علم وخبر

لا ترك للمأجور حتّى ولو اقتصر النشاط على بيع بعض الحلي “الفوبيجو”/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
بحثت محكمة الاستئناف المدنية في بيروت – الغرفة الحادية عشرة والمؤلّفة من القضاة الرئيس أيمن عويدات والمستشارين جهينة دكروب (منتدبة) وكارلا معماري، مفهوم الفقرة /و/ من المادة العاشرة من القانون رقم 92/160 المتعلّقة بترك المأجور، فاعتبرت أنّ الترك المقصود هو الترك المادي الموضوعي المجرّد عن أيّة أسباب أخرى غير السبب الأمني، بحيث لا ينظر إلى نيّة المسـتأجر في التنازل عنه أو التخلّي عن إجارته.
كما اعتبرت المحكمة أنّ النشاط التجاري قائم في المأجور وإن اقتصر فقط على بيع بعض الحلي “الفوبيجو”، أو تراجع العمل التجاري.
وقضت بتصديق الحكم الابتدائي الذي قضى بردّ الدعوى.
وممّا جاء في القرار الصادر بتاريخ 2020/2/13
ثانياً: في الأساس
وحيث إنّ الجهة المستأنفة تطلب فسخ الحكم الإبتدائي المنتهي إلى ردّ الدعوى المقامة من قبلها والرامية إلى إسقاط حقّ المستأنف عليه بالتمديد القانوني وإلزامه بإخلاء المأجور الكائن في العقار رقم /762/ رأس بيروت، لعلّة الترك، مدليةً بأنّ الخبير سعيد جابر أثبت في تقريره بأنّ المستأنف عليه مريض لا يستطيع إنزال الباب الجرّار، وأنّ الصور المرفقة بالتقرير تظهر الأوساخ داخل المحلّ وخلوِّه من البضاعة باستثناء بعض حليّ الفوبيجو التي يمكن تعدادها على أصابع اليد الواحدة، ما يثبت أنّ المستأنف عليه قد ترك المأجور وأهمله، وأنّه على المستأنف عليه أنّ يثبت عدم تركه للمأجور لإثبات حقّه بالتمديد وردّ دعوى الإسقاط،
وحيث إنّ المستانف عليه يطلب من جهته تصديق الحكم الإبتدائي القاضي بردّ طلب إسقاط حقّه بالتمديد القانوني للإجارة موضوع النزاع لعدم إثبات الجهة المستأنفة لتركه للمأجور،
وحيث إنّ طلب الإسقاط من حقّ التمديد يخضع للقانون الذي في ظلّه حصلت الواقعة المؤدّية إلى الإسقاط من حقّ التمديد،
وحيث إنّه ولئن قدّمت الدعوى الراهنة بتاريخ 2014/5/21 أيّ خلال الفترة التي سمّيت في حينها بالفراغ التشريعي، إلاّ أنّها أسندت إلى واقعتي الترك أو التنازل عن الإيجار المدعى بأنّهما حاصلتان في فترة سابقة، ممّا يجعلها خاضعة للقانون رقم 92/160 سيّما وأنّ الخبرة المسند إليها طلب الإسقاط منظّمة عام 2012 أيّ أثناء نفاذ قانون الإيجارات الإستثنائي الآنف الذكر، فضلاً عن أنّ مفهوم الترك سواء في القانون 92/160 وفي قوانين الإيجارات التي صدرت عام 2014 وعام 2017 هو نفسه،
وحيث إنّه ممّا لا نزاع حوله أنّ المأجور موضوع الدعوى مؤلّف من طابق أرضي يعلوه متخّت ومن طابق سفلي (مستودع) وإنّه بعد تنازل شركاء المستأنف عليه عن حقوقهم في إجارة المأجور المذكور للمستأنف عليه، أضحى هذا الأخير وحده المستفيد من التمديد القانوني للإجارة موضوع النزاع،
وحيث من الثابت وفق المستندات المبرزة بدايةً واستئنافاً أنّ الإجارة موضوع النزاع تتعلّق بمأجور معدّ للتجارة العامة، ما يوجب تطبيق أحكام المادة /14/ معطوفة على المادة /10/ من القانون 92/160،
وحيث إنّه سنداً للمادة /10/ فقرة (و) من القانون رقم 92/160 “يسقط حقّ المستأجر بالتمديد ويحكم عليه أو على من يحلّ محلّه قانونياً بالإخلاء إذا ترك المأجور لأسباب غير أمنية مدّة سنة بدون انقطاع اعتباراً من تاريخ نفاذ هذا القانون ورغم استمراره في دفع الإيجار…”،
وحيث إنّه يستفاد من الفقرة المذكورة أنّ الترك لمدّة تتعدّى السنة يؤدّي إلى الإسقاط من حقّ التمديد، باستثناء حالة الترك لأسباب أمنية،
وحيث إنّ الترك المقصود هو الترك المادي الموضوعي المجرّد عن أيّة أسباب أخرى – سوى السبب الأمني- بحيث لا ينظر إلى نيّة المستأجر في التنازل عنه أو في التخلّي عن إجارته وإن كان هذا المستأجر يرغب في الإحتفاظ بالمأجور، إذ العبرة فقط في استمرارية الإشغال من دون الإنقطاع عنها لمدّة سنة كاملة،
وحيث إنّ الجهة المستأنفة تدلي بترك المستأنف عليه للمأجور موضوع النزاع، فيكون واجباً عليها إثبات هذا الترك المسقط للتمديد القانوني للإجارة موضوع النزاع، علماً بأنّ واقعة الترك المشار إليه هي واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة وسائل الإثبات،
وحيث إنّه يتبيّن من تقرير الخبير المعيّن من قبل قاضي الأمور المستعجلة، والذي أجرى الكشف على العقار حيث المأجور موضوع النزاع في عام 2012:
– إنّ الخبير لم يجد المستأنف عليه في المأجور أثناء إجرائه للكشف في 2012/6/20 وسأل أحد الأشخاص، الذي لم يصرِّح عن اسمه، وهو يعمل في محلّ للأحذية فأفاده بأنّ المحلّ المقفل والذي بابه الجرار مفتوح وواجهته مطلّة على الشارع والمطلّة سنتر من الداخل هو للسيّد منير ديّة وشقيقه وهما يحضران يومياً للمحلّ صباحاً ساعتين ولا يمارسان أيّ تجارة داخله ويدفعون بدلات الإيجار،
– وأثناء الكشف المجرى من الخبير تبيّن له أنّ بعض الأشخاص يقومون بإقفال الجرّار الحديدي لمحلّ المستأنف عليه وأُفيد الخبير بأنّ ذلك يتمّ كون المستأنف عليه مريضاً ولا يستطيع إنزال باب المحلّ الجرّار،
– إنّ الخبير أجرى الكشف مجدّداً على المأجور بتاريخ 2012/7/16، حيث وجد المستأنف عليه داخله كما وجد داخل المحلّ آلة حاسبة وتلفزيوناً ومروحة وبعض الخواتم المعروضة في الواجهة والحلق المعروض داخل إحدى الواجهات في المحلّ، والمحلّ يحتوي على متخّت عبارة عن مستودع موجود داخله بعض الواجهات للمحلّ، وسفلي مستودع داخله بعض الواجهات المهملة والموجودة في الأسفل، وأنّ الآلة الحاسبة قديمة داخلها جارور، وقد أفاد المستأنف عليه بأنّه يشغل المحلّ منذ سنة 1975 ويستعمله محلّاً لبيع الحلق والخواتم المعروضة في الواجهات وقطع هدايا وشماسي وهو يفتح المحلّ يومياً من الساعة التاسعة والنصف صباحاً حتّى حوالي الثالثة بعد الظهر وبيته قرب المحلّ وهو يدفع الإيجار السنوي ليد المحامي رئيف عبد الصمد وآخر دفعة دفعها عن أوّل سنة 2012، وأنّ المحلّ مستأجر منه ومن شقيقه سمير ديّة،
– إنّ الخبير عاد وأجرى كشفاً ثالثاً بتاريخ 2012/7/19 حيث التقى بالمستأنف عليه في المحلّ موضوع النزاع وتسلّم منه نسخة عن عقد الإيجار غير موقّع من المؤجّر منذ العام 1975 ونسخة عن عرض فعلي وإيداع موجّه إلى المحامي رئيف عبد الصمد بوكالته عن بدر عبد العزيز علي إبل مؤرّخ في 2012/4/5،
– أوضح الخبير في نهاية تقريره بأنّ المحلّ موضوع النزاع يحمل الرقم 6 ويتعلّق به عقد إيجار عائد لعام 1975 باسم المستأنف عليه وشقيقيه، وكذلك إيداع بالبدلات لدى الكاتب العدل باسم المحامي رئيف عبد الصمد عن حصّة موكّليه، وأنّ المحلّ والمستودع والمتخّت مهملان،
– إنّ إدلاء الجهة المستأنفة بأنّ المستأنف عليه قد ترك لبنان منذ فترة طويلة وهاجر إلى الخارج قد بقي مجرّداً عن أيّ إثبات،
وحيث تبعاً للوقائع الآنف ذكرها لا يتبيّن أنّ المأجور موضوع النزاع قد أقفل بشكل نهائي وكامل، وأنّ المستأنف عليه قد توقّف عن ممارسة نشاطه التجاري بشكل كامل،
وحيث طالما أنّ النشاط التجاري قائم في المأجور – وإنْ اقتصر فقط على بيع بعض الحليّ الفوبيجو، أو تراجع العمل التجاري- فإنّ ذلك لا يفيد تحقّق شرط ترك المأجور مدّة سنة دون انقطاع الواجب إثباتها للإسقاط من حقّ التمديد القانوني للإجارة، على ضوء ثبوت تواجد المستأنف عليه في المحلّ موضوع النزاع ووجود بعض البضاعة في المحلّ المذكور،
وحيث إنّ قِدَم محتويات المحلّ وأجزائه ليس من شأنه إثبات الترك المسقط للحقّ بالتمديد، بمعزل عن ارتباط هذه الواقعة بوقائع وأدلّة وقرائن معزّزة لواقعة الترك المسقط،
وحيث إنّه تبعاً لذلك، يكون الحكم الإبتدائي المنتهي إلى ردّ الدعوى واقعاً في موقعه القانوني الصحيح ممّا يتوجّب معه ردّ الإستئناف أساساً وتصديق الحكم المستأنف،
وحيث بنتيجة الحلّ المساق، تغدو سائر الأسباب أو المطالب الزائدة أو المخالفة مستوجبة الردّ إمّا لكونها لاقت ردّاً ضمنياً أو لعدم تأثيرها على النزاع، بما فيها طلب العطل والضرر لعدم تحقّق شروط ذلك،
لـــذلــك،
تقرِّر بالإجماع:
1- قبول الإستئناف شكلاً.
2- ردّ الإستئناف أساساً وتصديق الحكم المستأنف.
3- ردّ سائر الأسباب أو المطالب الزائدة أو المخالفة، بما فيها طلب العطل والضرر.
4- مصادرة التأمين الإستئنافي، وتضمين الجهة المستأنفة الرسوم والنفقات القانونية.
قراراً صدر وأفهم علناً في بيروت بتاريخ 2020/2/13
“محكمة” – الإثنين في 2020/6/15

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!