برمي الحجارة على عناصر الجيش اللبناني التي كانت متمركزة قرب محطّة الأيتام، وعندما بدأت عناصر الجيش بإطلاق النار في الهواء ردّا على اشتداد عمليات رشقها بالحجارة عاد المدعى عليه محمد ي. إلى منزله في عين الدلبة وأحضر رمّانة يدوية كانت موجودة بحوزته منذ مدّة وعاد بها إلى مكان التظاهر فشاهد المدعى عليه حسن ي. الرمّانة اليدوية بحوزته وسأله عن سبب وجودها معه فأبلغه محمد ي. أنّه قرّر رميها باتجاه الجيش فوافقه حسن ي. على ذلك وطلب منه أن يقوم هو بالذات برميها فرفض محمد ي. ذلك وتقدّم بدرّاجته النارية وعندما وصل إلى مسافة خمسين مترًا من عناصر الجيش نزع عتلة أمان الرمّانة اليدوية ورماها نحوهم فانفجرت وأدّى انفجارها إلى إصابة عدد من العسكريين وأحد المصوّرين الصحفيين ثمّ غادر محمد ي. المكان فيما أقدم المدعى عليه قاسم ع. على إطلاق النار على مصابيح الإنارة العامة، ثمّ غادر المدعى عليه محمد ي. المكان برفقة كل من حسن ي. وعباس د. وقاسم ع..
وتبيّن أنّ المدعى عليه محمد ي. أدلى في الحقيق الاستنطاقي بأنّه استحصل على الرمّانة اليدوية، من المدعى عليه ربيع ع. منذ حوالي الثمانية أشهر عندما اشتراها مع كمّية من ذخائر الكلاشينكوف من المذكور، وأنّ المدعى عليهم حسن ي. وعباس د. وقاسم ع. نفوا في التحقيق الإستنطاقي قيامهم بأعمال الشغب ورمي الحجارة وإحراق الإطارات وأنّ ربيع ع. نفى في التحقيق الاستنطاقي قيامه بتسليم محمد ي. الرمّانة اليدوية.
وقد تأيّدت هذه الوقائع بالأدلّة التالية:
1- بالإدعاء
2- بالتحقيق الأوّلي والإستنطاقي
3- بمجمل التحقيق
باء: في القانون
حيث إنّ الجهة المستدعية تأخذ على القرار المطعون فيه منعه المحاكمة عن المستدعى ضدّهم ممّا أسند إليهم بموجب المادة 335 عقوبات لعدم كفاية الدليل بالرغم من ثبوت إقدامهم على الإجتماع وتأليف عصابة قصدت قطع الطرقات نيلًا من سلطة الدولة وهيبتها المتمثّلة في حينه في قوى الجيش المنتشرة على طريق المطار بحيث أقدموا في سياق ذلك على رمي قنبلة يدوية باتجاههم في محاولة منهم لقتلهم وإضعاف معنوياتهم وثنيهم عن القيام بمهامهم وهو ما ينضوي في إطار مؤامرة متفق عليها ومنظّمة مسبقًا، وهي تطلب اتهام المستدعى ضدّهم بالجناية المنصوص عليها في المادة 335 عقوبات.
وحيث إنّ المادة 335 من قانون العقوبات توجب لإكمال عناصرها وجوب تأليف جميعة أو قيام اتفاق خطّي أو شفهي بقصد ارتكاب الجنايات المحدّدة بموجبها.
وحيث إنّه لم ينهض في التحقيقات والأوراق ما يثبت توافر تأليف جمعية بين المستدعى ضدّهم المدعى عليهم، كما أنّه لم يثبت وجود اتفاق خطّي أو شفهي في ما بينهم إذ إنّ تواجدهم في أماكن التظاهر كان كما هو مبيّن في التحقيق ناتج عن انقياد جماعي في ما بينهم ولم يكن نتيجة اتفاق بمفهومه المحدّد في المادة 335 عقوبات ممّا يقتضي معه منع المحاكمة عن المستدعى ضدّهم المدعى عليهم لجهة ما أسند إليهم بموجب المادة 335 عقوبات.
وحيث إنّ انتهاء القرار المطعون فيه إلى هذه النتيجة يجعله واقعًا في محلّه القانوني فيقتضي تصديقه وردّ الطعن المخالف.
لذلك
تقرّر بالإجماع:
1- قبول الإستدعاء في الشكل.
2- ردّه في الأساس وتصديق القرار المطعون فيه بما انتهت إليه من منع المحاكمة عن المدعى عليهم محمّد ي. وحسن ي. وعباس د. وقاسم ع. وربيع ع. لجهة ما أسند إليهم بموجب المادة 335 عقوبات.
3- إعتبار باقي جهات القرار المطعون فيه غير مشمولة بالمراجعة الحاضرة.
4- حفظ النفقات القانونية والرسوم المترتّبة على هذه المراجعة.
5- إيداع الأوراق مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية لإيداعها مرجعها.
“محكمة” – الجمعة في 2021/9/3

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!