مقالات

هل لا يزال البروفسور بول هوفلان على حقّ؟/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
لا يمكننا ونحن نرى صورة وطننا لبنان تتغيّر، إلاّ وأن نحزن.
1- تتغير العقلية. من عقلية تقدس العائلة وتحترمها إلى عقلية ميليشيوية في التفكير والتحليل والتصرّف والخطابات والكتابات. لا بل أكثر من ذلك، كان الأبناء يسمّون أودلاهم على أسماء آبائهم حتّى يضطرّ الولد إلى المحافظة على الاسم ولا يحيد عن المبادئ، فصاروا يستلهمون أسماء أجنبية لأنّها على الموضة. يوم ولد المحامي اوغست قيصر باخوس، اختار والداه تسميته على اسم جدّه النائب المحامي اوغست، يومها قال لي: سوف يضطرّ إلى المحافظة على إسمه وعدم التفريط به. ومضطر يلحق إسمو.
2- تتغيّر العقلية من عقلية البراءة واللهفة التي يتميّز بها الشعب اللبناني وخصوصاً في جباله، والبساطة، إلى عقلية المصلحة والقسوة والتخطيط لجني الاموال بأيّ وسيلة.
3- تتغيّر العقلية من التقدّم الجدّي الحقيقي إلى التقدّم المصطنع. يحاولون تقليد الغرب. ولكن ليتهم يقلّدونه بالعلم والتكنولوجيا. يأخذون منه الأمور السيئة.
يوم كنّا لا نزال طلاّباً في كلّية الحقوق في الجامعة اليسوعية، وتحديداً في العام 1979، قال البروفسور جورج خديج أنّه لن يسامح الغرب بسبب تصدير “الجينز” إلى بلادنا. ولدى استغراب الطلاّب كلامه، وشعوره بذلك، أردف قائلاً: اليوم تبدأ بالجينز، وغداً بالشعر الطويل “والحلق في الأذن والأنف” وبعد غد الله يستر. ليتهم يصدّرون إلينا التكنولوجيا ونتلقّفها ونستفيد منها.
4- أين هو اليوم لبنان الحضارة ومكافحة الفساد والتقدّم؟
لقد انتقلنا من لبنان النهب الخفيف (إذا قلنا عكس ذلك لا نكون واقعيين ولا نقول الحقيقة) إلى النهب القوي الذي لا حدود له.
وانتقلنا من لبنان الكذب الخفيف إلى لبنان النفاق (وما أدراكم ما هو النفاق الذي نشاهده ونلمسه يومياً).
كما انتقلنا إلى لبنان الذي يتحكّم به من لا يجب أن يكونوا في مواقع المسؤولية. ألم تكتب المحامية الدكتورة سمر حدّاد:”مأساة الوطن عندما يتحكّم جهلة بعقلائه”؟
والأنكى من كلّ ذلك، أن لا بوادر حلّ في الأفق القريب. وينتفض من ينتفض من دون برنامج أو خطّة مدروسة، فيذهب العاشق ويأتي المشتاق، في ظلّ هذا الانقسام العامودي في البلد، والذي لا يبشر بالخير، وفي ظلّ عدم التماسك الداخلي.
في حرب فيتنام، وعندما استعملت لأوّل مرّة في المعارك الطائرات العملاقة بـ 52، ومدافع الميدان من عيار 155. سأل آنذاك الصحفيون أحد الفيتكونغ البارزين الجنرال “غياب” وهو كان في الأساس محاميا. سئل بأيّ قوّة سوف تواجهون هذه الحمم التي ستسقط عليكم، وأنّ منازل قراكم مصنوعة من ورق الموز والنباتات في غالبيتها؟
أجابهم الجنرال مستلهماً حكمة الشرق العميقة فقال: “يتكيّف الإنسان مع الجوّ الخارجي بسهولة مذهلة فيعيش بدون خطر في جوّ حرارته أربعين درجة فوق الصفر، كما يعيش في جوّ حرارته أربعين درجة تحت الصفر إنّما لا يقدر أن يستمرّ في الحياة إذا تدنّت حرارته الداخلية درجة واحدة.
وأضاف الجنرال غياب قائلاً: إذا استمرّت جبهتنا الداخلية متماسكة لا يعتورها أيّ خلل فسوف نقاوم ونصمد مهما اشتدت علينا الضغوط من الخارج فسنقاومها بالتكيّف معها وننتصر عليها”.
***
تُرى، هل سيعود لبنان كما كان؟ وهل ستبقى نظرية البروفسور بول هوفلان، مؤسّس الجامعة اليسوعية، صحيحة؟
فقد تأسّست الجامعة اليسوعية بتاريخ 14 تشرين الثاني 1913. وقد اختار البروفسور بول هوفلان بيروت مركزاً لتلك الكلّية دون سائر المدن في البلدان الأخرى من العالم، وبرّر ذلك بسبب وجيه ومهمّ وهو الآتي: من المعلوم أنّ بيروت كانت مركزاً لمدرسة الحقوق الرومانية بحيث أطلق عليها لقب “مرضعة القوانين.” “بيروت أم الشرائع”. فقال البروفسور هوفلان عبارته الشهيرة:”إنّ المناخ لم يتغيّر، والسلالة بقيت هي ذاتها ولا حجّة في عدم إعطاء الأرض الثمار ذاتها”.
Deux des plus grands jurisconsultes dont fait mention l’histoire sont nés dan cette region , Ulpien et Papinien respectivement originaires de tyr et de homs. « le climat n’a pas changé. la race est restée la meme et il n’y a pas de raison pour que le mëme sol ne porte pas les mëmes fruits. Nos éléves n’ont qu’a suivre les travaux d’un ancëtre » en un mot. Beyrouth peut assumer de nouveau, Le rôle qu’a joué jadis l’Ecole romaine de droit de Beryte, rôle qui lui valu le titre flatteur de « nutrix legum » ou « mere nourriciére des lois »
***
تُرى متى ينبلج فجر لبنان، ويعود منارة الشرق في العلم والثقافة والإقتصاد وتترسّخ قناعة البروفسور بول هوفلان؟
“محكمة” – الأربعاء في 2020/5/27

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!