مقالات

هل هذه الأمنيات قابلة للتحقّق في لبنان؟/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
هل يحتاج لبنان إلى قلب الطاولة على رؤوس المتسلّطين عليه الذين أمعنوا في الفساد والإفساد ونهب المال العام والخاص؟
لنبدأ بتعداد بعض أسباب ذلك:
– الطائفية بل المذهبية البغيضة التي نحرت لبنان وأغرقته في الويلات والتفرقة والإنقسام والحروب.
– سرقة المال العام عن طريق الإعتمادات والإلتزامات سواء التي تمّ تنفيذها أو التي بقيت حبراً على ورق، وسرقت أموالها بحجّة نفاذ الأموال على الدراسات أو تلك التي تمّ تنفيذها بمواصفات متدنّية كالزفت على الطرقات الذي يزول بأوّل “شتوة”.
– الوظائف الوهمية والمؤسّسات العامة التي لا عمل لها سوى قبض الأموال دون مبرّر في كافة المرافق الإقتصادية والنقدية والأمنية والإدارية.
– المؤسّسات العامة كهيئة البترول ومكتب الحبوب والشمندر السكّري، والشركات المملوكة من الدولة مثل كازينو لبنان وشركة الميدل ايست وشركة انترا وبنك التمويل…وما أدراكم بحقيقة الزبائنية وهدر المال العام فيها وتهريبه للمصالح الخاصة وللمتسلّطين؟
– الأملاك البحرية من أقصى الجنوب وحتّى أقصى الشمال حيث لا يحقّ للمواطن أن يسير على هذا الشاطئ الذي احتله المتسلّطون وأزلامهم منذ زمن بعيد، وذلك علناً ودون أيّ خوف من ملاحقة، وتمّ ذرّ الرماد في عيون الناس عن طريق مسرحية ما يسمّى تسويات الأملاك البحرية.
– أملاك الدولة والبلديات والمشاعات في المناطق كافة بما فيها الأملاك النهرية والمحميات التي وضعت اليد عليها وتمّ استثمارها من قبل المتسلّطين وأزلامهم سواء عن طريق تسجيلها على أسمائهم بقيود مزوّرة أو متلاعب بها، أو تمّ استثمارها في أكل الجبال والسهول والوديان ككسّارات ومرامل.
– خلق وظائف وهمية في مؤسّسات الدولة ومرافقها كافة لحشو الأزلام فيها بدءاً من مصرف لبنان مروراً بأوجيرو والإتصالات والكازينو وشركة الطيران والمجالس والصناديق حيث رواتب بعض المحظيين يتعدّى رواتب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس المجلس النيابي منفردة أو مجتمعة بأشواط ناهيك عن رواتب من يسمّى ممثّل الشعب، فكيف يقبل هؤلاء بذلك إنْ لم يكن هناك ما هو مخفي ومستور عن أعين الناس؟
– التراخي والإهمال الوظيفي المتفشّي في كافة المجالات دون استثناء، إذ لا تجد من يقوم بعمله بشكل صحيح وبضمير حيّ، أو يخطّط لما هو أبعد من روتينه اليومي والأمثلة على ذلك متعدّدة وآخرها انفجار المرفأ (هذا إذا لم يكن سبب ذلك عمل حربي أو إرهابي).
– عدم القدرة على اتخاذ قرار وتنفيذه بالسرعة والفاعلية اللازمة، من جهة بسبب البيروقراطية القاتلة ومن جهة ثانية بسبب المحاصصة السياسية والإدارية وتوزّع مركز القرار بين المجالس ومراكز قد تكون متناحرة ومتنافسة في ما بينها.
– عدم المراقبة والمحاسبة إذ لا رادع للمتواضعين والفاسدين والمتسلّطين بسبب الحمايات والمشاركة في نهب المال.
كلّ هذه الأسباب وغيرها، ألا تشكّل الحافز لقلب الطاولة على رؤوس المتسلّطين وأزلامهم وحتّى على رؤوس الجميع؟
بلى لقد حان الوقت لذلك،
ولكن هل يوجد من يقوم بذلك؟
هل يوجد من يلاحق ويحاسب سارقي ومصادري المال العام ويستردّ هذه الأموال.
هل يوجد من يعاقب الفاسد مهما كان ويضعه في السجن؟
هل يوجد من يستردّ الأملاك المنهوبة ويستردّ ثمارها التي تنعم بها محتلوها؟
هي يوجد من يعيد للناس حقوقها ويثلج صدرها برؤية المجرمين في السجون؟
أسئلة تحرقني ولا أجد لها جواباً.
أتمنّى بعد كتابة ما تقدّم أن نجد بيننا لبنانياً يقول ما قاله مرّة الحجّاج بن يوسف (أرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها وإنّي لقاطفها)، أو أن نجد مثل أحد المسؤولين في بلاد شقيقة لنا أو في بلاد العالم أو أيّ حاكم منفرد يقوم بالبطش بهؤلاء المتسلّطين وأزلامهم ويعيد المال المنهوب منهم ويضعهم في غياهب السجون.
فهل مثل هذه الأمنيات قابلة للتحقّق في لبنان؟
“محكمة” – الثلاثاء في 2020/8/18

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!