أبرز الأخبارمقالاتميديا

المحامون غاضبون من فهمي ونقابتيهم/علي الموسوي

كتب علي الموسوي:
منذ بدء سريان مفعول قرار وزير الداخلية والبلديات العميد المتقاعد محمّد فهمي بشأن الإقفال العام والتام في لبنان بهدف التخفيف قدر المستطاع، من جموح جائحة “كورونا” وتسيير المداورة بين السيّارات بين لوحات تنتهي بأرقام مفردة وأخرى مزدوجة، والمحامون في نقابتي بيروت وطرابلس مستاؤون وغاضبون.
وقد سعى المحامون منذ اللحظة الأولى لصدور القرار الهمايوني المتعارض مع قرار المجلس الأعلى للدفاع الذي استثنى المحامين أسوة بنقابات المهن الحرّة من تقييد تحرّكهم، إلى رفع الصوت عالياً سواء عبر التواصل المباشر مع مجلسي نقابتيهم في بيروت أو طرابلس، أو عبر مجموعات المحادثات الخاصة بهم عبر تطبيق”واتساب”، ولكن من دون أن يلقوا جواباً مقنعاً، لأنّ عناصر قوى الأمن الداخلي المعنية بتنفيذ قرار وزير الداخلية ثابرت وبشكل منتظم وغير اعتيادي، على تنظيم محاضر ضبط بحقّ من تعتبرهم من المحامين مخالفين وغير ملتزمين بـ”المفرد” و”المجوز”، مع ما يترتّب على ذلك من إضرار بمصالحهم وبمصالح من يتمّ توقيفه خلال فترة الإقفال العام بجرم معيّن سواء أكان هذا الجرم صحيحاً أم لا.
ولم يفهم المحامون ما أسموه “رضوخ” نقابتيهم على غير العادة للسلطة السياسية، وهما اللتان لعبتا دوراً رئيسياً في إجبار هذه السلطة باختلاف عهودها، على تغيير الكثير من مواقفها، ذلك أنّ نقابة المحامين في بيروت وطرابلس ليست نقابة عادية في الحركة السياسية في لبنان ولطالما رفدتها بالكثير من الشخصيات المرموقة في مواقع متقدّمة في الدولة في رئاسات الجمهورية والمجلس النيابي والحكومات، فضلاً عن الوزراء والنوّاب ورؤساء الأحزاب والتيّارات السياسية.
وإنْ صدر بيان عن نقابة بيروت يؤكّد الإلتزام بقرار المجلس الأعلى للدفاع الذي يعلو قرار وزير الداخلية لوجود رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء فيه، إلاّ أنّ هذ البيان لم يؤدّ الغاية المتوخّاة منه، فاستمرّ صراخ المحامين واستمرّ تنظيم محاضر ضبط المخالفات. ووصل الأمر بنقيب المحامين في بيروت ملحم خلف إلى الطلب من المحامين عبر إحدى مجموعات المحادثة عبر “واتساب”، بتوقيع المحضر حال تنظيمه وإضافة عبارة”مع التحفّظ” وتسليمه للنقابة لكي يجري إلغاؤه بالإتفاق مع قضاة محاكم السير إنطلاقاً من أنّ هذه المحاضر مخالفة لقرار المجلس الأعلى للدفاع، فيما يرى قانونيون أنّ قرار وزير الداخلية والبلديات هو “قرار تطبيقي” لقرار المجلس الأعلى للدفاع!
ولم يفهم المحامون قبول نقابتيهم على غير العادة بقرار الوزير فهمي، فيما الأولى والأجدر بحسب رأيهم، هو العمل على إلغائه، لا انتظار القضاء لكي يلغي محاضر الضبط. وهم استغربوا خفوت صوت النقيب خلف بعدما كان “يلعلع” في غير محطّة ومناسبة، فيما لم يُسمع هذه المرّة واقتصر حضوره على محادثة عبر “واتساب”!
ولا شكّ أنّ المحامين ولاسيّما العاملين منهم في الحقل الجزائي، محقّون في مطلبهم باستثنائهم لضرورات عملهم التي توجب عليهم أن يكونوا مستعدّين في حال توقيف موكّليهم، لأنّ التوقيف في المخافر والفصائل لا يعترف بـ”مفرد” أو”مجوز”، وبالتالي، فإنّ قرار الوزير فهمي ينعكس سلباً على التحقيق الأوّلي الذي بات حضور المحامي لمجرياته إلزامياً بحكم القانون رقم 2020/191، وقد يعطّل حصوله في الوقت المناسب لعدم قدرة المحامي على الوصول.
كما أنّ تقييد حركة المحامين بمنعهم من السير بين الساعة الخامسة مساء والساعة الخامسة من صباح اليوم التالي، أمر غير جائز، حتّى ولو كانت لوحات سيّاراتهم تتيح لهم السير بشكل عادي، لأنّ التحقيق مع أيّ موقوف قد لا ينتهي قبل الساعة الخامسة مساء، مع الإشارة إلى أنّ قضاة النيابات العامة لا يردّون على اتصالات الضابطة العدلية بين الساعة الثانية والساعة الخامسة لأنّها فترة نقاهة وراحة لهم، وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ بعض قضاة النيابات العامة يتعمّدون استدعاء أيّ شخص تلقوا اتصالاً هاتفياً بشأنه من ذي حظوة وشأن، إلى التحقيق الأوّلي لدى الضابطة العدلية عند الساعة الواحدة ظهراً من أجل “إذلاله” “وفرك أذنه” وإرغامه على الإنتظار ما لا يقلّ عن أربع ساعات، إلى حين إعطاء إشارة الترك.
وإذا ما كان التحقيق مع مُحْتجز إدارياً أو مستدعى إلى التحقيق الأوّلي في مكان بعيد خارج العاصمة بيروت، وانتهى بعد الساعة الخامسة مساء، أيّ بعد سريان منع الخروج والولوج إلى الشوارع والطرقات، فكيف يعود المحامي إلى منزله؟ هل المطلوب منه أن يركن سيّارته على الطريق ويعود سيراً على الأقدام؟ أو يبيت في فندق فيدفع جزءاً من أتعابه ثمناً لذلك، وهو الذي ينتظر دعوى “من غيمة” في زمن القحط وتراجع الأعمال والدعاوى؟
وأمام معاناة المحامين ولا تزال هناك أيّام كثيرة على انتهاء مفعول قرار الإغلاق التام في البلاد، ما لم يجر تمديده بحسب “مزاج” جائحة “كورونا” وتغلغلها في صفوف المستهترين بالوقاية الإلزامية من كمامات وتعقيم وتباعد إجتماعي، فإنّ المطلوب من نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس المبادرة إلى إلغاء قرار الوزير فهمي من أجل حسن سير العدالة، والمحاماة أحد جناحيها على ما يقال، ومن أجل سمعة النقابتين وهيبتهما، وعملاً بمبدأ المساواة مع بقيّة نقابات المهن الحرّة من أطباء ومهندسين وصحافيين!
“محكمة” – الأربعاء في 2020/11/18

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!