أبرز الأخبارعلم وخبرميديا

إلزام مدرسة بتسليم تلميذ إفادة مدرسية وإنْ لم يسدّد أهله كامل القسط/علي الموسوي

كتب علي الموسوي:
في قرار مهمّ على أبواب عام دراسي جديد تصادف شريحةٌ لا بأس بها من الأهالي موضوعَهُ، ولاسيّما في ظلّ الوضع الإقتصادي المتردّي وتراجع قيمة العملة الوطنية والقوّة الشرائية للرواتب والأجور مقارنة بارتفاع كلفة المعيشة، ألزم قاضي الأمور المستعجلة في النبطية أحمد مزهر المدرسة الانجيلية في النبطية بتسليم والد أحد تلامذتها إفادة مدرسية تؤكّد إنهاءه بنجاح الصفّ الذي كان يدرس فيه مع أقرانه، حتّى ولو لم يكن قد برأ ذمّته ودفع كلّ الأقساط المالية المترتّبة عليه.
واعتبر مزهر في قراره المؤلّف من ثلاث صفحات”فولسكاب” أنّ حبس المدرسة للإفادة، يلحق ضرراً كبيراً بالتلميذ قد يصل إلى حرمانه حقّه في تلقّي التعليم في مدرسة أخرى، وبالتالي، إعاقة حقّه الطبيعي والمنصوص عليه في اتفاقية حقوق الطفل الصادرة في العام 1989 في تحصيل علومه بالشكل المطلوب، ولا يجوز للمدرسة أن تقف حجر عثرة أمام هذا الحقّ حتّى ولو كان هناك نزاع بينها وبين الأهل على متوجّبات مالية يمكن معالجتها أمام القضاء على حدة، وهو ما تبيّن من أوراق الملفّ، إذ إنّ المدرسة أقامت دعويين جزائية ومدنية على الأب لإلزامه بدفع مستحقّاتها المالية نتيجة تقديم خدمة التعليم لإبنه ضمن صفوفها.
وبطبيعة الحال، لا يحقّ للمدرسة أن تمنع التلميذ من الإلتحاق بمدرسة أخرى لاستكمال دراسته، وليس من حقّها على الإطلاق، أن تؤخّر هذا الإلتحاق الطبيعي أسوة بكلّ الطلاّب من أبناء جيله، باعتبار أنّ حقّ التعلّم مكرّس قانوناً، حتّى ولو لم تقبض كامل حقوقها المادية من ذويه، ويمكنها أن تسلك الطرق القانونية لنيل مالها، غير أنّ الأفضلية تبقى للتلميذ في أخذ الإفادة للإنضمام إلى مدرسة أخرى، وهذا الحقّ يتقدّم على حقّ المدرسة، ذلك أنّ حجب الإفادة عنه قد يؤخّر تعلّمه ويفضي إلى خسارة سنة من عمره لا تعوّض.
وقد حدَّد المحامي هيثم عزّو في متن الاستدعاء المقدّم منه للقاضي مزهر، الأسباب القانونية الموجبة لعدم جواز حبس المدرسة الإفادة المدرسية إلى حين استيفائها كامل الأقساط، باعتبار أنّ ذلك يحول دون متابعته لتعليمه وتسجيله في مدرسة ويفوّت عليه سنة دراسية، وهذا كاف بمفرده، لكي يتدخّل قاضي العجلة سنداً لأحكام المادتين 589/579 أصول مدنيَّة من أجل منع الضرر الفادح الداهم الواقع على الحقّ الشخصي الإنساني للطالب لكون الحقّ في التعليم هو أحد حقوق الإنسان الأساسية السامية المكرّسة في المعاهدات والإتفاقيات الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وهي تسمو بطبيعة الحال، على الحقوق ذات الطابع المالي.
“محكمة” تنشر النصّ الحرفي لقرار القاضي مزهر:
باسم الشعب اللبناني
إنّ قاضي الأمور المستعجلة في النبطية،
لدى التدقيق،
تبيّن ما يأتي:
أنّه بتاريخ 2020/8/12 تقدّم السيّد ي. ب. بولايته الجبرية على ابنه ح. ب. بواسطة وكيله المحامي هيثم عزّو باستدعاء عرض فيه أنّه سجّل ابنه لدى المدرسة الوطنية الإنجيلية في النبطية لتلقّي التعليم عن العام الدراسي 2020/2019 وأنهى عامه الدراسي بنجاح إلاّ أنّ المدرسة رفضت تسليمه الإفادة المدرسية لعدم تسديده بعض المتأخّرات المالية ممّا قد يمنعه من استكمال تحصيله العلمي للعام الدراسي الجديد ويلحق ضرراً كبيراً بمستقبله، ممّا يشكّل خطراً داهماً ومحدقاً يستوجب تدخّل قضاء الأمور المستعجلة، وطلب إلزام المدرسة الإنجيلية الوطنية في النبطية بتسليمه الإفادة المدرسية العائدة لولده ح. عن العام الدراسي 2019/2020 تحت طائلة غرامة إكراهية مقدارها ألف د.أ عن كلّ يوم تأخير وعلى أن يكون القرار نافذاً على أصله،
وأنّه بتاريخ 2020/8/17 تقدّمت المستدعى ضدّها بواسطة وكيلها المحامي رفيق حمدان بلائحة ملاحظات أدلت فيها بوجوب ردّ طلب المستدعي لأنّ القرار المطلوب إستصداره سيأتي بصيغة أنظمة، ولعدم اختصاص قضاء الأمور المستعجلة لأنّ المستدعي اختلق العجلة وإنّ عدم إعطائه الإفادة سببه عدم تسديده المستحقّات المترتّبة بذمّته،
حيث، ومن جهة أولى، فإنّ البتّ بطلب المستدعي في إطار الملفّ الراهن لا يخالف نصّ المادة 3 من قانون أصول المحاكمات المدنية لأنّ القرار الذي يمكن أن يصدر بقبول طلبه لا يؤلّف نظاماً reglement بمفهوم المادة المذكورة، إذ هو لا يستهدف أشخاصا غير محدّدين بالذات، بل هو قرار نسبي في نزاع واقع بين طرفين، فتردّ إدلاءات المستدعى ضدّها المخالفة لعدم قانونيتها،
حيث، ومن جهة ثانية، فإنّ اختصاص المجالس التحكيمية التربوية وعلى فرض ثبوته في إطار النزاع العالق بين طرفي الملفّ الحاضر، لا يمنع قضاء العجلة من ممارسة صلاحياته المنصبّة على اتخاذ تدابير إحتياطية لحفظ الحقوق ومنع الضرر دون المساس بأساس النزاع، فيردّ الدفع بعدم الإختصاص لهذه الناحية،
حيث، ومن جهة ثالثة وأخيرة، فإنّ الفقرة الأولى من المادة 579 أ.م.م أجازت لقاضي الأمور المستعجلة اتخاذ التدابير المستعجلة في المواد المدنية والتجارية دون التعرّض لأصل الحقّ، كما أجازت المادة 589 أ.م.م إتخاذ التدابير الرامية لحفظ الحقوق ومنع الضرر،
وحيث إنّه سنداً لاتفاقية حقوق الطفل تاريخ 1989/11/20 والتي انضمّ إليها لبنان بموجب القانون رقم 1990/20 والتي تتقدّم في التطبيق على أحكام القانون الداخلي عملاً بنصّ المادة 2 أ.م.م، فإنّ الحقّ في التعليم هو من حقوق الطفل الأساسية التي لا يمكن حرمانه منها ولا ينبغي لأيّ نزاع بين ولاة أمره والمدرسة أن يؤثّر على حقوق الطالب وعلّة واقعه التعليمي،
وحيث إنّه وإذا جاز للمدرسة المستدعى ضدّها حبس الإفادات المدرسية لحين تسديد المستدعي للأقساط المتوجّبة عليه، كما تدلي في لائحة ملاحظاتها، فإنّ حقّها ينحصر فقط في الإمتناع عن تقديم خدمة التعليم ولا يسعها إنكار واقع إبن المستدعي الدراسي والتمنّع عن إعطاء الإفادة التي تثبته ليس إلاّ،
وحيث إنّ تمنّع المدرسة المستدعى ضدّها عن إعطاء إبن المستدعي الإفادة المدرسية العائدة له، يؤدّي حتماً إلى الحيلولة بينه وبين حقّه في التعليم من خلال إعاقة انتسابه إلى مدارس أخرى ويتسبّب بخسارته لسنة دراسية على الأقلّ ممّا يلحق به ضرراً محدقاً وأكيداً لا يقاس مع أيّ ضرر ناجم عن تخلّف المستدعي عن دفع قيمة القسط المتوجّب للمستدعى ضدّها، ويخالف أحكام إتفاقية حقوق الطفل المشار إليها أعلاه،
وحيث يكون تمنّع المدرسة المستدعى ضدّها عن إعطاء الإفادة المدرسية المطلوبة لإبن المستدعي غير مبرّر على نحو كاف، وينطوي على خرق واضح لحقوق الطفل الأساسية لأنّه سيعرقل انتسابه إلى مدرسة أخرى لمتابعة تحصيله العلمي كما يمنع إثبات وضعه الدراسي المكتسب على نحو لا يمكن للمدرسة المستدعى ضدّها إنكاره والحؤول دون إعطائه مفاعيله القانونية،
وحيث من الثابت بالرجوع إلى مجمل الأوراق، أنّ المدرسة المستدعى ضدّها قد تقدّمت بدعوى جزائية ودعوى مدنية للمطالبة بحقوقها المالية بوجه المستدعي، فتكون حقوقها لهذه الناحية مصانة ولا يجوز لها الإمتناع عن إعطائه الإفادة المدرسية لابنه للسبب المادي المذكور،
وحيث يقتضي تأسيساً على ذلك إجابة الطلب وتقرير اتخاذ التدبير المطلوب،
لذلك،
يقرّر وسنداً للمادة 579 معطوفة على المادة 589 معطوفة على المادة 604 من قانون أصول المحاكمات المدنية الجديد، ما يلي:
أوّلاً: إلزام المدرسة الإنجيلية الوطنية في النبطية بتسليم المستدعي الإفادة المدرسية العائدة لولده ح. عن العام الدراسي 2020/2019 فوراً، على أن تكون منظّمة حسب الأصول، مع كلّ المستندات المرتبطة بها، والتي تمكّنه من متابعة تحصيله العلمي، تحت طائلة غرامة إكراهية مقدارها خمسة عشر مليون ل.ل عن كلّ يوم تأخير في تنفيذ القرار الراهن، بالنظر لطبيعة المصلحة المحمية،
ثانياً: إبلاغ نسخة عن القرار الراهن من مصلحة التعليم الخاص في وزارة التربية الوطنية،
قراراً معجّل التنفيذ نافذاً على أصله صدر في النبطية بتاريخ 2020/8/31.
“محكمة”- الأربعاء في 2020/9/2
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يمنع منعاً باتاً نسخ أكثر من 20% من مضمون الخبر، مع وجوب ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!