مقالات

صلاح بكري.. من حاجب على باب الحزن إلى أهل الحزن وذويه/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
فقد البقاع ولبنان أحد كبار أركانه، والمحاماة أحد كبار فرسانها، والإنسانية أحد أعظم أبنائها، والنضال إحدى قاماته. لقد رحل المحامي العصامي الآدمي الشجاع والإنساني صلاح بكري.
جمعتنا صداقة قديمة منذ الثمانيات، وخصوصًا خلال زياراتنا المتكرّرة الى البقاع، حيث كنا نزوره في مكتبه في شتورا، ونعقد اللقاءات العلمية والثقافية والفكرية. وتطوّرت علاقة الصداقة في أوائل التسعينات حيث كنا نلتقي في دارة النقيب الشيخ ميشال خطار. فهو صديق شخصي للمحامي محمّد مطر، تلميذ النقيب وأحد أقرب المقرّبين إليه. وفي عهد النقيب شكيب قرطباوي، التقينا في لجنة الدفاع عن الحرّيات العامة وحقوق الإنسان برئاسة المحامي الدكتور عبد السلام شعيب، حيث كنا نستمتع بآرائه المنطقية البعيدة عن التعصّب.
حزن كثيرًا لرحيل المحامية في مكتبه المرحومة سهام حمية في الخامس من شباط الماضي ونعاها بحزن عميق، وتقبّل التعازي إلى جانب زوجها المفجوع المحامي الزميل علي دلول. وها هو اليوم يرحل من دون وداع. فكورونا على الأبواب تغدر بهم الواحد تلو الآخر دون شفقة أو رحمة.
لقد كان المحامي صلاح بكري مناضلًا شرسًا من أجل القضايا العربية والقضية الفلسطنية، كما كان ناشطًا في المجالات الثقافية والاجتماعية والأدبية. وقد نعاه دولة الرئيس سعد الدين الحريري بالقول:” غادرنا اليوم الصديق الوفي صلاح بكري. خسر معركته مع وباء كورونا وهو الذي خاض معارك الدفاع عن لبنان والقضايا العربية على مدى حياته”. كما نعاه المجلس الثقافي الاجتماعي للبقاع العربي وراشيا وهو كان عضوًا فاعلًا فيه. كما خسرته نقابة المحامين قامة شامخة في العلم والثقافة والجرأة والإقدام والأدب واللباقة.
أتعبنا كورونا، وقضى على مجتمعنا وعلى أبنائنا. نخسرهم يومياً ونحزن على فراقهم. وكما كتب لي الاعلامي الرصين جورج غانم:”كلّ يوم نودّع رفيقاً أو عزيزًا أو أخًا، مثل الواقف على باب الحزن. حزنك طويل كشجر الحور على ما قاله الماغوط.” وليجيب عليه المحامي الألمعي حسين فياض:”كنا حاجبًا على أبواب الحزن فغدونا أهل الحزن وذويه، وبات الوباء اللعين يتربّص بنا على مفارق العمر وفي زوايا الحياة”.
لقد رحل المحامي صلاح بكري وفي قلبه غصّة على ما آلت إليه الأمور في لبنان. ففي هذا الزمن الرديء قتلوا كلّ شيء واستباحوا كلّ شيء وأصبح القانون استثناء. لقد رحل وهو في عزّ شبابه وعطائه. البارحة كان فرحاً يضجّ بالحياة. واليوم يرحل بحزن وأسى كأنّه رحيل الحياة. رحم الله نصري شمس الدين الذي غنّى مع الرحابنة:”مبارح أنا ودّعتهم كانوا شباب، عم يرقصوا ويهيّصوا. كيف بدقيقة الناس بيخلصوا؟”
الله يرحم المحامي الحبيب صلاح بكري وتعازينا الحارة لعائلته ولأقربائه ولزملائه في المكتب ولعائلة المحامين ولأهلنا في البقاع وفي كلّ لبنان.
“محكمة” – الإثنين في 2021/1/18

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!