أبحاث ودراساتميديا

تطوّر دور القضاء الدستوري /محمّد مشيك

الدكتور محمّد فياض مشيك:
تتجلّى الحماية الدستوريّة لحقوق الإنسان، في الرقابة الدستوريّة على التشريعات الوطنيّة. لذا تهدف الرقابة، إلى التأكّد من دستوريّة القوانين أيّ بمدى توافقها مع النّصوص الدستوريّة، باعتبارها الأسمى في هرم القواعد القانونيّة.
كانت هناك معارضة على نشوء الرقابة الدستوريّة، “لتعارضها مع السيادة الشعبية والقومية. وقد جُوبه سياس Sieyes المطالب بمراقبة دستورية القوانين من واضعي دستور (1793م)، بالقول:”هل يريد تعيين سيّد فوق رأسه”. إنّ الرأي القائل بتعدّي مراقبة دستوريّة القوانين على سيادة الأمّة هو صحيح، ولكن في المقابل إذا حصل تعدٍّ على قاعدة دستوريّة، وهذه القاعدة العليا هي أيضاً معبّرة عن الإرادة الشعبيّة، وبالتالي لا بدّ من وجود جهاز يصوّب عمل السلطات ويمنعها من التعدّي على النصوص الدستوريّة، فهو جهاز رقابيّ على دستوريّة القوانين.
ووفقاً لما قاله المفكّر الفرنسي “جان جاك روسو Jean-jacques Rousseau”، فإنّ القانون يعبّر عن الإرادة العامة، وإنّ هذا المفهوم لا يكتمل إلاّ إذا كان القانون محترماً لنصوص الدستور.
لذا ما تشمله الإرادة العامة، بعضها ما هو منصوص عليه في الدستور، لأنّه يشكّل أسمى قاعدة تعبّر عن هذه الإرادة، فيكون من الواجب أنّ تأتي القوانين متوافقة مع جزء مهم من الإرادة العامة، فيظهر دور الرقابة على دستوريّة القوانين.
ووفقاً “لموريس دوفرجيه Maurice Duvergé”، لا يمكن اعتبار قانون غير دستوري، إلاّ إذا كان قد تمّ التحقّق رسمياً من خرقه للدستور، وكان الجهاز أو السلطة اللذان يتحقّقان من ذلك يملكان الصلاحيّة في استخلاص التبعات.
ويشرح الفقيه الدستوري “إدمون ربّاط” الأعمال التشريعيّة المعبّرة عن الإرادة العامّة، والتي تخضع للرقابة الدستوريّة، ومنها القوانين الوضعيّة والموازنات الماليّة والمقرّرات الإداريّة وغيرها من الأعمال التشريعيّة، التي تخضع للرقابة الدستوريّة، وثمّ إذا جاءت مخالفة لأحكام ومبادئ الدستور تُعتبر غير دستوريّة.
ويعتبر الفقيه الدستوري “زهير شكر”، أنّ صلاحيّة إبطال القوانين المخالفة لنصوص الدستور تعود إلى هيئة سياسيّة أو قضائيّة.
من جهتنا نرى أنّ المراقبة الدستوريّة، تتمثّل بوجود جهاز كفوء يعمل على تشخيص القوانين الصادرة عن السلطة التشريعيّة والحكم ما إذا كانت دستوريّة أم غير دستوريّة. ويكون على المحاكم والمجالس الدستوريّة أن تستند إلى النصّ الدستوري. وقد كانت هناك بداية لهذه الرقابة الدستوريّة.
وهذا ما سنتناوله في المطلب الأوّل حيث نحاول التعرّض لنشأة هذه الرقابة، وفي المطلب الثاني من هذا المبحث سنتعرّض لطبيعة القضاء الدستوري.
المطلب الأوّل: نشأة الرقابة الدستوريّة
إنّ اختصاص الرقابة الدستوريّة، تقوم به مؤسّسة القضاء الدستوري، وسيتبيّن معنا أهميّة استقلاليّة القاضي في عمله وبُعْده عن السياسيين، في تثبيت دور المحكمة. لذا يكون عمله ينصبّ في المحافظة على نصوص الدستور بحياديّة، وحماية حقوق الإنسان.
فدور القضاء الدستوري في القيام بالرقابة الدستوريّة، لم يكن وليدة لحظة زمنيّة، لأنّ مفهوم الرقابة هذا يستمدّ أصوله التاريخيّة من المذاهب والنظريات المثاليّة التي جاءت قبل الجدل الدائر حولها في العصر الحديث؛ لذا كانت الشرائع السماويّة مصدراً للقوانين الّتي تمثّل امتداداً للعدالة الإنسانيّة المتمثّلة في القانون الطبيعي.
وقد تنشأ الرقابة الدستوريّة من دون أن يكون هناك نصّ مكتوب في الدستور يحدّد هذه الصلاحيّة، لذا يكون نتيجة ذكاء وشجاعة القضاة. فبعد نشأة الاتحاد بين الولايات الأميركيّة إجتهدت المحكمة العليا في اعطاء القضاء صلاحية الرقابة على دستوريّة القوانين من خلال الامتناع عن تطبيق القانون المخالف للدستور.
إنّ أسبق دول العالم في تشييد صرح الرّقابة القضائية هي الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك منذ أوائل القرن التاسع عشر. كانت البداية امتناع محاكم الولايات الأميركيّة عن تطبيق القوانين الصادرة عن البرلمانات في حال جاءت مخالِفة للأوامر الملكيّة البريطانيّة. لذا تمتّعت السلطة القضائيّة بدور فعّال ومؤثّر في التطوّر السياسي والاجتماعي والاقتصادي في الدولة.
فالمحكمة العليا هي المرجع الأوّل في مجال الرقابة على دستوريّة القوانين، فبجهود بعض قضاتها كرّست هذه الرّقابة بشكلٍ فعليّ وأصبح للمحكمة تأثير في الحياة السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، وكذلك الأمر التزام المحاكم الأدنى بهذه القرارات. ومن أهّم خصوصيّات المحكمة العليا عملها في بيئة القانون العام.
فكان للدور الّذي لعبته المحكمة العليا على الصعيد الحقوقي والرقابي، أثره على مسيرة الديمقراطية في الولايات المتحدة الأميركيّة. إذ نصّت المادة (3) من الدستور الأميركي، على إنشاء المحكمة العليا، حيث إنّ السلطة القضائيّة تُفوَّض إلى محكمة عليا واحدة، وإلى محاكم أدنى حسبما يقرّر الكونغرس وينشئه من وقت ﻵخر، وتُعدّ هي رأس الهرم في تدرّج المحاكم الفدرالية الأميركيّة (ينظر:دستور الولايات المتحدة الأميركية، المادة (2) الفقرة الثانية).
لقد ظهر دور المحكمة العليا كأنّه دور ثانوي على وجه الخصوص مع صعوبة تعيين الأعضاء فيها نهاية القرن الثامن عشر.
وبعد أنّ أصبحت مسألة الرقابة على دستوريّة القوانين من أهمّ اختصاصات المحكمة العليا في الولايات المتّحدة الأميركيّة. خاصّةً أنّ الدستور الأميركي لسنة (1787 ميلادي)، لم ينصّ على هذا النوع من الرقابة، وكذلك لم يوجد نصّ في الدستور في المقابل يمنعها. لذا رسّخت المحكمة هذا الحقّ بموجب اجتهاداتها (خاصةً قضيّة ماربوري ضدّ ماديسون) الشهيرة.
تعزّزت الرقابة وانطلقت مع قضيّة “ماربوري Marbury” ضدّ “ماديسون Madison”، فبعد أن فاز توماس جيفرسون في نهاية سنة (1800 م) وأنصاره من خصوم الاتحاديين، اتجه الاتحاديون قبل تركهم الرئاسة إلى تعيين جزء من القضاة ممن يحملون لواء سياستهم، يستطيعون الوقوف في وجه الرئيس والكونغرس الجديدين.
في البداية ارتبطت قوّة سلطة المحكمة بشخص رئيسها، (مثل القاضي “جون مارشال”؛ عيّن هذا القاضي، من قبل الرئيس الأمريكي “جون ﺁدمز”، في سنة (1801 م) وبقي في هذا المنصب “رئيساً للمحكمة العليا”، حتّى سنة 1835 ميلادي)، الذي رسّخ دور هذه المحكمة، حيث كانت طريقة تعيين قضاتها تعتمد على سمعة المرشّحين وكفاءتهم، لذا يعمد رؤساء الولايات المتحدة الأميركيّة إلى اختيار الشّخص لشغل هذا المنصب وفقاً للمؤهّلات القانونية والثّقافية والسياسية.
وبالنسبة إلى صلاحيتها للنظر في دستورية القوانين، فإنّ الدستور الأميركي لم يتطرّق إليها، ولكنّ المحكمة العليا انتزعت الحقّ بممارستها سنة (1803 م)، بواسطة بناء اجتهادي Construction Jurisprudentielle. ولم تعد هذه الصلاحية مقتصرة على المحكمة العليا، بل أصبحت صلاحية عامّة لكل المحاكم الفيدرالية، التي تشمل ثلاث درجات تأتي المحكمة العليا في قمّتها. وهي مختصّة في جميع المسائل ولها الكلمة الأخيرة دائماً. وتلخّص “آن ديسين Anne Deysine”، بإيجاز هذه السمة الأساسية (لها الكلمة الأخيرة دائماً)، بالصيغة اﻵتية: “المحكمة العليا القويّة”.
ويمكن القول، إنّ المحكمة العليا مثّلت أهمّ ركائز انتقال الولايات المتّحدة التدريجي خلال قرن ونصف قرن من زمن التمييز العنصري، إلى زمن حماية الحقوق والحريّات لجميع أفراد المجتمع الأميركي. فبقيت الرقابة على دستوريّة القوانين في الولايات المتحدة الأميركية هي التجربة الفريدة، حتّى بدأت تعمل بها دول أخرى في أوروبا.
تُعدّ مرحلة نشأة المجلس الدستوري مـتأخرّة بعض الشيء في فرنسا حتّى سنة (1958 ميلادي)، إذ لم يكن دستور سنة (1946 ميلادي) ينصّ على الرقابة على دستورية القوانين في فرنسا، بل كانت اللجنة الدستورية التي انحصر دورها في تقرير ما إذا كان القانون الذي تمّت المراجعة به يحتاج إلى تعديل دستوري (فكانت تجربة غير ناجحة). وخلافاً للمفهوم التقليدي لسيادة القانون، فإنّ مبدأ الرقابة نفسه كان غريباً عن المفهوم الجمهوري للمؤسّسات.
وبسبب التشابك والخلافات بين المؤسّسات السياسية في الجمهورية الرابعة الفرنسية، عُطّلت الحياة السياسيّة في البلاد. ولم تكن هناك جهة ترعى حسن تسيير أمور الدولة. لذا جاء الباب السابع من دستور الجمهوريّة الخامسة، ليعلن نشأة المجلس الدستوري وكيفية تنظيمه. وكان الهدف من وراء إنشاء المجلس الدستوري هو منع البرلمان من تجاوز صلاحياته الدستوريّة والتعدّي على صلاحيات الحكومة، إلاّ أنّ التطوّرات على الصعيد السياسي التي شهدها المجلس، إضافةً إلى التجارب التي مرّ بها، ساعدته في تجاوز الغاية الّتي وُضع من أجلها، وتولّي حماية الحقوق والحرّيات. لذا كان دور هذا المجلس يتراوح بين “تحقيق أكبر قدر من الاستقرار بين المؤسّسات الرئيسيّة للنظام في مراقبة دستوريّة القوانين وممارسة السلطتين التشريعيّة والتنفيذيّة”.
ويُعدّ المجلس الدستوري الفرنسي من المؤسّسات الدستوريّة الّتي تحافظ على التوازن بين السلطتين التشريعيّة والتنفيذيّة، أيّ مؤسّسة منظِّمة لنشاط السلطات. وما إنْ أثبت هذا المجلس وجوده، حتّى أوجد وأفضل ابتكار يتمثّل بالمزاوجة ما بين الدولة القانونيّة والديمقراطيّة.
وتظهر غاية القضاء الدستوري برقابته على دستوريّة القوانين على وجه عام، بتحقّقه من مدى التزام سلطات الدولة كافة في احترام نصوص الدستور، ومنها الضامنة لحقوق الإنسان. وتختلف الجهات التي تقوم بالرقابة على دستورية القوانين، فبعض البلدان تعتمد المحاكم الدستورية (وهذه حال مصر والكويت) وأخرى تعتمد المجالس الدستورية (كما هي الحال في فرنسا والجزائر ولبنان).
ففي “المعنى الاشتقاقي للكلمة، القضاء هو الجهة التي تنصّ على القانون: Juris dicto. وتكمن السلطة القضائيّة في تفسير القواعد القانونيّة واستخلاص نتائج هذا التفسير”.
وبنتيجة “ذلك فإن الأنظمة القانونية وعلى اختلاف أيديولوجياتها وانتماءاتها الفلسفية القانونية orientations philosophico-juridiques تُعدّ الجهة المختصة بالرقابة على دستورية القوانين وضابطاً لإيقاع حركة المجتمع في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية”.
ويمكن القول، إنّ المجلس الدستوري الفرنسي، كان له دور مهمّ في الحفاظ على حقوق الأفراد وحريّاتهم، سواء اعتماده على النّصوص الدستوريّة والمبادئ الّتي تتضمّنها، أم على السّوابق الاجتهاديّة في القرارات الصادرة عنه.
المطلب الثاني: طبيعة عمل القضاء الدستوري
جوهر عمل المجالس والمحاكم الدستوريّة يختلف عن عمل القضاء العادي، لأنّ دور القاضي الدستوري هو دور اجتهادي وإبداعي، حيث يقوم بحماية الدستور وتلقائياً حقوق الإنسان، من التعدّي على نصوصه، ثمّ إرشاد المشرّع في تشريعاته غير المتطابقة مع نصوص الدستور على وجه غير مباشر.
ويعتبر “موريس دوفرجيه”، أنّ “منظومة المحكمة الخاصّة المكلّفة برقابة دستوريّة القوانين مفضّلة على الرقابة من قبل قضاة عاديين، لأنّها تسمح باختيار القضاة الدستوريين الأكثر أهليّة لممارسة هذه الوظائف، وتجدر المقارنة هنا مع مجلس الشورى والمحاكم المدنيّة من جهة تطبيق مبدأ الشرعيّة في فرنسا”. لذا تختلف طبيعة القضاء الدستوري عن طبيعة القضاء العدلي والإداري، وكذلك من ناحية الصلاحيات الموكلة لكلٍّ من القضاءَين.
وقد اعتبر رئيس المجلس الدستوري عصام سليمان، أنّ طبيعة عمل القضاء الدستوري تشكّلُ جزءاً لا يتجزأ من عملية التشريع، ويشكّل كلّ من المحاكم والمجالس الدستورية مؤسّسةً دستورية أساسية، في النظام الدستوري، إلى جانب المؤسّستين الاشتراعية والإجرائية”.
الجهة المخوّلة بالقيام بالاختصاص الرقابي، هي إمّا هيئة سياسيّة أو قضائيّة، والأنظمة الدستوريّة في الدول العربيّة كما في سائر الديمقراطيات الغربيّة قد استقرّت على الرقابة القضائيّة، وهذا ما سنبحثه في الفقرة اﻵتية.
أوّلاً: محاكم الجهاز القضائي العام
في هذا النوع من المحاكم، تُوكَل الرقابة إلى محكمة من الجهاز القضائي العام في الدولة. ومن أهمّ الأمثلة محاكم القضاء الأميركي، حيث تكون على رأس هرم المحاكم العادية الّتي بدورها تتمتّع بصلاحيّة النّظر في دستورية القوانين.
إنّ صفة الرقابة القضائية على دستوريّة القوانين، ترمز إلى الجهة التي تمارسها. وما يميّز هذا النوع هو وجود محكمة عليا، تتربّع على هرم المحاكم، فبإمكان المحاكم العاديّة القيام بمَهمّة الرقابة على دستورية قوانين الولايات الصادرة عن برلمانات الولايات الأميركيّة، ولكن يجب على محاكم الولايات أنّ تأخذ بقرارات المحكمة العليا الّتي تنظر في دستورية القوانين بالنسبة للدستور الفدرالي.
إذاً إنّ المحكمة العليا الأميركيّة هي ليست محكمة دستوريّة، وإنّما هي محكمة تمييز تمارس كلّ صلاحيات محكمة التمييز وتمارس الرقابة الدستورية ككلّ المحاكم الأميركيّة عن طريق الامتناع عن تطبيق القانون المخالف للدستور.
ثانياً: جهاز قضائي متخصّص
محكمة متخصّصة وهي تعني هيئة قضائيّة تُسمّى المحكمة الدستوريّة أو المجلس الدستوري، وهذا النوع يطلق عليه اسم النموذج الأوروبي (حيث أُنشئت أوّل محكمة دستورية في النمسا، وأمّا فرنسا فقد أُنشئ فيها المجلس الدستوري)، حيث استلهمت الدول العربيّة التجربة الأوروبيّة واعتمد كلّ من لبنان والجزائر نظام المجلس الدستوري. وأمّا مصر، المغرب (والمغرب، كانت تأخذ بنظام المجلس الدستوري، وبعد التعديل الدستوري لسنة 2011 أصبحت تأخذ بنظام المحكمة الدستورية)؛ والكويت فقد اعتمدوا نظام المحاكم الدستوريّة في دساتيرهم. وفي العراق وبعد وضع دستور جديد سنة 2005، على إنشاء المحكمة الاتحادية العليا. وفي نفس السياق نجد أنّ الإمارات العربية المتحدة نصّ دستورها لسنة 1973، على إنشاء محكمة اتحادية عليا كهيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها، وتقبع في أعلى السلّم القضائي.
على العموم، إنّ القضاء الدستوري هو قضاء متخصّص، حيث تمارس المحاكم والمجالس الدستوريّة نوعاً معيّناً من الصلاحيات المتعلّقة بالرقابة على دستوريّة القوانين.
مهما كانت طبيعة الرقابة على دستوريّة القوانين في الدول العربيّة، فقد بات من المسلّمات مساهمة ذلك إلى حدٍّ كبير، في حماية حقوق الإنسان.
ونرى أنّ الاتّجاه التصاعدي الذي سلكته المسيرة الحقوقيّة على المستوى التّاريخي، ووفقاً للتقسيمات المختلفة (عهود ومواثيق)، أنّ ما يجمعها هو المرونة والتطوّر اللذان طالا حقوق الإنسان. فالمجتمع السليم في الدولة لا يمكن أنّ يقوم على حقوق مدنيّة وسياسيّة فقط، بل يجب أنّ يكون معها وبالتوازي حقوق اقتصاديّة واجتماعيّة. لذا لا يمكن لمجتمع أن يقوم على نوع واحد من الحقوق، وإذا طبّقنا حقوق الجيل الأوّل، يكون لدينا فقر وطبقات اجتماعيّة وتلقائياً نفتقد لمبدأ مهمّ من مبادئ حقوق الإنسان، هو مبدأ المساواة.
هنا يشكّل عمل القاضي الدستوري في الرقابة وفي تحديد مجال هذه الأولويّات، مصوّباً لعدم التعدّي على هذه الحقوق، طالما أنّها لا تحتمل التنفيذ الفوري. فالعلاقات تتشابك ما بين السلطات في الدولة والفرد، وبين أفراد المجتمع أنفسهم بأسس تنظّمها القوانين الصادرة عن السلطة التشريعيّة، وخاصّةً تلك المنظِّمة لحقوق الإنسان.
أمّا بالنسبة للمشرّع الدستوري العربي، فقد عمد ولو مؤخّراً إلى اعتماد الرقابة على دستوريّة القوانين متأخّراً بعض الشيء عن غيره، من خلال إنشاء محاكم ومجالس ذات اختصاصات وصلاحيات متفاوتة من دولة إلى أخرى.
قائمة المراجع والمصادر
أوّلاً: المراجع:
أ/الكتب العربية:
1) إدمون رباط؛ الوسيط في القانون الدستوري العام، النظرية القانونيّة في الدولة وحكمها، الجزء الثّاني، الطبعة الثانية، دار العلم للملايين، بيروت، 1971.
2) أنور سلطان؛ المبادئ القانونيّة العامة، الطبعة الثانية، دار النهضة العربيّة، بيروت، 1978.
3) خليل الهندي وأنطوان الناشف؛ المجلس الدستوري في لبنان، المؤسّسة الحديثة للكتاب، طرابلس، لبنان، 1998.
4) رامز محمّد عمار ونعمت عبدالله مكي؛ حقوق الإنسان والحرّيات العامة، الطبعة الأولى، حقوق الطبع محفوظة للمؤلّفين، 2010.
5) زهير شكر؛ النظرية العامة للقضاء الدستوري، الطبعة الأولى، دار بلال للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، الجزء الثّاني، 2014.
6) زهير شكر؛ النظريّة العامة للقضاء الدستوري، الطبعة الأولى، دار بلال للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، الجزء الأوّل، 2014.
7) زهير شكر؛ الوسيط في القانون الدستوري اللبناني، نشأة ومسار النظام السياسيّ والدستوري والمؤسّسات الدستورية، لا د. ن.، الجزء الثاني، 2006.
8) محمّد المجذوب؛ القانون الدستوري والنظام السياسي في لبنان، وأهمّ النظم الدستورية والسياسية في العالم، الطبعة الرابعة، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، 2002.
ب/الكتب المترجمة:
1- هنري روسيون؛ المجلس الدستوري، ترجمة محمّد وطفة، الطبعة الأولى، المؤسّسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 2001.
2- موريس دوفرجيه (ترجمة جورج سعد)؛ المؤسّسات السياسيّة والقانون الدستوري، الأنظمة الكبرى، الطبعة الأولى، المؤسّسة الجامعيّة للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 1992.
ج/الرسائل والأطاريح الجامعية:
1- مخلص محمود حسين؛ المحكمة الاتحاديّة العليا في العراق، أطروحة دكتوراه، جامعة القديس يوسف، بيروت، 2016.
د/ المجلاّت والدوريّات:
1- الحوار المتمدّن
2- مجلّة الحياة النيابية
3- كتاب المجلس الدستوري اللبناني
ه/ البحوث والدراسات والمقالات والندوات والمحاضرات:
1- هايل نصر؛ مقال بعنوان في القضاء الدستوري، الحوار المتمدّن، العدد (2310)، تاريخ 2008/6/12
2- عصام سليمان؛ طبيعة القضاء الدستوري، كتاب المجلس الدستوري اللبناني، الكتاب السنوي، 2014، المجلد 8.
3- الحياة النيابية، لبنان، المجلد السادس والثمانون، ﺁذار 2013.
ثانياً: المصادر الأجنبية:

1- Anne Deysine, La cour supreme des États-Unis Droit, politique et démocratie, Dalloz, Paris, 2015.
2- Hugues portelli, Droit Constitutionnel, Dalloz, 8ѐ édition, 2009.
3- Louis Favoreu Patrick Gaïa Richard Ghevontian Ferdinand Mélin-Soucramanien Annabelle Pena-Soler Otto Pfersmann Joseph Pini André Roux Guy Scoffoni Jérôme Tremeau, Droit des libertés fondamentales, 5ѐ édition, 2009.
4- Maurice Duverger, Droit public, Presses Universitaires de France, 1re édition, 1957.

“محكمة” – الجمعة في 2020/10/16
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يرجى الإكتفاء بنسخ جزء من الخبر وبما لا يزيد عن 20% من مضمونه، مع ضرورة ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!