أبرز الأخبارعلم وخبرميديا

العدليات والمحاكم من دون كهرباء وقرطاسية ومازوت وتدفئة.. إيّاكم وتمويت العدالة!/علي الموسوي

كتب علي الموسوي:
تعاني قصور العدل والمحاكم على جميع أراضي الجمهورية اللبنانية انقطاعًا كبيرًا في التيّار الكهربائي أسوة بمنازل اللبنانيين ومتاجرهم وأرزاقهم ولقمة عيشهم حيث الإتكال على المولّدات الكهربائية وأسعارها المرتفعة التي لو جمعت الدولةُ في الأصل مبالغها المالية المليونية الطائلة لقدّمت خدمة عالية في الكهرباء، لكنّه جزء من ثقافة الفساد المستشري في لبنان، وهذا ما دفع إلى انهيار الإقتصاد وتدنّي القيمة الشرائية للعملة الوطنية.
وفي معلومات خاصة بـ“محكمة”، فإنّ مزوّد قصر عدل بعلبك المهمل أساسًا، والمسمّى قصرًا زُورًا وافتئاتًا على العدل والقضاء والإنسان، بالكهرباء من مولّده، قرّر التوقّف نهائيًا عن تقديم هذه الخدمة المدفوعة، وذلك بسبب عدم قيام وزارة العدل بتسديد مستحقّاته المالية، ومطالبته برفع التعرفة القديمة في ظلّ ارتفاع سعر المازوت، ما يعني دخول هذا “القصر” في عتمة شاملة على مشارف بدء شهر كانون الأوّل ومناخه القاسي.
وبعد محادثات ومفاوضات قام بها القضاة الذين وقعت قرعة التشكيلات على وضعهم هناك، مع صاحب المولّد الكهربائي، “أشفق” عليهم بإبقاء الكهرباء للنظارة فقط حيث يقبع موقوفون ومساجين في وضع إنساني مخيف وسيئ، من دون أن تصل هذه النعمة إلى مكاتب القضاة والأقلام في بقيّة الطوابق، وهكذا انخفضت القدرة الكهربائية التي كانت موجودة من 40 أمبير إلى 5 أمبير وما دون، في موقف إنساني يتعلّق بالموقوفين.
وأدّى توقّف الكهرباء إلى تعطّل العمل في صندوق وزارة المالية، وتراكم المهام في قلم السير حيث تجني الدولة وصندوق تعاضد القضاة الكثير من الأموال.
ويترافق هذا المشهد المأساوي مع عدم وجود مادة المازوت لتأمين التدفئة للقضاة والموظّفين مع قدوم شهر كانون الأوّل بما يحمله عادة من ثلوج وعواصف وأمطار غزيرة، ولا قدرة للقضاة والموظّفين على دفع ثمن المازوت من جيوبهم، إذ يكفي أنّهم يسعون إلى تأمين بدل التنظيفات والحفاظ على صحّتهم والسلامة العامة، مع الإشارة إلى أنّ رواتب هؤلاء لا تكفي ثمن وقود للوصول إلى العدلية كما هو حال قضاة ومساعدين آخرين في مناطق أخرى. وما يقال عن عدلية بعلبك يقال أيضًا عن كلّ العدليات والمحاكم الموجودة في المناطق الجبلية.
وكلّ هذا يجري ووزارة العدل لا تفعل شيئًا وتستميت في التغاضي، ربّما لعدم امتلاكها الحلّ، على أمل ألّا تكون عدلية بعلبك خارج الجمهورية العظيمة، وذلك إتمامًا للمقولة السائدة بين القضاة بأنّ المهمّ استمرار قصري عدل بيروت وبعبدا، وهذا الأخير في الأصل يعاني ولا يليق بالقضاة.
ونجحت مساعي بعض القضاة في إيصال المياه إلى عدلية بعلبك بفعل التواصل مع البلدية والدفاع المدني ومصلحة المياه في المنطقة.


ومن البديهي أن ينعكس هذا الوضع المزري على الملفّات والدعاوى وحقوق الناس ما يساعد أكثر على جعل العدالة بطيئة، على أمل ألّا تنهار فيدفع اللبنانيون الثمن غاليًا باعتبار أنّ القضاء هو الملجأ الأوّل والأخير لمعالجة النزاعات والخلافات، لا الطرقات والشوارع وشاشات التلفزيونات ومنابر وسائل الإعلام التي تبغي تحقيق الأسبقية لا العدالة.
والصورتان المرفقتان بهذا النصّ خاصتان بـ“محكمة” بعدما جرى التقاطهما في قلم محكمة التمييز الجزائية، تؤكّد الجهد الكبير من المساعدين القضائيين في سبيل تسيير الأعمال على الرغم من عدم توافر مقوّمات العمل والصمود في العمل من كهرباء وقرطاسية وأوراق(هوامش وسواها) ممّا يحتاجه القاضي في عمله.
وبات الموظّفون يلجأون إلى هواتفهم الخليوية وهواتف المتقاضين والمحامين للإضاءة واستكمال العمل، فهل يتحرّك مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل لتأمين الكهرباء والمازوت والأوراق لكي تبقى العدليات والمحاكم على قيد الوجود بعيدًا عن أيّة سوداوية وتشاؤم، أم أنّ المطلوب هو السكوت والتفرّج، وهو أضعف الإيمان؟
“محكمة” – الأحد في 2021/11/14

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!