مقالات

للبنان”مختاره”.. القاضي محمّد مازح/ليال طفيلي

ليال كايد طفيلي*:
إقرأوا بعضاً من سطور هذه الرسالة:”إنّ القضاة التونسيين مقهورون في كلّ مكان على التصريح بأحكام منزلة لا يمكن أن ينال منها أيّ وجه من الطعون ولا تعكس القانون إلاّ كما أريد له أن يقرأ … تحوّلت الإستقلالية إلى استقالة وتبرّم لدى كلّ القضاة الحقيقيين المحيدين والممنوعين من الاضطلاع بدورهم وتحمّل مسؤولياتهم وتفعيل كفاءاتهم في خدمة القضاء والوطن.”
هذه الرسالة وجّهها القاضي التونسي مختار اليحياوي عام ٢٠٠١ للرئيس زين العابدين بن علي وانتقد فيها تدخّل السلطة باستقلالية القضاء. وكانت سبباً بعزله من منصبه والتضييق عليه.
واليوم قرار قضائي وطني بامتياز صُدّق بإرادة شعب ثائر وأُفهم بجرأة وقوّة، يحيل القاضي محمّد مازح للمساءلة!… والمؤسف أنّ شريحة من المواطنين هاجمت القرار بدافع من حقدها ولو كان موقفها سيجعلها طرفاً بمواجهة وطنها.
ألم يكن من الأجدر أن يُساءل من يبرئ العملاء؟ من لا يملك الجرأة على توقيف سارقي أموال المواطنين؟ من يدعمون حكّام الوطن وتجّاره؟
فمن يسمع ما جاء على لسان السفيرة الأميركية سيؤيّد القرار من الدقائق الأولى، ليس لأنّه مبعث فتنة فحسب، بل لما فيه من تدخّل واضح في شؤون وطننا وتحدّ قوي على عدم إمكانية التفلّت من التبعية الأميركية واستمرار الرضوخ تحت رحمتها. وهذا ما يشكّل انتهاكاً لنصّ المادة ٤١ من إتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية التي تلقي على عاتق الممثّل الدبلوماسي واجب عدم التدخّل في الشؤون الداخلية للدولة المضيفة.
على أيّة حال، هذا القرار أعاد اعتبار وطن لم تسلم خاصرته من سكاكين حكّامه وأحزابه دون استثناء… وتوّج قاضيه برتبة ثائر حتّى أصبحنا نقول بكلّ فخر أنّ لنا “مختارنا”.
أمّا قضاؤنا، فهو جزء من هذه الدولة وسيبقى طرفاً أصيلاً في هذا المشروع الذي نسعى لإحيائه من جديد…. “مشروع الدولة”.
*ماجستير في القانون العام- الجامعة اللبنانية.
“محكمة” – الإثنين في 2020/6/29

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!