أبرز الأخبارمضبطة حوار

الوزير رمزي جريج لـ”محكمة”: توجد محاصصة في القضاء وينبغي تقليص صلاحيات “العسكرية”

حاوره علي الموسوي:
بهدوء تام، وكلام موزون، ومنطق منفتح على الجميع، وبعيد عن سياسة الإلغاء والطائفية، يجيب وزير الإعلام النقيب رمزي جريج على أسئلة “محكمة” عن العجز السياسي المستفحل في الدولة، وفوضى السبق الصحفي المستشرسة في الإعلام وتحديداً المرئي منه، والقضاء الغارق في الثغرات التشريعية والمحاصصة أيضاً، ونقابة المحامين الأحبّ إلى قلبه وعقله ومسيرته الحقوقية بعد تخرّجه في الأساس، من تحت يدي والده القاضي الراحل خليل جريج، وإعجابه بالإمام علي بن أبي طالب(ع) و”نهج بلاغته” المفعمة بالحكمة.
يرى الوزير جريج أنّ انتخاب رئيس للجمهورية يعيد البلاد والمؤسّسات إلى عملها المنتظم، ويأمل بأن تتجدّد الحياة السياسية وأن يأتي شباب إلى المجلس النيابي عن طريق انتخابات نيابية، داعياً إلى وجوب ممارسة “الحرّيّة الإعلامية تحت سقف القانون، وإلى أن يمارس الإعلام دوره كإعلام من أجل تغطية دقيقة وصحيحة، والتعليق عليها برصانة وموضوعية”.
وفي الشقّ القضائي ينبّه نقيب المحامين السابق جريج إلى أنّ “القضاء يسير ببطء”، وإلى وجود محاصصة فيه، ويقول كلمته في مسألة صلاحيات المحاكم الاستثنائية وتحديداً المحكمة العسكرية، ويقول بضرورة تقليص هذه الصلاحيات إلى أقصى حدّ، معرباً عن اعتقاده بأنّ إيجاد تشريعٍ يجعل قرار مجلس القضاء الأعلى بشأن التشكيلات القضائية نافذاً ينأى بالقضاء عن الضغوط السياسية.
ومع أنّ جريج يتولّى سدّة وزارة الإعلام للمرّة الأولى في تاريخه السياسي المنبثق أساساً عن مراسه في المحاماة التي تعطي السياسة اللبنانية أكثر ممّا تأخذ منها، ومع أنّ الحرّيّة الإعلامية في لبنان مكرّسة في الدستور، إلاّ أنّه يقول بصوت عال إنّه” توجد حرّيّة في ممارسة مهنة المحاماة، وفي تولّي رئاسة نقابة المحامين لا يوازيها أيّ منصب في الدولة”.
وهنا تفاصيل الحوار:
• إنتفخت الدولة من كثرة التعطيل والفراغ، فالرئاسة الأولى شاغرة، ومجلس النوّاب معطّل بعد تمديد قسري، ومجلس الوزراء شبه متقاعد، والعجز المالي متفاقم، وإدارة الدولة تتمّ بالمراسلات وفقاقيع الحوارات، فهل هناك علاج لهذا الداء وتحقيق انعكاساته السلبية على الوطن والمواطن في آن معاً؟.
– أعتقد أنّ أولوية الأولويات هي انتخاب رئيس جمهورية، فالشغور الرئاسي ألقى بظلاله على عمل كلّ المؤسّسات الدستورية، والحكومة لم تعمل بصورة طبيعية منذ الشغور الرئاسي، ونتج ذلك عن مقاطعة فريق من الوزراء، وعن تعطيل مجلس الوزراء، كما أنّ المجلس النيابي لم يتمكّن من التشريع باعتبار أنّه في ظلّ الشغور الرئاسي يصبح هيئة ناخبة وفقاً للدستور، وعليه أن يشرع بانتخاب رئيس للجمهورية قبل أيّ عمل آخر.
فإذن، إذا أردنا أن تعود البلاد والمؤسّسات إلى عمل منتظم، فلا بدّ من البدء بانتخاب رئيس جمهورية، وبعد ذلك تعتبر الحكومة مستقيلة، ويصار إلى إجراء إستشارات نيابية ملزمة، وتؤلّف حكومة جديدة، ويجب أن يكون الهمّ الأوّل لهذه الحكومة هو وضع مشروع قانون انتخابات نيابية جديد يقرّ في المجلس النيابي، وتجري الانتخابات على أساسه، ولا يجوز التمديد، بل ينبغي إحترام المهل الدستورية سواء عند انتخاب رئيس جمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق، ولا يجوز تمديد ولاية المجلس النيابي، لأنّه من أساس الديموقراطية تداول السلطة في المواعيد المحدّدة لذلك.
وبعد إجراء إنتخابات نيابية تنبثق سلطة جديدة، ونأمل أن تؤدّي الانتخابات النيابية إلى تجديد الطاقم السياسي، وأن يأتي شباب إلى المجلس النيابي، وأن تتجدّد الحياة السياسية، وعلى هذا الأساس يسير لبنان نحو التقدّم والإستقرار السياسي.
وكلّ شيء ممكن بعد انبثاق تلك السلطة بحيث يمكن بحث بعض التعديلات على النظام، وكذلك يمكن تطبيق ما لم يطبّق من “إتفاق الطائف” كإنشاء مجلس للشيوخ تمهيداً لإلغاء الطائفية السياسية في المجلس النيابي.
لإعلام يقظ يتوخّى المصلحة العامة
• الإعلام اللبناني صاخبٌ بالحياة إلى حدّ الإرهاق والتفلّت من المصداقية وتغليب السبق الصحفي على راحة البلد والناس، كيف ترى واقع الإعلام اليوم؟.
– هذا الكلام صحيح، ففي أكثر من محطّة، تجاوز الإعلام الحدود المألوفة، ومنها مثلاً عند نقل أخبار الحراك المدني، فلم يترك مسافة بينه وبين هذا الحراك، وأنا اعتبر أنّ الحراك المدني كان يتقدّم بطلبات مشروعة، وحقّ التظاهر حقّ مشروع، ولكنّ التغطية الإعلامية لهذا الحراك كان مبالغاً فيها سواء لناحية المضمون، أو لناحية المدى الزمني واستمرار التغطية الإعلامية طوال النهار، من دون أن يترك المراسلون الإعلاميون مسافة بينهم وبين الحراك لينقلوا الخبر الصحيح، ويعلّقوا عليه بموضوعية، ويقوموا بدورهم كإعلاميين، بل اعتبروا أنفسهم في الكثير من الأحيان، جزءاً من هذا الحراك، بينما في الواقع، ينبغي على الإعلام أن يمارس دوره كإعلام من أجل تغطية دقيقة وصحيحة، والتعليق عليها برصانة وموضوعية.
كذلك الأمر عندما كان الإعلام ينقل صور ومشاهد الجنود المخطوفين، فقد كان هنالك تجاوز، لأنّهم كانوا يصوّرون الجنود المخطوفين، وكأنّ الدولة هي الخاطفة لا الجهة الإرهابية التكفيرية.
كما أنّ الأمر تكرّر في التفجيرين الإرهابيين اللذين وقعا في منطقة برج البراجنة، فقد نقل الإعلام مشاهد مثيرة للجرحى والضحايا، وكان من الأفضل ألاّ تظهر على الشاشات، في حين أنّه عندما حدثت أحداث مماثلة في فرنسا، فإنّنا لم نرَ جثّة أيّ واحد من الضحايا، لذلك فإنّه يتوجّب على الإعلام أن يكون يقظاً، وأن يتوخّى المصلحة العامة، لا الإثارة والسبق الصحفي.
وأودّ أن أقول هنا، أنّ وزارة الإعلام هي وزارة مشرفة مبدئياً على الإعلام العام والإعلام الخاص، والأوّل يتمثّل بـ”تلفزيون لبنان”، و”الإذاعة اللبنانية”، و”الوكالة الوطنية للإعلام”، و”مركز الدراسات والنشر” في وزارة الإعلام، كما أنّ الحرّيّة الإعلامية في لبنان مكرّسة في الدستور، وأنا حريص على الحرّيّة الإعلامية، وكلّ مسيرتي المهنية سواء كمحام، أو كنقيب للمحامين في بيروت، كانت متّجهة نحو الدفاع عن الحرّيّات العامة، وفي طليعتها الحرّيّة الإعلامية، ولكنّ الحرّيّة الإعلامية لا تتناقض مع وجوب احترام القانون، فالحرّيّة الإعلامية يجب أن تمارس تحت سقف القانون الذي يحفظ للناس كرامتهم وحقوقهم، وهذه الحرّيّة المسؤولة حرصت شخصياً على أن يتمّ الأخذ بها عن طريق الحوار المتواصل بين وزارة الإعلام ووسائل الإعلام، وأكثر من مرّة دعوت وسائل الإعلام للإجتماع بي من أجل إبداء بعض الملاحظات عن الأداء الإعلامي لجهة وجوب توخّي الدقّة في الخبر، والموضوعية والرصانة في التعليق على الخبر، وكنت ألاقي في الكثير من الأحيان، التجاوب المطلوب، وفي بعض الأحيان لم يكن صوتي مسموعاً بالقدر الذي كنت أبتغيه.
المحافظة على القيم
• كيف يمكن وضع مصلحة الدولة العليا في ميزان الإعلام اللبناني، بمعنى هل الإعلام اللبناني، وتحديداً وسائل الإعلام المرئية، يفكّر بمصلحة الدولة العليا في ظلّ خروجه المستمرّ عن مسار الضوابط الإعلامية المنطقية والنظام العام؟.
– ينبغي أن يقيم الإعلام توازناً دقيقاً بين الحرية في الممارسة المهنية، وبين مقتضيات المصلحة الوطنية العليا، ويقتضي عدم إثارة الغرائز، وعدم تعريض السلم الأهلي للخطر، اذهناك قيم لا بدّ من المحافظة عليها خلال الممارسة الإعلامية من قبل وسائل الإعلام.
تشريعات ضرورية لتكريس استقلالية القضاء
• إذا أوكل إليك أمر إجراء إصلاحات إدارية في الدولة ومرافقها، فماذا تفعل؟ وهل تعتقد أنّك تنجح، أو يسمح لك بالنجاح؟.
– إنّ أهمّ إصلاح هو تثبيت استقلالية القضاء، ومن هنا نبدأ، فالقضاء هو الضامن للحرّيّات والحقوق، وهو المرجع الذي يعطي كلّ ذي حقّ حقّه. ومن أجل إصلاح القضاء، لا بدّ من توافر إرادة سياسية من أجل وضع التشريعات الضرورية لتكريس استقلالية القضاء. ومن هذه التشريعات أن تناط بمجلس القضاء الأعلى مسألة إجراء التشكيلات القضائية دون حاجة إلى مرسوم، ففي الوضع الحالي، إذا كان هنالك خلاف بين وزير العدل ومجلس القضاء الأعلى، ففي النتيجة، الكلمة الأخيرة هي لمجلس القضاء ولكنّ ذلك يحتاج إلى مرسوم يكرّس التشكيلات التي يصرّ عليها مجلس القضاء الأعلى، وإصدار هذا المرسوم يعود للسلطة التنفيذية، لذلك يجب أن نضع تشريعاً يجعل من قرار مجلس القضاء الأعلى نافذاً دون حاجة إلى استصدار أيّ مرسوم، أو إجراء آخر، وبهذا التدبير التشريعي ننأى بالقضاء عن الضغوط السياسية.
كما أنّه يجب تنمية روح الاستقلالية والعزّة والكرامة لدى القضاة منذ انتسابهم إلى معهد الدروس القضائية.
إذن، الإصلاح القضائي وتكريس استقلالية القضاء هما بداية الإصلاح.كذلك يجب محاربة الفساد، وتفعيل أجهزة الرقابة الإدارية، وأجهزة المحاسبة القضائية، لأنّ جميع المواطنين يشعرون بأنّ الفساد معشعش في الإدارات، وكذلك في السياسة؛ لذلك لا بدّ من أن نعتمد مبدأ المساءلة، ومبدأ الثواب والعقاب، على مختلف الأصعدة.
وهناك أشياء كثيرة يمكن إصلاحها، ولكنْ في الظروف الحاضرة، وفي ظروف التعطيل، وفي ظلّ الشغور الرئاسي، ليس من الممكن إجراء إصلاحات جذرية، بل يجب أن تعود المؤسّسات الدستورية إلى عملها الطبيعي؛ فبعد انتخاب رئيس للجمهورية، وتأليف حكومة جديدة، يمكن البدء بورشة الإصلاح التي يجب أن تتناول كلّ نواحي الحياة الإقتصادية والإجتماعية والإدارية وخلاف ذلك.
المرفق القضائي تنقصه بعض الإصلاحات
• هل أنت راض عن العمل القضائي اليوم؟
– هناك قضاة ممتازون ويضاهون أكبر القضاة في الدول المتقدّمة، ولكنّ المرفق القضائي كمرفق عام، تنقصه بعض الإصلاحات. فالقضاء يسير ببطء، والتشكيلات القضائية تتأخّر، وهناك محاصصة أيضاً في القضاء كما في سائر الإدارات العامة، وأنا أثق بأنّ مجلس القضاء الأعلى إذا تولّى شؤون القضاء باستقلالية تامة، فإنّ بإمكانه أن يقوم بخطوات نحو الإصلاح القضائي المرجو.
تقليص صلاحيات المحكمة العسكرية
• كيف تقرأ سيرة الأحكام التي تصدر عن المحكمة العسكرية؟
– بالنسبة إليّ المحكمة العسكرية هي محكمة استثنائية ليس لها من مبرّر، وخاصة أنّ صلاحياتها واسعة جدّاً، وينبغي التفكير بتقليص صلاحياتها إلى أقصى حدّ كي لا تنظر إلاّ بالقضايا المتعلّقة بالعسكريين، ودائماً المحاكم الاستثنائية هي خروج عن القاعدة العادية، وينبغي إعطاء القضاء العدلي الصلاحيات المعطاة للمحكمة العسكرية بالنسبة للكثير من الجرائم التي تنظر فيها المحكمة العسكرية.
تحمّل المسؤولية بشأن التشكيلات القضائية
• ما هو رأيك في ترجيح الانتدابات على التشكيلات في القضاء، وقد مرّت خمس سنوات ونيّف على آخر تشكيلات شاملة صدرت في نهاية العام 2010؟.
– هذا أمر غير طبيعي، وناتج عن العجز الحكومي بسبب الانقسامات الموجودة، وعن عدم تحمّل المسؤولية من قبل الذين يجب أن يقوموا بهذه التشكيلات الشاملة التي تؤمّن إستمرارية سير المرفق القضائي.
غرامات رادعة لمحكمة المطبوعات
• ما هو تقييمك للأحكام الصادرة عن محكمة المطبوعات؟.
– تابعت بعض الأحكام حيث لاحظت أنّ محكمة المطبوعات تقوم بفرض الغرامة عندما تجد أنّ جرائم المطبوعات من قدح، وذمّ، وتشهير، وتحقير، متحقّقة، وتقوم بواجبها وتفرض غرامات، وربّما يجب أن تكون هذه الغرامات رادعة أكثر.
نقابة المحامين مدرسة
• بين نقابة المحامين ووزارة الإعلام، أيّهما الأحبّ إليك والأقرب إليك؟ وأين وجدت نفسك أكثر؟.
– أنا سعيد بأن أتولّى وزارة الإعلام، لأنّه مجال جديد للعمل، ولكنْ بطبيعة الحال، نقابة المحامين هي الأقرب إلى قلبي، فأنا انتخبت نقيباً للمحامين من قبل هيئة عامة بأكثرية كبيرة، وهذه ثقة، بينما في الوزارة عيّنت وزيراً، وآمل أن أقوم بواجبي، وتبقى نقابة المحامين المدرسة التي تدرّجت فيها على الحرص على الحرّيّات واحترام حقوق الإنسان؛ وتوجد حرّيّة في ممارسة مهنة المحاماة، وفي تولّي رئاسة نقابة المحامين لا يوازيها أيّ منصب في الدولة.
التأثّر بالوالدين
• والدك القاضي الراحل خليل جريج من كبار القانونيين في لبنان، فلماذا لم تنضمّ إلى الجسم القضائي، وآثرت المحاماة؟.
– كان يمكن أن انضمّ إلى الجسم القضائي وهو شرف للإنسان، ولكنّني آثرت الحرّيّة في العمل، وأعتقد أنّ المحاماة تساهم في تحقيق العدالة مثل القضاء، وهذه طريق سرت فيها، وربّما معاناة والدي في القضاء لم تشجّعني كثيراً على سلوك هذه الطريق.
ولقد أثّر فيّ والدي كثيراً، وكنت معجباً بقدرته العلمية، وتجرّده، ونزاهته، وكان رجلاً حكيماً، وكلّ هذه الصفات التي كان يتمتّع بها لا بدّ أنّها أثّرت بي، ودائماً كلّما أقوم بعمل ما، أفكّر في قرارة نفسي، عمّا كان يمكن أن يكون عليه رأيه في هذا العمل.
• بماذا أثّر فيك والدتك إميلي أسعد ضو؟.
– والدتي من بيت سياسي في البترون، فوالدها محام، وشقيقها يوسف ضو نائب دستوري، وكانت كثيراً تساعد شقيقها في حملاته الانتخابية وتضطرّ إلى ترك المنزل فترة شهر تقريباً من أجل مرافقته في زيارة القرى، وكانت لديها خيارات سياسية معيّنة، وكانت تملك شخصية قويّة، وأنا تأثّرت بها في هاتين الناحيتين.
على أنّ أهمّ شيء أخذته عن والدي ووالدتي هو ابتعادي عن الطائفية نهائياً، ولم يكونا يميّزان بين المسلم والمسيحي وعشت في بيئة غير طائفية، وكان أصدقاؤهما من كلّ الطوائف.
عشق “نهج البلاغة”
• أنت من المعجبين بالإمام علي بن أبي طالب(ع) في كتابه “نهج البلاغة”، فكيف تصف قراءاتك المتسلسلة له؟.
– أنا معجب بالإمام علي. ونهج البلاغه أهمّ كتاب في اللغة العربية، وأقرأه دائماً، وأحتفظ بنسختين منه في المنزلين الصيفي والشتوي، وهو يتضمّن حكمة كبيرة وبُعْداً دينياً وثقافياً ومعرفة عميقة بطبيعة الإنسان؛ دائماً أستشهد بأقواله الرائعة كقوله مثلاً: “والناس من خوفهم من الذلّ، في ذلّ”. على الإنسان ألاّ يخاف، وكان الإمام علي يدعو إلى الشجاعة وقول كلمة الحقّ.

رمزي جريج وإلغاء الطائفية
لا يكتفي الوزير رمزي جريج بالمطالبة بإلغاء الطائفية السياسية من النصوص، بل سبق كثيرين في إلغائها من النفوس بحكم تربيته في منزل لم يسمح للطائفية والمذهبية المقيتة أن تدخل إليه،لا بل إنّه دفع ثمنها غالياً باستبعاد الوالد القاضي خليل جريج عن تولّي منصب الرئيس الأوّل لمحكمة التمييز ورئاسة مجلس القضاء الأعلى باعتبار أنّه من طائفة الروم الأرثوذكس، فيما هذا المنصب بحكم التوزيع الطائفي المعتمد عرفاً في لبنان، مخصّص للطائفة المارونية.
وفي مكتبه الحقوقي الكبير الذي يحمل اسمه “رمزي جريج وشركاه”، فلا أثر للطائفية على الإطلاق، فشريكه هو وزير العدل ونقيب المحامين السابق شكيب قرطباوي، وهو ماروني، وسكرتيرته الخاصة من مناصري “التيّار الوطني الحرّ”، فيما سكرتيرة قرطباوي من مؤيّدي ” 14 آذار”، ويضمّ المكتب محامين من كلّ الطوائف والملل والمذاهب، ومن مختلف المناطق اللبنانية، ويعملون متكاتفين متضامنين لإنجاح أعمالهم المشتركة، ومن دون تفرقة أو تمييز، فيا ليت هذه المحبّة المثالية تكون نموذجاً يعمّم على كلّ اللبنانيين وفي كلّ البيوتات، من أجل وطن أفضل للإنسان، ولا قيمة لإنسان يعيش بدون محبّة.
(نشر في مجلّة “محكمة” – العدد 4- شباط 2016)

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!