أبرز الأخبارعلم وخبر

“محكمة” تنشر كامل إخبار المودعين ضدّ رياض سلامة ومصارف:”الإفلاس الإحتيالي” واقع!

“محكمة” – خاص:
قدّم المحاميان الدكتور نبيل نجيم وسهى أحمد اسماعيل ورابطة حماية حقوق المودعين إخبارًا إلى النيابة العامة التمييزية ضدّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والمصارف العاملة على الأراضي اللبنانية: لبنان والمهجر، عودة، الإعتماد اللبناني، بيبلوس، الإعتماد الوطني، اللبناني السويسري، البحر المتوسّط، فرعون وشيحا، اللبناني للتجارة، انتركونتيننتال لبنان، فينيسيا، اللبناني الفرنسي، بيروت والبلاد العربية، فرنسبنك، الصناعة والعمل، فدرال لبنان، بيروت، الاعتماد المصرفي، الاعتماد المتحد، لبنان والخليج، السعودي اللبناني، سوسيته جنرال، عوده للخدمات الخاصة، البنك الأهلي الدولي، الموارد، بيت التمويل العربي، الشرق الأوسط وافريقيا، التجارة للشرق الأدنى، البركة لبنان، الإسلامي اللبناني، بيمو، الإمارات ولبنان، شمال افريقيا التجاري، المصرف التجاري السوري اللبناني، الرافدين ممثّلين برؤوساء مجالس الإدارة وكلّ من يظهره التحقيق فاعلًا أو شريكًا أو متدخّلًا أو محرّضًا بجرم الإفلاس الإحتيالي.
أولًا:الوقائع:منذ تسعينيات القرن الماضي وتحديدًا منذ العام 1992 اعتمدت المصارف سياسة جلب الودائع بفوائد شبه ربوية نسبة إلى ما هو متبع في المصارف عالميًا تناغمًا مع متطلّبات الإقتصاد، وذلك بحجّة إعادة الإعمار وإطلاق عجلة الإقتصاد إستنادًا إلى السياحة والخدمات، وبسبب بعض الظروف السياسية والفساد المستشري وعدم الكفاءة في إدارة الشأن العام، تحوّلت سياسة المصارف مباشرة أو غير مباشرة إلى اقتصاد ريعي قوامه جلب الأموال من المودعين لتقديمها قروضًا للدولة بفوائد ربوية عالية، خاصة بعد 2005 بعد أن تحوّلت الدولة إلى دولة مفلسة لا ميزانية لها ودون رؤية إقتصادية منتجة حيث بدأت المصارف باعتماد سياسة إقراض الدولة ودون الإكتراث إلى طاقة المستدين في تسديد المترتّبات المالية المتوجّبة بذمّته نتيجة القروض التي حصل عليها.
كما عمدت المصارف المستدعى ضدّها إلى استقدام الودائع بفوائد وازنة لتسليفها إلى الدولة بفوائد مرتفعة مباشرة (اوروبوندز) أو بطريقة غير مباشرة عن طريق إيداعها في البنك المركزي الذي قام بتقديم هذه الأموال قروضًا إلى الدولة.
ولقد ساهمت هذه الودائع جوهريًا بتمويل عجز الدولة المنهجي منذ الشروع بإعادة الإعمار في تسعينيات القرن الماضي ، كما بتأمين قسم من مصاريفها التشغيلية، علمًا بأنّ هذه الدولة لم تقم بأيّة مشاريع منتجة لا سيّما بعد العام 2005، سواء على صعيد ترشيد الإنفاق أو على صعيد مشاريع البنى التحتية المحفّزة للإنتاج.
طوال هذه الفترة كان يتمّ تمويل الدولة من المصارف وذلك من خلال الاستدانة بفوائد عالية نتج عنها أرباح طائلة تمّ توزيعها على مساهمي المصارف، بعد إعطاء الودائع فوائد وازنة خلافًا لما هو معتمد عالميًا، حيث بقيت بمعظمها قيودًا دفترية لدى المصارف.
كما تعمّدت المصارف السخاء في إعطاء القروض لقاء فوائد غير مألوفة لدولة عاجزة عن السداد كما تعمّد المسؤولون إدارتها بدون أيّة ميزانية منذ العام 2005 لغاية العام 2017، وذلك خلافًا للمواد 83 و84 و85 و86 من الدستور مكتفين باعتماد القاعدة الإثني عشرية وهي تدبير استثنائي ولشهر واحد في حال تأخّر البرلمان عن التصويت على الميزانية قبل نهاية السنة، وبميزانيات صورية دون قطع حساب للسنوات التي تلت.
وأيضًا وإمعانًا في سياسة المصارف الإحتيالية قامت الأخيرة بتقديم قروض للدولة سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عن طريق البنك المركزي، خلافًا لما هو معتمد عادة لناحية موجب الدائن المتمثّل بالتحقّق من توفّر مداخيل منتظمة كافية للسداد لدى المدين بصرف النظر عن ملاءته، فضلًا عن عدم التقّيد بتعميم البنك المركزي نفسه رقم 311 تاريخ 2012/12/20 الذي عيّن “كحدّ أقصى لمجموع “التسهيلات الممنوحة على أساس مجمع إلى مدين واحد أو إلى مجموعة مترابطة من المدينين لاستعمالها في لبنان والخارج بنسبة 20% من الأموال الخاصة المجمّعة للمصرف…” فضلًا عن مراعاة هذه الحدود في التسهيلات الأخرى.
بالرغم من التعميم رقم 311 المشار إليه أعلاه، بلغ معدّل ديون الدولة من الأموال الخاصة لكافة المصارف بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وبمبالغ وازنة عن طريق البنك المركزي حوالي 60 بالمئة وبلغت بالنسبة إلى البعض منها 85 بالمئة (24 مليار أوروبندز و44 مليار تمويل غير مباشر من الأموال المودعة لدى البنك المركزي).
وأيضًا وأيضًا وطمعًا بأرباح سهلة، تعمّدت المصارف بمثل هذه النسب إلى اعتماد مقترضًا أساسيًا بما يشبه MONOPSONE أيّ ما يعرف في التجارة بالمشتري الوحيد بدلًا من تنويع القروض وتوزيعها على القطاعات الصناعية والزراعية المنتجة، بما يسمح بخلق بيئة اقتصادية منتجة كفيلة باستيعاب تدفّق الودائع وتوظيفها بأقلّ مخاطر ممكنة.
كما عمدت المصارف بدلًا من اعتماد سياسة فوائد ترشد نحو القطاعات المنتجة إلى استجلاب الودائع باعتماد فوائد شبه ربوية لتوظيفها مباشرة أو بطريقة غير مباشرة عن طريق البنك المركزي في القطاع العام بما فيه تمويل استيراد النفط لمعامل الكهرباء ومواد أوّلية أخرى مع اعتماد سياسة دعم سعر ثابت للعملة الوطنية بالنسبة إلى الدولار، مع ما يترافق مع ذلك من هدر وفساد وهندسات مالية مدمّرة.
وفضلًا عن الفوائد العالية، لجأت المصارف من أجل استجلاب الودائع إلى العرض على زبائنها عدّة توظيفات مالية، منها: إصدار أسهم تفضيلية للإستثمار في المصرف مع فوائد عالية وأرباح مشوقة في القيمة المضافة، ممّا يوفّر للمصرف فرصًا إضافية مربحة في القطاع العام لدولة دون ميزانية ودون أيً استثمار مجدي.
إعتماد بعض المصارف على الإحتفاظ بحقّ حصري، ممّا يعتبر “شرط تقوية” “وهو باطل قانونًا، Potestative Provision – Clause potestative” بتسديد الودائع بمبالغ نقدية أو بسندات خزينة مفترض أنّها مضمونة باعتبارها سيادية دون تنبيه المودع إلى مخاطر تعرض هذه السندات إلى التدنّي في قيمتها إلى حدّ الإنهيار التام، بحيث قد لا يستردّ المودع إلاّ قسمًا زهيدًا من ودائعه إن لم يفقدها كلّيًا.
كلّ ما تقدّم يشير بوضوح إلى أنّ المصارف، بالتواطؤ مع البنك المركزي الذي أمعن انطلاقًا من الأموال المودعة لديه من المصارف وخلافًا للمادة 91 من قانون النقد والتسليف، بالتوظيف في قطاع عام سمته عدم التقيّد خلافًا للدستور (مادة 73 إلى 78 من الدستور) بأيّ موازنة، وذلك بعيدًا عن سياسة مصرفية سليمة وفق العمل المصرفي المعتمد، أيّ توظيفات متنوّعة في الإقتصاد المنتج درءًا للمخاطر.
كما أنّه وبسبب الظروف السياسية التي عصفت بالمنطقة والتراجع في أسعار النفط التي كان لها انعكاسات ملموسة على التحويلات بالدولار الأميركي من قبل العاملين في الخليج فضلًا عن العقوبات الأميركية التي طالت عددًا من المتموّلين في الخارج بحجّة التعامل مع منظّمات إرهابية أو بلدان تحت العقوبات، عمد البنك المركزي إلى ابتكار هندسات مالية أقلّ ما يقال فيها إنّها أدوات مالية نتج عنها أرباح دفترية كبيرة تمّ توزيعها من قبل البنك المركزي كأرباح على المصارف قبل تحويلها من قبل أصحاب المصارف وبعض كبار المساهمين النافذين إلى الخارج بعد استبدالها بدولارات حقيقية من الأموال الوافدة.
كما أنّه لا بدّ من الإشارة في هذا السياق إلى أنّ البنك المركزي باعتماده سياسة دعم ثابت بمعدل 1507 ل.ل. للدولار قد دولر فعليًا عملة التداول الوطني.
وبما أنّه ليس بمقدور البنك المركزي طبع الدولار بما يتناسب مع حركة إقتصادية بمعظمها ريعية وغير منتجة، فقد عمد هذا الأخير إلى سحب الدولارات من ودائع الناس في المصارف وفق ما يلي:
إغراء المصارف التجارية بفوائد شبه ربوية لسحب إيداعاتها بالدولار من المصارف المرسلة بالخارج وإيداعها لدى البنك المركزي من أجل إعطاء ديون للدولة.
إعتماد ما عرف بالهندسات المالية التي تولّى رسمها حاكم مصرف لبنان وهي وسائل مشكوك بشرعيتها، وذلك لتوفير تدفّقات مالية هي كناية عن: إستبدال البنك المركزي للسندات المالية التي يحملها بالليرة اللبنانية بسندات بالدولار تحت ذريعة أنّ الفائدة على سندات اليوروبوندز أقلّ من الفائدة على السندات المصدرة بالليرة اللبنانية، وبيع السندات المالية باليوروبوندز من المصارف لقاء أموالًا حقيقية من أموال المودعين بالدولار قبل أن يتمّ حسمها مجدّدًا بالليرة اللبنانية بفوائد عالية، ممّا سمح للمصارف جني أرباح كبيرة تمّ توزيعها على أصحاب المصارف من كبار المودعين قبل تحويل قسم كبير منها بالدولار وذلك من أموال المودعين إلى الخارج.
ولقد أشار صندوق النقد الدولي إلى عدم شرعية هذه القروض المسرفة بإغراء المودعين بفوائد ربوية وهذه الهندسات المعتبرة في الحالة اللبنانية، من حيث إنّ البلد لا ينتج شيئًا ويستورد كلّ شيء، قانونًا من باب
” PONZI SCHEME – CAVALERIE ”
هذا فضلًا عن عدم تقيّد حاكم مصرف لبنان بالمعايير والقواعد المحاسبية الدولية منها على سبيل الذكر لا الحصر: مبدأ الإستحقاق والفصل بين الدورات المالية حيث صرّح بتاريخ 2020/12/15 كدورة مالية واحدة عن خسائر ناتجة عن دعم وتثبيت لسعر الصرف بلغت 74،885 الف مليار ليرة لبنانية تحت بند أصول أخرى، بينما هذه الخسائر موزّعة على عدّة دورات مالية، ومبدأ القياس الكمي حيث يتمّ ترجمة الأحداث الإقتصادية بأرقام مطابقة للواقع، فتقييم الموجودات والإلتزامات الأجنبية مثلًا على أساس سعر صرف 1507 ليرة للدولار لا يتطابق مع سعر السوق،
القيام بأعمال متاجرة بأموال ليست موجودة إلاّ دفتريًا ومنها الهندسات المالية المنوّه عنها أعلاه، وتحميل نتائجها بالنهاية إلى المودعين.
لذلك تقع على عاتق مسؤولي البنك المركزي، مسؤولية تحصيل القروض التي سلّفت للدولة علمًا أنّ مصدر هذه القروض ودائع المدخرين التي أودعت لديهم من المصارف التجارية وذلك تحت طائلة إساءة الأمانة.
لقد نتج عن كلّ ما تقدّم من سياسات خاطئة لا بل إحتيالية، أنّ أموال المودعين أصبحت مجرّد قيود دفترية، وما استمرار عمل المصارف لتاريخه رغم توقّفها عن الدفع بأمر الواقع إلاّ إمعانًا بالإستمرار بنشاط هدّام
Poursuivre une Activite Ruineuse
ويتجلّى هذا النشاط الهدّام بالإستمرار بطبع العملة الورقية لتمويل نشاطات الدولة التشغيلية وتسديد سندات الخزينة بالليرة اللبنانية للمصارف بما يوفّر لهؤلاء سيولة ورقية تتدنّى قيمتها بالتوازي مع ارتفاع حجمها.
ومع شحّ تدفّق ودائع الإغتراب بسبب اندلاع انتفاضات ثورية في الجوار وخفض ملحوظ في سعر البترول مع ما له من تأثير على أوضاع المغتربين المالية، عمد مصرف لبنان إنطلاقًا من 2017 إلى سياسة شراء أو استبدال سندات مالية دون توفّر ما يوازي ذلك من أموال حقيقية فضلًا عن ما سمّي بالهندسات المالية التي أشرنا إليها أعلاه نتج عنها سحب أموال المودعين الحقيقية لتمويل عجز الدولة المستدام وتوفير أرباح دفترية كبيرة للمصارف التجارية تمّ تحويل قسم منها من احتياطي البنك المركزي بالعملة الصعبة الحقيقية والتي مصدرها أموال المودعين إلى الخارج لصالح أصحاب البنوك وكبار المودعين. ممّا يعني أنّ المصارف بتشجيع من البنك المركزي اعتمدت لجني أرباح، بدلًا من نشاط تجاري وفق ما هو متعارف عليه، وسائل غير مشروعة وذلك بتسليف دولة مفلسة لا بل بحالة عجز مستدام ودون ميزانية، ممّا أوقع هذه المصارف منذ 2017 بحالة توقّف عن الدفع.
وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ التحويلات إلى الخارج بفعل الهندسات المالية والفوائد شبه الربوية بصورة استنسابية بعد 17 تشرين الأوّل 2019 أيّ تاريخ إقفال المصارف بوجه المودعين قد قدّرت بحوالي 3 إلى 6 مليارات دولار، ومن 2017 حتّى التاريخ المذكور بحوالي 7 مليارات دولار ساهمت مباشرة بحالة التعثّر التي وصلت إليها المصارف المذكورة. هذه التحاويل عن تعمّد وفي ظروف شحّ مرتقب في السيولة تشكّل تفريطًا بحقوق المودعين وحالة من حالات سوء الأمانة فضلًا عن أنّها تكسبها صفة جرم استغلال المعلومات المميّزة.يضع على مسؤولية البنك موجب استرداد ما تمّ “Délit d’initié-Insider Trading” تحويله، كما يعطي جمعية المودعين حقّ مطالبة المصارف، تحت طائلة التعرّض للملاحقة الجزائية، باسترداد ما تمّ تحويله.
إنّ عدم الإحتفاظ بسيولة كافية من قبل المصارف من خلال القيام بتحويلات تفضيلية إلى الخارج وبصورة استنسابية خاصة أنّ مشاركتها بهندسات مالية متكرّرة منذ سنة 2016 ، مع جني أرباح دفترية طائلة خلافًا لما هو معتاد عليه في العمل المصرفي، تمّ توزيعها على مساهمي المصارف ومجالس إدارتها وتحويلها إلى الخارج كانت كفيلة بتنبيه المصارف المذكورة إلى شحّ وشيك في السيولة قد تقود إلى التوقّف عن الدفع، وهذا ما حصل.
عليه وتبعًا لما تقدّم، وجدت المصارف نفسها بتاريخ 17 تشرين الأوّل 2019 بسبب تهافت المودعين على سحب ودائعهم في حالة توقّف عن الدفع فعمدت إلى تقنين الودائع بصورة استنسابية خلافًا للمادة 701 موجبات وعقود التي نصّت على موجب ردّ الوديعة إلى المودع غبّ الطلب وذلك بحجّة شحّ السيولة والحفاظ على القطاع المصرفي، بينما لم تتأخّر عن إجراء تحويلات بصورة استنسابية لصالح أصحاب المصارف وأعضاء مجالس إدارتها فضلًا عن بعض كبار المودعين قدرت هذه التحويلات بحوالي 3 إلى 6 مليار دولار.
في القانون:
بما أنّه وعلى الرغم من أنّه يتوجّب على المصارف كهيئة مخوّلة بإعطاء القروض التأكّد من تمكّن المقترض من تسديد ما يستدينه من مداخيل منتظمة، فضلًا عن ملاءة كافية من ممتلكات منقولة وغير منقولة تعزّز هذه القدرة على التسديد وذلك للإحتفاظ بسيولة كافية لتلبية طلبات مودعيهم غبّ الطلب. فقد عمدت المصارف التجارية إلى توظيف أكثر من 60 بالمئة كما بلغت لدى بعض المصارف نسبة 85 بالمئة من أصولها في دولة مفلسة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عن طريق البنك المركزي.
وبما أنّه قد تمّ تمويل هذه التوظيفات من قبل المصارف في القطاع العام من أموال المودعين حتّى إذا ما انحسرت تدفّقات هذه الأموال وتقاعس المدينان أيّ البنك المركزي والدولة عن تسديد ما يتوجّب عليهما، أصبحت المصارف التجارية حكمًا في حالة توقّف عن الدفع.
وبما أنّه ومن ناحية أخرى قد أخلّ البنك المركزي بموجباته بالمحافظة على سياسة مالية ونظام مصرفي سليم، وذلك من خلال تمويل الدولة بذريعة الظروف الاستثنائية. مع الإشارة إلى أنّ الظروف الإستثنائية التي يحقّ فيها للبنك المركزي إدانة الدولة لم تتوفّر في حالتنا هذه إذ تحوّلت استدانة الدولة من البنك المذكور من استثنائية إلى مستدامة حتّى فاقت فجوة الدين التي على البنك المركزي تغطيتها تجاه المصارف الخمسين مليار دولار، ذلك أنّ إقراض الدولة من قبل البنك المركزي حصلت خلافًا للمهمّة التي حدّدها قانون النقد والتسليف والمحدّدة بما يلي:
أوكل قانون النقد والتسليف البنك المركزي بصورة أساسية وفق المواد 70 وما يليها حتّى 79 المحافظة على سياسة مالية سليمة “أيّ المحافظة على النقد لتأمين أساس نمو اقتصادي واجتماعي دائم …” وليس تأمين عجز الدولة واقراضها دون أيّة ضوابط خاصة إذا كانت الدولة المقترضة كالدولة اللبنانية دون ميزانية موافق عليها من المجلس النيابي مصدر السلطات في مخالفة صريحة للمواد 83 إلى 87 من الدستور ولأبسط القواعد الحسابية، وذلك طوال 12 سنة من 2005 إلى 2017 وبميزانيات صورية بعد 2017 بغياب قطع الحساب للسنين التي سبقت، وذلك بحجّة ظروف استثنائية قوامها المحاصصة بين المكوّنات السياسية لإدارة مرافق الدولة وترشيد الإنفاق العام.
وإذا كان يحقّ للبنك المركزي بطلب من وزير المالية بموجب المادتين 88 و89 من قانون النقد والتسليف منح الخزينة بصورة آنية أو دائمة “تسهيلات صندوق شرط أن لا تتعدّى قيمتها عشرة بالمئة من متوسّط واردات موازنة الدولة العادية في السنوات الثلاث الأخيرة المقطوعة حساباتها ولا يمكن أن تتجاوز مدّة هذه التسهيلات الأربعة أشهر.
باستثناء تسهيلات الصندوق غير المتوفّرة الشروط في قضية الخزينة اللبنانية بسبب انعدام ميزانية سنوية يقاس عليها منذ سنة 2005 حتّى 2017 ، نصّت المادة 90 من قانون النقد والتسليف ” أن لا يمنح المصرف المركزي قروضًا للقطاع العام”.
إلاّ أنّ المادة 91 أجازت للبنك المركزي في ظروف استثنائية منح الخزينة قروضًا شرط التأكّد من عدم وجود أيّة موارد أخرى بديلة كتوفير في النفقات أو إيجاد ضرائب جديدة.
وبما أنّه في حالتنا هذه من غير المعقول من ناحية أولى أن تمتد الظروف الإستثنائية فترة 12 سنة دون انقطاع، ومن ناحية أخرى أن تبقى دولة دون ميزانية سنوية طوال نفس المدّة، ممّا يحول دون التأكّد من وجود موارد بديلة لقروض الخزينة غير تلك المتوفّرة عن طريق البنك المركزي وفق ما نصّت عليه المادة 91 أعلاه.
وحيث إنّه وبعدم توافر الشروط المنصوص عنها في المادة 91 حتّى 92 من قانون النقد والتسليف بشكل تراكمي، يصبح إقراض الدولة من البنك المركزي مفتقر إلى أيّ أساس قانوني، خاصة وأنّ هذا الإقراض تمّ بطريقة غير مباشرة من ودائع المدخّرين المودعة من قبل المصارف التجارية لدى البنك المركزي.
وحيث إنّه وبعد اندلاع ثورة 17 تشرين الأوّل 2019 وإقفال المصارف لأبوابها بوجه المودعين ، كما امتناعها عن تسليمهم الودائع إلى أصحابها أو تمكينهم من التصرّف بها حيث قامت باعتماد الإستنسابية في التعامل مع الدائنين، أصبحت المصارف في حالة توقّف عن الدفع منذ هذا التاريخ ذلك أنّ المصارف أخلّت بموجباتها التعاقدية تجاه المودعين إن من حيث:
• تقديم قروض للدولة لتمويل عجزها السنوي دون ميزانية تبرّر هذا العجز وهدرها للمال العام المقترض لتأمين مصاريفها التشغيلية دون أيّة انجازات ملموسة على صعيد البنى التحتية (كهرباء، ماء، طرق مواصلات ونقل مشترك).
• عدم الإحتفاظ بسيولة كافية بتحويلات تفضيلية إلى الخارج وبصورة استنسابية خاصة أنّ مشاركتها بهندسات مالية متكرّرة منذ سنة 2016 مع جني أرباح طائلة تمّ توزيعها على مساهمي المصارف ومجالس إداراتها وتحويلها إلى الخارج كانت كفيلة بتنبيه المصارف المذكورة إلى شحّ وشيك في السيولة قد تقود إلى التوقّف عن الدفع، وهذا ما حصل.
وحيث إنّ المصارف قد عمدت إلى حجز الودائع ابتداء من تاريخ 2020/10/17 خلافًا لما نصّت عليه المادة 701 موجبات وعقود، كما منعت المودع من حقّ التصرّف بها حتّى في الموعد المضروب لردّها عملًا بالمادة 307 من قانون التجارة.
وبما أنّه وبمقابل ذلك، لم تمتنع المصارف عن إجراء تحويلات استنسابية وغبّ الطلب لصالح أصحاب المصارف من المساهمين ومدراء المصارف الكبار والمودعين الكبار، قدّرت من 3 إلى 10 مليارات دولار أميركي بصورة استنسابية بين المودعين، ممّا يعتبر خرقًا واضحًا لسياسة تجميد الودائع الذي قرّرته بحكم الواقع.
وحيث إنّ سياسة هذه المصارف في اعتماد الإستنسابية في التحاويل قبل تاريخ 2019/10/17، ممّا عرّض البعض منها إلى إجراءات قضائية من قبل مودعين مزدوجي الجنسية أمام المحاكم في الخارج.
على سبيل المثال الدعوى المقامة في نيويورك من قبل الزوجين ضو بوجه كلّ من البنك اللبناني للتجارة وبنك الإعتماد اللبناني وبنك الموارد بحيث بعد الممانعة والمماطلة بالإستجابة إلى طلب تحويل أموال الوديعة المقدّمة من المودعين منذ 20 أيلول 2019 أيّ قبل اندلاع الإنتفاضة في الشارع، أصدرت المصارف المعنية شيكات بالدولار على البنك المركزي لم يتمكّن المودعان من قبض قيمتها بسبب تمنّع البنك المركزي، ممّا حدا بالأخيرين الإدعاء على البنوك المذكورة والبنك المركزي مطالبين بعطل وضرر فاق قيمة الوديعة (18،500،000 دولار مع فائدة 9،5 بالمئة) بحيث بلغ 150،000،000 دولار.
وهذا الأمر يخشى منه أن يأخذ مودعون آخرون في الخارج نفس الإجراءات ممّا يعرّض أصول المصارف في الخارج لدى المصارف المرسلة فضلًا عن احتياطي ذهب البنك المركزي في أميركا إلى خطر الحجز والتنفيذ.
وحيث إنّ كامل القطاع المصرفي دون استثناء عمد عند مطالبة أحد المودعين مصرفًا ما باسترداد وديعة بالدولار بلغ أجلها إلى إقفال حساب المودع من قبل المصرف المعني وإلى إصدار شيك بقيمة الوديعة مسحوبًا على البنك المركزي مع علمه المسبق بعدم دفعه من قبل هذا الأخير، ممّا يجعل من التوقّف عن الدفع محقّقًا وفق الفقرة 3 من المادة 2 من القانون رقم 67/2 الصادر في 1967/1/16.
وحيث إنّه وأمام إخلال المصارف بموجب معاملة كافة المودعين بالمثل والمحافظة على ملاءة كافية لتلبية طلبات جميع المودعين دون استثناء عند الطلب، الأمر الذي يجعل من القطاع المصرفي بكامله الذي تصرّف على هذا النحو دون استثناء في حالة توقّف عن الدفع عملًا بأحكام المادة 489 من قانون التجارة التي نصّت:” …يعتبر في حالة الإفلاس كلّ تاجر ينقطع عن دفع ديونه التجارية، وكلّ تاجر لا يدعم الثقة المالية به إلاّ بوسائل يظهر بجلاء أنّها غير مشروعة”.
وحيث إنّ الققرة 3 من المادة 690 قانون العقوبات التي اعتبرت مفلسًا مقصّرًا كلّ تاجر متوقّف عن الدفع “إذا أقدم بعد التوقّف عن الدفع على إيفاء دائن إضرارًا بكتلة الدائنين”.
وحيث إنّ المصارف قد ساهمت عمليًا في توفير الظروف لهذا التوقّف عن الدفع لعدم تقيّدها بضرورة توزيع المخاطر عن طريق تنويع القروض الذي حصرته بالقطاع العام بالإكتتاب مباشرة بسندات خزينة، أو غير مباشرة عن طريق إيداع مدخّرات المودعين لدى البنك المركزي، مع علمها المسبق أنّ المدين النهائي هي دولة مفلسة لا ميزانية لها من 2005 إلى 2017 خلافًا للمواد 73 إلى 87 من الدستور، وبميزانات صورية بعد هذا التاريخ، فضلًا عن لجوء البنك المركزي لخلق سيولة مالية مصطنعة كاعتماد سياسة فوائد شبه ربوية وشراء سندات خزينة بالعملة الأجنبية دون توفّر سيولة كافية لتغطيتها إنتهاء بما سمّي بالهندسات المالية، وكلّها “وسائل يظهر بجلاء أنّها غير مشروعة” وفق ما نصّت عليه المادة 489 من قانون التجارة.
وحيث إنّه لا بدّ من اعتبار المصارف التجارية التي قامت بتقديم تسهيلات تجارية للدولة وتقديم لها قروض في هكذا وضع من الإنحلال والهدر وسوء الإدارة وافتقاد لميزانية مؤيّدة لمحاسبة عامة ذات مصداقية، مشاركة في جرم الإفلاس الإحتيالي الذي نتج عنه هدر ما أوكل إليها من أموال، من أجل حماية أموال أصحابها وبعض المودعين الكبار على حساب عامة المودعين.
وحيث إنّ المادة 689 من قانون العقوبات نصّت على أنّه يعتبر مفلسًا محتالًا كلّ تاجر مفلس أخفى دفاتره أو اختلس أو بدّد قسمًا من ماله أو اعترف مواضعة بديون غير متوجّبة عليه سواء في دفاتر أو صكوك رسمية أو عادية أو بموازنته”.
وحيث إنّ الققرة 3 من المادة 690 قانون العقوبات التي اعتبرت مفلسًا مقصّرًا كلّ تاجر متوقّف عن الدفع “إذا أقدم بعد التوقّف عن الدفع على إيفاء دائن إضرارًا بكتلة الدائنين”.
كما نصّت المادتان 699 و 700 من قانون العقوبات على ما يلي:”الذي يقوم بقصد إضاعة حقوق الدائنين …” وأيضًا عن مسؤولية الشركة إذا ارتكبت الجريمة باسم الشركة أو لحسابها …
وحيث إنّ المادة 489 من قانون التجارة “اعتبرت في حالة إفلاس كلّ تاجر ينقطع عن دفع ديونه التجارية”.
وحيث إنّ الإنقطاع عن الدفع في مدلوله العام هو واقعة عدم وفاء التاجر بأحد ديونه التجارية، وسواء أن يكون مرجع الإنقطاع عن الوفاء هو العجز عنه أو عدم الرغبة فيه.
وحيث إنّ صفة المستدعى ضدّهم التجارية ثابتة بكونهم شركات أموال تتعاطى الأعمال المصرفية والتي تعتبر أعمال تجارية.
وحيث من الثابت أيضًا أنّ المستدعى ضدّهم قد توقّفوا بتاريخ 2019/10/17 عن دفع الديون التجارية المتوجّبة بذمّتهم حيث أقدموا منذ تاريخ 17 تشرين الأوّل2019 إلى حجز الودائع بحجّة شحّ السيولة والحفاظ على القطاع المصرفي، بينما لم تتأخّر عن إجراء تحويلات بصورة استنسابية لصالح أصحاب المصارف وأعضاء مجالس إدارتها فضلًا عن بعض كبار المودعين حيث قدّرت هذه التحويلات بحوالي 3 إلى 6 مليار دولار.
وحيث إنّ عناصر وشروط الجناية المنصوص عليها في المادة 689 وما يليها من عقوبات المسندة إلى المستدعى ضدّهم تنطبق على أفعال المستدعى ضدّهم بصفتهم المعنوية، معطوفة على المادة 210 من قانون العقوبات التي تتضمّن ما حرفيته “أنّ الهيئات المعنوية مسؤولة جزائيًا عن أعمال مديريها وأعضاء إدارتها وممثّليها وعمّالها، عندما يأتون هذه الأعمال باسم الهيئات المذكورة أو بإحدى وسائلها، ولا يمكن الحكم عليها إلّا بالغرامة والمصادرة ونشر الحكم”.
حيث إنّ المستدعى ضدّهم وبالإستناد إلى الوقائع التي تمّ سردها أعلاه قد ألحقوا ضررًا كبيرًا بأموال المودعين الأمر الذي يشكّل جرمًا معاقبًا عليه في مواد قانون العقوبات.
لـذلك، فإنّ مقدّمي الإخبار وسندًا للماتدين 25و26 من قانون أصول محاكمات جزائية نخبر نيابتكم العامة الموقّرة عن الأفعال التي أقدم المستدعى ضدّهم على ارتكابها والتي تؤلّف عناصر جرم الإفلاس الإحتيالي، والمعاقب عليها في المواد 689 وما يليها من قانون العقوبات، طالبين من نيابتكم الموقّرة في حال ارتأت توافر عناصر الجرائم المشار إليهما أعلاه التفضّل باتخاذ القرار بإحالة إخبارنا أمام المرجع المختص ليصار إلى:
1- الإدعاء عليهم بجرم المواد المذكورة أعلاه والتحقيق معهم وتوقيفهم وإحالتهم إلى المرجع القضائي المختص لمحاكمتهم.
2- إحالة ملفّ كامل المصارف المتعثّرة على المحكمة المصرفية الخاصة لتعيين مدير مؤقّت لكلّ مصرف وإصدار قرار بتحديد التوقّف عن الدفع مؤقّتًا بتاريخ 17 تشرين الأوّل2019.
3- إعتبار الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة للأشخاص الطبيعيين أعضاء مجلس الإدارة وسائر الأشخاص الذين لهم حقّ التوقيع فيه ومراقبي حساباته وكلّ الأشخاص الوارد ذكرهم في المادة 13 من القانون 67/6 والمادة 1/6 من القانون 110/91 خلال 18 شهرًا السابقة تاريخ إعلان التوقّف عن الدفع محجوزًا حجزًا إحتياطيًا وفق ما نصّت عليه المواد القانونية المذكورة.
4- إتخاذ كافة الإجراءات القانونية بحقّ الأشخاص المذكورين وفق ما نصّت عليه المواد 14 و15 من القانون 67/6.
5- إسترداد الأموال التي تمّ تحويلها إلى الخارج بعد 17 تشرين الأوّل2019 والمشبوهة منها خلال فترة 18 شهرًا التي سبقت هذا التاريخ، تحت طائلة الملاحقة الجزائية بموجب المواد 690 فقرة 3 و699 و700 من قانون العقوبات.
“محكمة” – الثلاثاء في 2021/2/16

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!